محمود عبدالراضى

من البث المباشر لقاعة المحكمة

الثلاثاء، 21 يناير 2025 03:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في عصرٍ تسيطر فيه السوشيال ميديا على تفاصيل حياتنا اليومية، أصبح البث المباشر نافذة يرى من خلالها البعض عالمًا آخر، مليئًا بالفرص السهلة والربح السريع، لكن، ما يحدث خلف هذه النوافذ لا يبدو دائمًا بريئًا، بل أصبح جزءًا من جريمة اجتماعية تتسارع وتيرتها مع مرور الوقت، فبعض من يطلقون على أنفسهم "بلوجر" أصبحوا يسرفون في استخدام هذه الخاصية لتحقيق أعلى نسب مشاهدة، وغالبًا ما يكون الهدف بعيدًا عن نشر الحقيقة أو خدمة المجتمع، بل يكمن في جمع الأموال، فالعوائد المالية هي الغاية والوسيلة في آنٍ واحد.

ما يحدث الآن ليس مجرد استعراض لوقائع الحياة اليومية، بل هو اعتداء سافر على القيم الأسرية والأخلاق، تتلاعب به فئات تبحث عن مشاهد صادمة لجذب الأنظار، حتى لو كان الثمن هو التعدي على الأعراف والتقاليد.

في هذه الفوضى، يتحول البث المباشر من أداة تواصل إلى ميدان من الانتهاكات التي تستهدف أولاً وأخيرًا الربح، حتى وإن كان على حساب مشاعر الآخرين.

وللأسف، هناك من أولياء الأمور من يغضون الطرف عن هذه السلوكيات، بل يشجعون أبنائهم، معتبرين أن الأموال التي تتحقق من خلال هذه المشاهد هي مصدر رزق، ولكن في واقع الأمر، فإن هذه الأموال مبنية على أسس غير سليمة، وقد تؤدي إلى تدمير القيم التي كانت تربط الأسر وتدعم النسيج الاجتماعي.

أمر آخر، يزداد انتشارًا بين هؤلاء "البلوجرز" هو تزاحمهم في مواقع الحوادث، بل وأكثر من ذلك، تجدهم في الجنازات والمآتم مع أسر الضحايا، في مشهد يدمي القلب، يسعون للحصول على لقطات مؤلمة، سرقتها من أسر كانت في أمس الحاجة للتعاطف، ولكنهم لا يعبأون إلا بالربح العاجل.

هذه الظاهرة التي تنتشر كما تنتشر النيران في الهشيم، أصبحت تهدد المجتمع بأسره، إن خطر هؤلاء "البلوجرز" ليس فقط في تهديدهم لخصوصية الآخرين، بل في تأثيرهم السلبي على القيم الإنسانية التي تقوم عليها مجتمعاتنا، فما كان يجب أن يكون وسيلة لخلق الوعي والتواصل، تحول إلى منصة لنزع القيم وتدمير الأواصر الاجتماعية، فاحذروا هؤلاء، الذين قد يحققون أرباحهم على حساب الإنسانية.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة