فى اليوم العالمى للفتاة: حيل نفسية لبناء ابنة واثقة من نفسها

السبت، 11 أكتوبر 2025 09:00 م
فى اليوم العالمى للفتاة: حيل نفسية لبناء ابنة واثقة من نفسها طفلة واثقة

كتبت: مروة محمود الياس

يُصادف اليوم العالمي للفتاة في الحادي عشر من أكتوبر من كل عام، وهي مناسبة تذكّر العالم بأهمية تمكين الفتيات نفسيًا واجتماعيًا وصحيًا منذ الصغر. في هذا اليوم، لا يُكتفى بالاحتفاء بالنجاحات النسائية، بل يُوجَّه التركيز نحو المرحلة التأسيسية التي تبدأ داخل البيت، حيث تتشكل الثقة بالنفس، وتُبنى الصورة الذاتية التي ترافق الفتاة مدى حياتها.

توضح الأبحاث النفسية الحديثة أن تقدير الذات يبدأ من السنوات الخمس الأولى من العمر، ويتأثر مباشرة بطريقة استجابة الوالدين لمشاعر الطفل وسلوكياته. عندما تتلقى الفتاة رسائل ضمنية بأنها مسموعة، مقبولة، ومحبوبة دون شروط، تتكوّن لديها بنية نفسية مستقرة تجعلها أكثر قدرة على مواجهة الضغوط لاحقًا.وفقا لماذ ذكره تقرير نشر فى موقع myparenttoolkit.

 

اليوم العالمي للفتاة ليس مناسبة رمزية فقط، بل تذكير بضرورة دمج الدعم النفسي في التربية اليومية. بناء فتاة واثقة لا يتحقق بالشعارات، بل بالممارسات اليومية الصغيرة: نظرة حانية، إنصات صادق، تشجيع واقعي، وحدود واضحة

 

البيئة الأسرية ودورها في بناء التوازن النفسي
 

من منظور علم النفس التنموي، يعتمد بناء الثقة على ثلاثة محاور مترابطة: القبول، والانتباه، والدعم.القبول يعني أن تشعر الفتاة بأن قيمتها غير مرتبطة بأدائها أو مظهرها، بل بوجودها الإنساني. أما الانتباه فيرتبط بمدى وعي الأهل بتفاصيل سلوكها ولغتها وانفعالاتها اليومية. بينما الدعم يشمل المساندة اللفظية والعاطفية التي تُقدّم في لحظات الضعف، وليس فقط في أوقات النجاح.

تشير الدراسات العصبية إلى أن المراكز الانفعالية في دماغ الفتيات أكثر نشاطًا من نظيراتها لدى الذكور في مرحلة الطفولة المبكرة. هذا يجعل استجابة الأهل لانفعالات بناتهم أكثر تأثيرًا في تشكيل صورتهم الذاتية. تجاهل المشاعر أو التقليل من أهميتها يضعف البنية العاطفية ويُغذّي الشك الداخلي بالنفس، بينما الاعتراف بالمشاعر وتنظيمها تدريجيًا يُسهم في تعزيز الثقة والاتزان.


 

التواصل اللفظي واللغوي كأداة علاجية
 

تؤكد الأبحاث النفسية أن اللغة تُعدّ الوسيط الأهم في تكوين مفهوم الذات. الفتيات، بحكم تكوينهن العصبي، يمتلكن حساسية لغوية عالية، ما يجعل كلمات الوالدين ذات أثر طويل الأمد.
الرسائل اللفظية البسيطة، مثل “أراكِ تبذلين جهدًا” أو “أُقدّر طريقتك في التفكير”، تُنشّط دوائر المكافأة في الدماغ، وتشجع على السلوك الإيجابي.
في المقابل، العبارات التقييمية المباشرة مثل “أنتِ ذكية” أو “أنتِ مخطئة دائمًا” تُعيد تشكيل الهوية حول التقييم الخارجي لا الداخلي، مما يُضعف النمو النفسي السليم.

من الناحية السلوكية، يُنصح الأهل باتباع أسلوب “الإنصات النشط”، أي منح الفتاة مساحة كافية للتعبير قبل إصدار أي رد فعل. هذا النمط من التواصل يُخفف التوتر، ويزيد من إفراز الناقلات العصبية المسؤولة عن الشعور بالأمان، مثل الأوكسيتوسين والسيروتونين.


 

الحيل النفسية لتعزيز الثقة دون ضغط نفسي
 

عدة استراتيجيات يمكن تطبيقها يوميًا لبناء ثقة صحية دون تضخيم أو مثالية زائفة:

1. تجنّب المقارنة: المقارنة المتكررة تُنشّط في الدماغ مسارات الخطر وتزيد من القلق الاجتماعي. التركيز على التقدّم الشخصي أكثر فاعلية في بناء الإحساس بالكفاءة.


2. التحفيز : الثناء يجب أن يكون محددًا ومبنيًا على السلوك، مثل “أعجبني مثابرتك”، وليس على الصفات الثابتة كالجمال أو الذكاء.


3. التعليم : الأطفال يتعلمون من خلال الملاحظة أكثر من التوجيه. رؤية الأم تتعامل مع ذاتها بثقة وهدوء هي نموذج أقوى من أي نصيحة.


4. المسؤولية : السماح للفتاة باتخاذ قرارات بسيطة في سن مبكرة يُدرّب الدماغ على اتخاذ القرار وتقليل الاعتماد على الآخرين.


5. إدارة الفشل: تشجيع الفتاة على تحليل الأخطاء بدلًا من الخوف منها يخفف من نشاط اللوزة الدماغية المسؤولة عن استجابة “الخطر”، مما يعزز التكيّف النفسي.

 

العوامل البيولوجية والنفسية المشتركة في بناء الهوية النفسية 
 

من الجانب الطبي–النفسي، تُعتبر فترة المراهقة مرحلة حرجة في نضج الدماغ الانفعالي والمعرفي. تتغير مستويات الهرمونات العصبية، مما يجعل الفتيات أكثر حساسية للملاحظات المتعلقة بالجسم والمظهر.لهذا، تُوصي الجمعيات النفسية بأن يكون الخطاب الأسري في هذه المرحلة داعمًا وغير نقدي، مع التركيز على القيم الجوهرية مثل الذكاء العاطفي، المرونة، والقدرة على التنظيم الذاتي.كما تشير الأبحاث إلى أن ممارسة الرياضة المنتظمة تُحفّز إفراز الدوبامين والإندورفين، ما ينعكس إيجابًا على المزاج والإدراك الذاتي. ولهذا، يُعد تشجيع الفتيات على النشاط البدني المنتظم جزءًا من الوقاية النفسية طويلة الأمد ضد القلق والاكتئاب.


الأم نموذج الثقة الأول

 

من المنظور العلاجي، تُمثل الأم “المرآة العصبية” الأولى لابنتها. طريقة الأم في التعامل مع جسدها، لغتها حول الأخطاء، واستجابتها للتوتر، جميعها تُخزّن في الذاكرة الانفعالية للطفلة.
إظهار التوازن بين الرعاية الذاتية والمسؤولية يُعيد برمجة مفاهيم الكفاءة والاستحقاق داخل عقل الفتاة. وعندما ترى الأم تمارس العناية بنفسها دون شعور بالذنب، تتعلم الابنة أن احترام الذات ليس أنانية، بل ضرورة صحية.


 

 

 

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة