فى الوقت الذى ما زال فيه العلماء يحاولون فك أسرار باطن الأرض، كشفت أبحاث علمية حديثة عن اكتشافين جيولوجيين غير مسبوقين يعيدان رسم خريطة فهمنا للكوكب، وهو بركان طيبنى ضخم تحت سطح البحر قبالة سواحل تشيلى، وأيضا رصد العلماء أكبر احتياطى من الذهب فى التاريخ مذابا فى مياه المحيطات، اكتشافان يجمعان بين الدهشة والعجز التقنى، ويطرحان أسئلة كبرى عن مستقبل كوكبنا ومخاطره الخفية.
بركان طين كوكوا.. عملاق نائم تحت البحر التشيلي
سلطت صحيفة انفوباى الأرجنتينة الضوء على واحدة من أهم الاكتشافات الجيولوجية فى أمريكا اللاتينية، أعلن علماء جامعة أندريس بيو التشيلية (UNAB) عن اكتشاف بركان بحرى ضخم على بُعد 86 كيلومترًا غرب جزيرة تشيلوى، على عمق يقارب 1.8 كيلومتر تحت سطح المحيط الهادئ.
وأطلق العلماء عليه اسم بركان طين كوكوا، وهو بركان طينى دائرى يبلغ قطره نحو 1.5 كيلومتر وفوهته 450 مترا عرضا و80 مترا عمقا، ويعتقد أنه شهد نشاطا طينيا وانهيارات جزئية خلال تاريخه الجيولوجى الطويل.
ووفقا للفريق العلمى الذى يقوده البروفيسور كريستيان رودريجو أوضح أن البركان يقع فى منطقة نشطة تكتونيًا، حيث تلتقى صفائح القشرة الأرضية فى حزام نارى يعد من الأكثر اضطرابًا على الكوكب.
ورغم ضخامته، فإن البركان لا يعد خطرًا مباشرًا، إذ أنه من النوع الطينى الذى لا يقذف الحمم أو الرماد، بل يطلق مزيجًا من الغازات والرواسب ببطء من باطن الأرض.
وكشف تحليل البيانات الزلزالية والصوتية عن وجود غاز الميثان وهيدرات الغاز فى محيط البركان، ما يشير إلى نشاط داخلى خافت، ورغم أن العلماء يؤكدون دخوله مرحلة سكون مؤقتة، إلا أنهم يحذرون من إمكانية عودته للحياة فى حال حدوث تغيرات فى الضغط أو النشاط الزلزالى فى المنطقة.
الذهب المفقود فى أعماق البحار.. ثروة من 20 مليون طن
وفى اكتشاف لا يقل إثارة، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) أن أكبر احتياطى من الذهب فى التاريخ لا يوجد فى باطن الأرض، بل مذابًا فى مياه المحيطات.
وتشير تقديرات الوكالة إلى وجود أكثر من 20 مليون طن من الذهب موزعة فى محيطات العالم، بمعدل 0.00000005 جرام لكل لتر من الماء، وهى نسبة تجعل استخراجه شبه مستحيل حاليًا بسبب الكلفة التقنية الهائلة.
ويقول خبراء التعدين أن استخلاص هذا الذهب يتطلب تطوير تقنيات نانوفلترة وكيمياء بحرية متقدمة، لتحويل الذهب الأزرق إلى ثروة واقعية دون تدمير النظم البيئية البحرية، لكن التجارب السابقة، مثل تلك التى أُجريت فى بابوا غينيا الجديدة، أظهرت أن التعدين تحت البحر قد يؤدى إلى اضطرابات خطيرة فى التوازن البيئي.
ورغم أن هذا الاكتشاف يثير أحلام الثراء اللامحدود، يحذر العلماء من أن سباق الذهب البحرى قد يفتح فصلًا جديدًا من الصراع بين الإنسان والمحيط، ما لم يتم وضع ضوابط بيئية صارمة قبل بدء أى عمليات استخراج مستقبلية.
أغرب براكين العالم
من بين هذه الظواهر، يبرز بركان إريبوس فى القارة القطبية الجنوبية، الذى يقذف بلورات جليدية نارية فى درجات حرارة تحت الصفر، وبركان نامافجال فى آيسلندا الذى يطلق ينابيع من الوحل الساخن والغازات الكبريتية فى مشهد يشبه سطح كوكب آخر.
وفى آسيا، يُعد بركان كاوا إيجن الإندونيسى واحدًا من أعجب الظواهر الطبيعية، إذ يضيء ليلًا بفضل احتراق غاز الكبريت، مما يجعل فوهته تتوهج بلون أزرق نيون ساحر.
بين بركان خامد تحت الأمواج وذهب ذائب فى المحيطات، تذكرنا هذه الاكتشافات بأن أعظم أسرار كوكب الأرض لا تزال مدفونة فى أعماقه، فما بين قاع المحيطات الغامض وباطن الأرض المتقلب، تبقى الطبيعة قادرة على مفاجأة العلم، وطرح تساؤلات تتجاوز حدود التكنولوجيا الحالية.
ويؤكد العلماء أن المستقبل سيحمل المزيد من المفاجآت من تحت سطح البحر، وأن فهمنا للكوكب ما زال فى بدايته، مهما بلغت قدرات الإنسان على الاستكشاف.