عصام محمد عبد القادر

توْجِيهاتٌ رِئاسيّةٌ نحو ريادةِ التّعليمِ العَالي

السبت، 18 يناير 2025 02:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إن توجيه الرئيس إلى مواصلة الجهود؛ لتحويل مصر إلى مقصدٍ جاذبٍ؛ للتعليم العالي المُتميز، لا سيّما الطلّابُ الوافدون من الخارج، ولم يكن ذلك وليد اللحظة؛ فإن سيادته كثيرًا ما أكد على ضرورة تبني المؤسسات التعليمية للمبادئ التي تسهم في توفير متطلبات القدرة التنافسية للأسواق المحلية، والدولية، وفي هذا الإطار يجب أن يكون العمل داخل المؤسسات الجامعية قائمة على الابتكار، والتجديد المستمر، وإتاحة الفرص أمام من يبتغي الريادة، والنهضة العلمية التطبيقية، والرُقيّ بمجاله التخصصي.

ومن التجهيزات التي ينبغي أن تستعد لها مؤسساتُ التعليم العالي على وجه الخصوص تهيئة المناخ للإنتاجية المعرفية؛ فكلما امتلكت برامج متطورة قائمة على فلسفاتٍ حديثةٍ تواكب، وتسابق متطلبات سوق العمل المتسارع، واحتياجاته، كلّما خلق المكانة الرائدة لتلك المؤسسات، واحتلت المكانة اللائقة بها على الصعيدين العالمي، والمحلي.

وأعتقد أن الجودة البرامجية غاية في الأهمية، وأداة رئيسة لمؤسسات التعليم العالي؛ لتحقيق ماهية التدويل، والذي يستهدف الاستثمار في المعرفة، وتقنية المعلومات، وهذا ما يتعطش إليه سوق العمل المحلي، والدولي؛ فقد صار شريان الاقتصاديات بدون مواربةٍ في كثير من الدول المتقدمة، وهو ما يمكّن تلك المؤسسات من تأهيل الكوادر البشريّة  التي تمتلك الابتكار في مجالاتٍ نوعيّة عديدةٍ.

وأرى أن حرص فخامة الرئيس، وتشديده على تدشين التخصصات العلمية، والعملية المرتبطة بالتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، والرقمنة، والهندسة، قد أضحى دعوة صريحة تحمل في طياتها الآمال المعقودة نحو بلوغ تعليمٍ رياديٍّ مستحقٍ لعقولٍ مستنيرةٍ، تستطيع من خلاله أن تتبوأ مكانتها، وتنال حقوقها على المستويين المحلي، والعالمي في سوقٍ قد أضحى لا يعترف إلا بمن يمتلك المهارات النوعية التي تسهم في زيادة الإنتاج وفق جودةٍ بات التمسك بها فرضَ عينٍ.

والبيئة التعليمية الجاذبة للطلاب الأجانب تقوم على ريادة مؤسسية تعتمد على تدويل متكامل، يشمل مكونات المنظومة التعليمية برمّتها؛ حيث يعد التدويل استراتيجية متكاملة تتضمن إجراءات تشمل كلًا من الجانب البشريّ، والماديّ، والمناهج، والبرامج الأكاديمية، والبحث العلمي؛ بغرض إضفاء البعد الدولي عليها في إطارٍ من التعاون المشترك، مع ضرورة استمرار تطبيق المعايير الدولية عليها؛ مما يؤدي إلى ضمان تطويرها، ومواكبتها لكل ما هو جديد يعود بالنفع المباشر.

ودعوتي للتدويل لا تعني مطلقًا استيراد، أو استهلاك ما توصل إليه الآخرون من معارف؛ بل أعني بها أن تبادر المؤسسة التعليمية بآليات تحسينٍ، وتجويدٍ، متلازمين، يساعدان في تحقيق جودة المنتج البشري وفق الامكانات المتاحة؛ لتصل إلى خبرات نوعية تعمل على تأهيل منتسبيها لسوق العمل المحلي، والدولي في آنٍ واحدٍ، كما أنه لا مجال للانعزال عن المجتمع الدولي؛ لكون ذلك يمثل مخاطرةً تشكل فجوة بين الواقع، والرغبة في استشراف مستقبلٍ مأمولٍ تنادي به الجمهورية الجديدة تحت رعاية قيادتها السياسية الرشيدة.

واتباع المعايير العالمية في مؤسسات التعليم العالي يؤكد على ضرورة التدويل كونه من المقومات الرئيسة؛ لتجويد العملية التعليمية؛ فتتحقق الثمرة المرجوّة منه المتمثلة في إعداد متعلمٍ يمتلك نتاجاً معرفياً، متجدداً، يسهم في ارتقاء المؤسسة التعليمية إلى مستوى التنافسية على الصعيد المحلي، أو الإقليمي، أو الدولي، وفي هذا الخضمّ تحرص مؤسسات التعليم العالي على مطالعة كل ما هو جديد من خبراتٍ، تنهمر عبر نواتج بحوث متقدمةٍ، وثورةٍ صناعيةٍ ورقميةٍ غير مسبوقةٍ؛ لتمتلك الريادة المنشودة.

وفي ضوء ما تقدم نجدد الدعوة؛ لصياغة المناهج الدراسية في مؤسسات التعليم العالي، والتي تتمحور حول الوظيفية، والتجريب بما يمكن المتعلم من مهارات الاستقصاء، والابتكار، وبناء الخبرة بصورةٍ تتسم بالعمق؛ بغية تحفيز مستوى الدافعية للتعلم لدى المتعلم، كما يقوم الفهم العميق للمقررات الدراسية على تصور المعرفة العلمية المجردة، والتعامل الصحيح معها، كما أن نتاج المعرفة، والخبرة التي يمتلكها المتعلمون تتسق تماماً مع الهُويّة الوطنيّة لجمهوريتنا الجديدة؛ فلا يغيب عنّا أن المؤسسات التعليمية تعد الضامن الرئيس؛ لتماسك النسيج المجتمعي.

لقد غدا مواكبة الجديد عبر آليات التقدم التقني، وفلسفة التدويل أمرًا حتمياً، لا خيارًا استراتيجيًا لمؤسسات التعليم العالي، التي تبتغي الريادة في مكوناتها، ومنتجها؛ وذلك بتطوير منظومتها القائمة، لا بإزالتها؛ فما يصعب استيفاؤه اليوم، يمكن تحقيقه بالإصرار، والعزيمة، والجهد أن نصل إليه غدًا.

ونؤكد أنه لا مجال للغلق، والإنغلاق على النفس في عصر التعليم الرقميّ الذكيّ، وفي ظل هذا الانفتاح، يتوجب على الأستاذ الجامعي صاحب الرسالة السامية أن يمتلك المقدرة على رسم سيناريوهات التعلم، التي تحقق ما تطمح إليه جمهوريتنا الجديدة، في مقابل أن يمتلك الطالب الرغبة، والدافعية للتعلم الذاتي المستمر، وأن يطالع كل جديدٍ، ويعمل على مواكبته، ويقبله، ويتقبله مع الحفاظ على ثقافته، وهُويّته.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة