عامان من الإبادة الجماعية في غزة، ليصل الأطراف إلى النهاية، بعد نجاح مصر في نزع قرار وقف الحرب والتوقيع على وثيقة إنهائها، والبدء في مراحل تنفيذ الاتفاق، وهنا تحدث الكثير عن المنتصر والمنهزم، وما يحب وضعه عين الاعتبار، هو أن المقاومة الفلسطينية نجحت في تحقيق هدف إسقاط مبدأ الردع الإسرائيلى منذ يوم ٧ أكتوبر، من خلال الصمود الأسطورى لعامين فى وجه آلة حرب وتكنولوجيا وإعلام جبارة يأتيها المدد الذى لا ينقطع من كل مكان فى العالم.
والأهم أن هذا الصمود كشف الوجه الوحشى القبيح للاحتلال أمام العالم، لا سيما الأجيال الجديدة فى الغرب، وتحولت إسرائيل إلى دولة سيئة السمعة دوليا، كما تم إجبارها على الجلوس فى نهاية الأمر إلى طاولة المفاوضات، مقابل خسائر إنسانية وعسكرية وفى البنية التحتية فادحة إلى حد لا يمكن تجاهله أو إنكاره.
لكن، ما يجب الانتباه إليه، أن إسرائيل لا زالت في حالة الانتقام لتدميرغزة وتنفيذ مخطط التهجير، وعلى أمل أن تسمح لها نجاحاتها بفرض الهيمنة لاستعادة الردع الإسرائيلي الذى تنشده، مستغلة الشبكات السرية وعلاقات اللوبي الإسرائيلي والصهيونى لاخترق والسيطرة على مؤسسات التشريع والقرار والإعلام في الولايات المتحدة والغرب.
صحيح، أدرك العالم كله أن مصر أدارت الأزمة باقتدار، ضد مساعى التوريط الإسرائيلية، وضغطت فى ظل موازين القوة الدولية لإيصال المساعدات إلى غزة، ورفضت بشكل قاطع أى مشروع للتهجير، والأهم أنها أدارتها بثبات وهدوء ونجاح، دون ضجيج ولا استعراض، لتؤكد أنها لا زالت حجر الزاوية فى توازن وأمن المنطقة.
ورغم ذلك، يجب مواصلة الحذر لأن نقاط ترامب العشرين مليئة بالطموحات والثغرات في ظل غياب تصور واضح للمرحلة الثانية والمراحل اللاحقة ما يجعل المكاسب الراهنة مهددة بالتبديد، ما لم تُترجم إلى ترتيبات سياسية وضمانات دولية مُلزمة.
لذا، بات من الضرورى أن تكون هناك جبهة ضغط عربية - إسلامية موسعة، وأن تتطور إلى آلية دبلوماسية إقليمية متماسكة، قادرة على بلورة موقف موحد، وفرض جدول أولوياتٍ واضح على المجتمع الدولى، تحكمها إدارة عربية إسلامية موحدة، معتمدة على توافق فلسطينى، لأن هذا هو التعويل الحقيقى لنزع مبررات نتنياهو والقوى الغربية من التنصل، فضلا عن أن الوحدة العربية والتوافق الفلسطينى - قطعا - يغلق الأبواب أمام الانقسام وتوظيف القوى الإقليمى لصالح أجندتهم فى الشرق الأوسط من خلال الاستثمار فى الصراع..