الرئيس يثق في شعبه، ومؤسسات الدولة الوطنية، وعندما يتكلم، يدرك أن العقل والوجدان معه، بل، في شغف لأن تستمع لحديث يخرج من القلب فيبلغ منتهاه وغايته، وهذا ليس من قبيل السجع؛ لكنه فقه للواقع المعاش، الذي يؤكد فيه المصريون دومًا على جاهزيتهم تجاه الدفاع عن تراب الوطن؛ فالجميع على أهبة الاستعداد والاصطفاف خلف القائد، وتحت لواء وراية جامعة، تؤكد على الوحدة في صورتها المحضة.
في حديثه، لا يوظف الرئيس شعارات جوفاء؛ لكن يلقي في قلوب وخلد المصريين الطمأنينة، استنادًا إلى الاتحاد، والتماسك، والوعي الرشيد، من أمة رأت طريقها تجاه مسيرة النهضة؛ لتحدث التنمية المستدامة، التي تحقق جودة الحياة، للأمة القوية بسواعد شبابها، وتعضيد شيوخها، عبر حكمة بالغة، وقيم نبيلة، وأخلاق حميدة، فالأوطان في احتياج لمن يمتلكون العطاء بكل صوره في شتى مجالات الحياة؛ كي تخرج من حالة العوز، وتمتلك مقومات حريتها، وقرارها القويم.
إنها الفكرة الرشيدة، التي تحث الإنسان على المضي قدمًا نحو الإعمار، وتجنب الالتفات لكل ما يؤخر عن اللحاق بقطار النهضة، وهذا يعني تمام الاستعداد تجاه الدفاع عن بلاد تسكن في القلوب، وتحافظ عليها الوجدان، وتضحي من أجلها الأبدانُ؛ فرغم البُعد عن ويلات الحروب؛ إلا أن الكرامة الوطنية، تحض دون مواربة على الدفاع عن مقدرات غالية؛ ومن ثم لا نهاب القتال، ولا نتراجع عن دائرة المعركة التي كتبت علينا.
قوة الخطاب تكمن في معان الحكمة، التي تترصع في سجايا الحديث الرئاسي؛ فمن منطلق إشعار العدو بأن البلاد لها سيف ودرع وسياج من شعب صبور، واستنادًا إلى وحدة الصف المصري؛ فإن العقيدة المصرية العسكرية واضحة المعالم؛ فليس لدى الجيش مطامع خارج الحدود؛ لكنه يزأر على العدو الطامع، الذي يخطط لتجاوز الخطوط الحمراء، وهنا الرسالة جلية للعالم أجمع؛ فالقوات المسلحة المصرية منوط بها حماية الأمن القومي في أبعاده المختلفة، وتمتلك من القوة والحكمة ما يجعلها تحدث الموازنة، التي تصب في مصلحة هذا الوطن العظيم.
قوة الحكمة في حديث الرئيس، نرصدها في ممارسات الحصن المنيع لهذا الوطن بكافة ربوعه وحدوده؛ فقد حطم الجيش المصري كل ما يحلم به الأعداء على مر التاريخ، ولديه المقدرة على ذلك في كل وقت وحين، وما يرصده العالم من صمت لهذا الكيان العظيم دلالة قطعية على القوة وحسن التدبير والتخطيط؛ فضبط النفس سر التفوق، وآية تزيدنا ثباتًا ومثابرة؛ من أجل أن يتخذ القرار السديد، الذي ينطلق من رحم المصلحة القومية دون غيرها؛ فلا مجال للغبن أو الاستدراك؛ فكلاهما لا يحققان النصر المبين.
صون الحياة من الضروريات التي تدعمها الشريعة، وتؤكد عليها العقيدة الوسطية؛ لذا جعلت الجيوش لتحمي مقدرات الوطن البشرية والمادية على السواء؛ ومن ثم لا سبيل لخوض مغامرات تضير بالشعوب وتذهب بأمنها؛ لكن الجيش الذي يمثل شعبه، وشعبه الذي يصطف خلف جيشه، قادران على دحر قوى الشر مهما بلغت؛ فالعزيمة والإرادة في أوجها، والتعبئة في أقصى درجاتها، والاستعداد النفسي والبدني في غاية منتهاه، وهذا رد بليغ على كتائب نشر الشائعات؛ إذ جاء حديث الحكمة يؤكد على أن مصر تحمي شعبها وأمنه، ولن تُغامر بحياة أبنائها.
الرئيس يؤكد لنا أن الحكمة ستظل المعيار الذي نوجه به قراراتنا المصيرية، وأن مصالح الدولة العليا لا مزايدة حيالها، وأن قضيتنا الأم متمسكين بها ما دامت السماوات والأرض، وفي خضم ذلك، نقول بكل ثقة: إننا نقدر ونثمن حكمة الرئيس، وأحاديثه التي دومًا تبعث فينا الأمل والنظرة الإيجابية نحو مستقبل مشرق، كما نثمن ما تقوم به مؤسسات الدولة الوطنية، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية؛ من أجل حفظ الأمن والأمان، وأن نحيا أعزة كرامًا في ربوع وطننا الحبيب.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
----
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر