يتحدث الناس عن الصوفي الشهير السيد أحمد البدوي، صاحب المقام الشهير في مدينة طنطا، وقد ذكرت العديد من الكتب السيد البدوي، حتى أن الدكتور عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر السابق، قدم كتابا عنه بعنوان "السيد أحمد البدوي .. رضى الله عنه".
يدور الكتاب حول سيرة وحياة القطب الصوفي الشهير السيد أحمد البدوي، ويعرض لجوانب من حياته وسلوكه وأثر طريقته.
يبدأ الكتاب بـ مقدمة، ويؤكد على أن التصوف ليس له تاريخ شخصي، وإنما هو إخلاص لله تعالى والسعي لتحقيق الفناء فيه، وينقل عن الشيخ البدوي قوله إن كتابه (إن وجد) لم يكن ليحدث عن نفسه، بل كان حديثاً عن الطريق والمنهج.
يشير الكتاب إلى أن آثار الصوفية في الهداية ضخمة، وهي آثار اجتماعية عميقة، ويؤكد أن التصوف يهتم بـ العلم بالأخلاق والفضيلة، وهو "العلم بما وراء الطبيعة"، وينقل عن الإمام الجنيد (الذي يعد إمام الطائفة) تأكيده الدائم على أن التصوف مقيد بالكتاب والسنة.
يتحدث عن العلم الوهبي والكسبي، حيث كان السيد أحمد البدوي يدرس القرآن والقراءات السبع، ويدرس الفقه على مذهب الإمام الشافعي.
وفي الفصل الأول قدم لمحات من حياة السيد أحمد البدوي
المولد والنسب: ولد السيد أحمد البدوي في فاس بأرض المغرب في سنة ٥٩٦ هجرية. وينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
الهجرة إلى مكة: بأمر من الله في الرؤيا، أمر الشريف (والد السيد أحمد) بالرحيل إلى الحجاز، وصل أحمد إلى مكة في الحادية عشرة أو أكثر من عمره، وبمجرد استقراره بدأ بـ حفظ القرآن وإتقان التجويد والقراءات، واشتغل بالفقه على مذهب الشافعي. وقد تميز بـ الفروسية والفتوة، ولُقب بـ "أبي الفتيان".

السيد البدوي
رحلته إلى العراق: استيقظ أحمد ذات يوم بأمر بالسفر إلى العراق وزيارة أوليائه. وقد بدأ الرحلة مع أخيه الشريف حسن في ربيع الأول سنة 634 هـ. وفي العراق، استقبله القطبين الكبيرين أحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني في رؤيا، وقالوا له: "يا أحمد لقد جئناك بمفاتيح العراق واليمن والهند والسند والروم والمشرق والمغرب بأيدينا.
العودة إلى مكة والتوجه إلى طنطا: عاد السيد أحمد إلى الحجاز سنة 635 هـ، ولزم العبادة والخلوة. بعد ذلك، توجه إلى طنطا بأمر من رؤيا رآها. وصل البدوي إلى طنطا وتجرد للعبادة على سطح المنزل.
ويخصص الكتاب أقساماً للرد على الاتهامات التي وجهت للسيد البدوي:
رد تهمة الجاسوسية الفاطمية: يؤكد الكتاب أن السيد أحمد البدوي لم يكن جاسوساً فاطمياً، ويشير إلى أن حياته خلصت لله، وكان دائم الصيام وقراءة القرآن، وكان منشغلاً بالبكاء والعبادة، وهو ما يتنافى مع حال الجاسوس، كما أن الدولة الفاطمية زالت قبل ميلاد السيد.
علاقته بالملك الظاهر بيبرس: يُذكر أن الملك الظاهر بيبرس كان يحترم السيد أحمد البدوي احتراماً عظيماً ويقدره تقديراً كبيراً، وكان يزوره ويتبرك به.
وقدم الفصل الثالث (الطريق: شكلاً وموضوعًا)
من الناحية الشكلية، يقتدي السيد أحمد البدوي بالرسول صلى الله عليه وسلم في لبس الأحمر، وقد اختار الراية الحمراء رمزاً لنفسه ولخلفائه من بعده.
أما الموضوع، فيتعلق بالشروط الواجب توفرها في حامل الشعار الأحمدي، وأولها الصدق. وتشمل الشروط الأساسية لطريقته:
التوبة الخالصة النصوح: وهي الخطوة الأولى واللبنة الأساسية في الطريق إلى الله.
الالتزام بالكتاب والسنة.
الصدق والصبر والصفاء وحسن الوفاء.
حسن الخلق.
أداء الفرائض والإكثار من النوافل.
الابتعاد عن الكذب، والتحلي بـ الورع وطهارة الذيل، وعفة النفس.
دوام الذكر بالقلب، وهو ركن قوي في الطريق، حتى لا ينقطع الذكر إلا بالوصول إلى الله. وقد سُئل السيد عن حقيقة الذكر، فقال: "أن يكون بالقلب ولا يكون باللسان فقط، فإن ذكر اللسان دون القلب شقشقة".