أكرم القصاص

الوعى والتنمية وبناء الإنسان فى منتدى دندرة الثقافى

الأحد، 26 يناير 2025 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ سنوات، وأنا أتابع وأحضر منتدى دندرة التنموى الذى يعقد سنويا وبانتظام، ويعقد فى قرية دندرة بمحافظة قنا، وينظمها «مركز دندرة التنموى»، وهو جمعية أهلية تمثل ريادة فى العمل الاجتماعى والتنموى بشكل علمى، ويخصص محاور للثقافة والاقتصاد والعمل العام، ويجمع المركز بين الطرق الحديثة فى العمل والتدريب والتطوع.

على مدار سنوات، يدعو المنتدى مثقفين وكتابا وخبراء فى الاقتصاد والاجتماع والتعليم والفلسفة، وكل المجالات العلمية والعملية، بجانب اتفاقات تعاون مع جامعات كبرى وشركات تكنولوجية كبرى مثل مايكروسوفت، وهو أمر يدعم إمكانات التدريب وتطوير القدرات للشباب ولدى مركز دندرة التنموى، مشروعات لمدارس تنموية ومراكز تدريب ودعم، تساهم بشكل حديث فى بناء قدرات الشباب بما يجعلهم قادرين على العمل المستقل أو من خلال مشروعات بادئة، مع التركيز على التعامل مع الواقع. ويتخذ المركز شعار «علم بأخلاق + عمل بإخلاص = تنمية مستدامة»، ويناقش أكثر القضايا حيوية فى الثقافة والاقتصاد.

عندما تشرفت بدعوة لحضور المنتدى الاقتصادى فى عام 2017 فوجئت بحضور عشرات ألآلاف من مواطنى الصعيد وقنا، ومن بقية محافظات الصعيد والوجه البحرى، من كل الفئات، يستمعون ويناقشون، ولمست أن الحديث عن الثقافة والتنمية ليس عنوانا نظريا، لكنه حوار وأفكار تتداخل مع أحلام الناس وطموحاتها، وتقوم على المشاركة والتفهم ورسم المستقبل.

وقد حضرت المنتدى لأول مرة مع بعض الزملاء والأساتذة منتدى دندرة، بدعوة من الصديق الراحل الدكتور هانى رسلان، رئيس مركز الدراسات الاجتماعية بـ«الأهرام»، والباحث المعروف فى الدراسات الأفريقية، وهو أحد أبناء ومثقفى دندرة، ومؤسسى المنتدى، وكان وما زال يحظى وذكراه باحترام وتقدير كبير فى المنتدى، وهذا العام سعدت بمرافقة الصديق الدكتور عمرو الشوبكى المفكر السياسى، والدكتور أحمد عبدالعال عمر، أستاذ الفلسفة بجامعة الوادى الجديد، والدكتور أحمد موسى بدوى استاذ الاجتماع، وبحضور ممثلين عن كل المؤسسات، بشكل يدعم التناغم والمشاركة وبصرى الحوار بين المجتمع وأطرافه.

ويقود هذه المنظومة فى العمل الأهلى، الأمير هاشم الدندراوى، رئيس الأسرة الدندراوية، والذى ويتخذ المنتدى عنوانا فى كل عام، وهذا العام اتخذ شعار «الوعى مدخل العقل لإدراك فهيم»، وهو شعار يعبر عن أهمية الوعى فى ظل تحولات العالم التقنية وما يواجهه المواطن من بث مباشر وأفكار وبرامج ومحتوى ضمن زحام يسبب تداخلات وتشابكات أحيانا، ويضاعف من الحيرة، والتشتت.

وقد ركز الأمير هاشم الدندراوى، فى كلمته بافتتاح المنتدى، على أهمية الوعى فى بناء الذات ومعرفتها، فى عالم معقد يتطلب قدرة على إدراك التحديات والتعامل مع مفردات تبثها مواقع التواصل وقنوات ومواقع وبعضها يمثل تهديدا بإضاعة الهوية او تضليل الناس، بجانب سرقة الوقت والعقل وهو ما يضاعف أهمية بناء الإنسان ووعيه وقدراته.

وقد ركز الدكتور أحمد موسى بدوى على أهمية الوعى فى عالم معقد يزدحم بالتحديات والبث المتعدد الذى قد يصيب بالتشتت، وفى جلسة حوارية شارك فيها كل من الدكتور عمرو الشوبكى، والدكتور أحمد عبدالعال عمر، دار نقاش حول الوعى الحقيقى والزائف وأهمية التنوع والحوار بين الجميع والأجيال المختلفة وصولا إلى أرضية مشتركة، خاصة أن العالم أصبح أكثر تعقيدا.

وبالفعل كان العنوان مهما ومعبرا عن تحديات حقيقية، وقد ذكرت أننا بالفعل فى عالم يمثل بتعقيداته وتشابكاته مجالا للتشويش أو الارتباك، ويتطلب تعاملا معه بشكل عقلانى، فالعولمة انتقلت من شعارات وحدة البشر إلى أنواع من الصراع والأنانية وحرب غزة نموذج للإبادة والتزييف، وقد رأيت أن منتدى دندرة بشعاراته البسيطة نجح فى حل معادلة صعبة، تربط بين الواقع والأفكار النظرية، وأذكر أن معادلة «علم بأخلاق + عمل بإخلاص = تنمية مستدامة»، والتى تمثل أحد شعارات المنتدى، تقدم حلا لمعادلات تفرض التعامل مع التكنولوجيا من باب العلم وليس الإنكار، ما يقدم من باب التحدى والمعرفة للحل وليس من باب الإنكار، لمعالجة ما يواجهنا من تفاصيل متعددة، فالتنوع والحوار والاختلاف والاتفاق مع الحفاظ على الهوية جزء مهم يحافظ على المجتمع المصرى، الذى يحمل وعيا مكّنه من عبور الكثير من الصعاب بفطرته وتماسكه وتسامحه.

وقد شاهدت بنفسى كيف أن منتدى دندرة يستقبل مشاركين من كل أنحاء مصر، ومن الخارج، ويطلع على تجارب ناجحة بالداخل والخارج، وينظمه شباب تم تدريبهم على إدارة هذه المنتديات، ويقام على هامش هذه الدورة معرض للفن التشكيلى شاهدنا فيه أعمالا غاية فى الجمال، تعبر عن مواهب فى الرسم والنحت وتعليم الأطفال، ومن الأنشطة الدائمة مسابقات فى التحطيب، ورقص الخيل، وهى تعبر عن ثقافة وفنون ومواهب، مع نقاش عملى، ضمن عملية تجعل المنتدى مجالا لتبادل الأفكار والتجارب بما يدفع روحا من التفاؤل تعطى أملا فى المستقبل.

منتدى دندرة نموذج لعمل أهلى يقوم على بناء الإنسان، ونموذج لعمل جماعى ثقافى وتعليمى يدعم الوعى والتنمية معا.


مقال اكرم القصاص

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر


الرجوع الى أعلى الصفحة