محمود عبدالراضى

الإسراء والمعراج.. رحلة السمو والبحث عن الطمأنينة

الأربعاء، 29 يناير 2025 05:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في ليلةٍ سكتت فيها أنفاس الأرض وابتعدت النجوم عن سمائها، انطلقت رحلةٌ غير عادية، كانت أكثر من مجرد حدث تاريخي، كانت لحظة فارقة بين الأذى والراحة، بين الظلام والنور، وبين الأرض التي ضاقت بالنبي صلى الله عليه وسلم، والسماء التي فتحت أبوابها له، لتكون حاضنًا روحيًا يعلو به فوق كل ما لحقه من أذى.

الإسراء والمعراج لم تكن مجرد رحلة جسدية من مكة إلى القدس، بل كانت رحلة روحية من حالة من الألم إلى السكينة، من مرحلة الاضطهاد إلى لحظة النور، رحلة من المدى المحدود إلى أفق لا متناهٍ. كانت تلك اللحظات التي نقلت النبي من أعماق الأذى الذي لحقه من قريش، إلى أعلى السماوات حيث الراحة والطمأنينة، كانت الإجابة السماوية على جراحاته، والنور الذي اختفى به ظلام الأيام.
في لحظات الإسراء، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسير فوق الأرض الطاهرة، ولكن روحه كانت تطير في فضاءٍ أرحب، وعندما عرج به إلى السموات السبع، وصل إلى سدرة المنتهى، حيث لا يُدرك، ولا يتخيل، إلا الروح الطاهرة المخلصة، في تلك اللحظات، كان الفضاء كله يقول للنبي: "إن مع العسر يسرا"، كانت الرحلة دعماً روحياً حقيقياً له، تنبثق منها دروسٌ لنا جميعًا.
الإسراء والمعراج تلهمنا أن نترك هموم الدنيا وأحزانها خلفنا، ونسعى للسمو والطمأنينة، في وقتٍ ضاق فيه صدر النبي بما لحقه من الأذى والظلم، جاء الفرج من السماء، وفي تلك اللحظة التي ارتفع فيها فوق الغيوم، تلقي دروسًا عميقة حول أهمية هجر الأذى وتجاوز المحن.
رحلة الإسراء والمعراج تذكرنا بأن الأزمات ليست النهاية، بل بداية لتحولٍ روحي أعمق، وتدعونا للبحث عن السكون في داخلنا، وتخطي كل عقبة مهما كانت، فكما صعد النبي إلى السماء، يمكننا أن نرفع أرواحنا إلى أعلى درجات السلام الداخلي، بعيدًا عن هموم الحياة وآلامها.

في كل مرة نتذكر فيها هذه الرحلة العظيمة، تكتسب أرواحنا قوة جديدة، ونقترب أكثر من السلام الذي يمنحه الله لمن يسعى للسماء.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة