فى أبريل الماضى قدر الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس حجم الخسائر التى تكبدتها القناة -الممر الملاحى الأهم فى العالم- بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة والمضطربة فى جنوب البحر الأحمر بحوالى 7 مليارات دولار سنويا، بسبب انخفاض إيرادات القناة نتيجة الأزمة فى غزة وتهديد الحوثيين فى اليمن لحركة الملاحة فى البحر الأحمر، والذى يمر عبر قناة السويس حوالى 12% من حجم التجارة العالمية، وتمثل 30% من حركة الحاويات العالمية، ويعبر القناة سنوياً آلاف السفن. وهى ممر حيوى يربط بين أوروبا وآسيا والمحيط الهندي.
خلال العامين الأخيرين ومع اندلاع الحرب على غزة انخفض عدد السفن العابرة لقناة السويس بنسبة قاربت الـ50%، فقد بلغ متوسط العبور اليومى للسفن فى عام 2022 حوالى 62 سفينة، بينما تشير تقارير حديثة لعام 2025 إلى تراجع هذا العدد ليصبح فى حدود 36 يوميا بسبب الأحداث فى المنطقة، وهجمات الحوثيين على السفن فى البحر الأحمر وبحر العرب وهى أزمة "لم تساهم فيها قناة السويس".
الخسائر لم تتحملها فقط قناة السويس، فقطاع الملاحة البحرية الدولية حقق خسائر كبيرة لتفضيل شركات الملاحة العالمية طريق رأس الرجاء الصالح بديلا عن قناة السويس على الرغم من أنه أطول وأكثر استهلاكا للوقود وغير مستدام، ويفتقد للخدمات الملاحية ولا يصلح للسفن الصغيرة، لكنها المخاوف الأمنية التى تهدد حركة الملاحة وتؤثر على التوكيلات الملاحية الكبرى وتقدر تلك الخسائر بحوالى 4.5 مليار دولار.
خسائر إيرادات قناة السويس لها تأثير بالطبع على مصادر الدخل القومى من العملة الصعبة، فالقناة تعد أحد أهم المصادر الدولارية للدخل القومى المصرى مع السياحة وتحويلات المصريين بالخارج والصادرات والاستثمارات الأجنبية، وكان أعلى إيراد سنوى حققته القناة فى تاريخها بلغ 10.25 مليار دولار فى عام 2023، قبل أن تتأثر حركة الملاحة بالقناة بالتوترات بالمنطقة وتنخفض الإيرادات المحققة فى عام 2024 بنسبة 61% إلى 3.99 مليار دولار.
وعقب انعقاد قمة السلام فى شرم الشيخ يوم الاثنين الماضى لإنهاء الحرب على غزة بحضور كبار زعماء العالم والمنطقة سادت حالة من الأمل والتفاؤل من جديد باستعادة قناة السويس عافيتها وتحسن حركة الملاحة فيها، وهو ما تتوقعه دراسات هيئة القناة بعد عامين من الخسائر وهو ما يتوقف على التزام كافة الأطراف بنجاح المرحلة الأولى من خطة ترامب وما تليها من مراحل وفقا للخطة واستعادة الهدوء والاستقرار إلى المنطقة، وبالتالى إلى منطقة البحر الأحمر مع توقف هجمات الحوثيين التى لم تعلن رسميا وقف هجماتها رسميا حتى الآن.
التوقعات ترجح عودة الحركة الملاحية إلى معدلاتها الطبيعية خلال الشهور القليلة المقبلة، وتبدأ معدلات العبور عبر القناة بالارتفاع التدريجى لتعود إلى مستوياتها الطبيعية مع بدايات العام المقبل 2026، فى حال صمود واستمرار وقف إطلاق النار والجلوس إلى مائدة المفاوضات السياسية.
هناك حالة تفاؤل لدى المصريين وبصفة خاصة المسئولين فى هيئة قناة السويس الذين يؤكدون أن استمرار الهدوء وغياب الاعتداءات على السفن فى البحر الأحمر سيؤدى إلى تحسن كبير فى حركة العبور، ومن المتوقع أن تعود المعدلات الطبيعية تدريجيا حتى مطلع عام 2026، والذى قد يشهد العودة الكاملة للخطوط الملاحية التى كانت تمر من القناة.
عودة إيرادات القناة إلى معدلاتها القياسية هو دعم قوى للاقتصاد الوطنى فى ظل التوقعات والمؤشرات المتفائلة بتحقيق معدل نمو يقدر بـ4.5% فى العام المالى الحالى مع تحسن معدلات السياحة والاستثمارات الأجنبية وتحويلات المصريين بالخارج.
استعادة القناة لدورها الطبيعى هو أيضا فى صالح التجارة الدولية وله مردود اقتصادى كبير، وسيظهر هذا التحسن تدريجيا خلال الشهرين القادمين مع استمرار استقرار الأوضاع فى المنطقة عموما واستعادة الهدوء فى البحر الأحمر وباب المندب.
العالم فى انتظار استقرار الأوضاع فى المنطقة وبداية مرحلة تاريخية جديدة من أجل السلام والتنمية لشعوب المنطقة.