دندراوى الهوارى

إسرائيل لم تواجه جيشا نظاميا منذ 1973 وحربها فى غزة ولبنان ضد ميليشيات!

الأحد، 12 يناير 2025 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نحن لا نجنح للتهويل أو التقليل من الغير، ولا نؤمن بنظرية المؤامرة فى المطلق، ولكن نضع الأمور فى نصابها الصحيح، وفق الحقائق والمعلومات والتحليل والقراءة الجيدة للأحداث، وهى معادلة تحتاج جهدا كبيرا، وقريحة قادرة على التقييم والفرز. وانطلاقا من هذه المعادلة، فإن التقييم العسكرى لما يحدث فى المنطقة من حروب إبادة بشرية، ونهم شديد للخراب والدمار، ومحاولات حثيثة لتغيير الخريطة الجغرافية للشرق الأوسط تتزعمها إسرائيل - حسب ما أكده بنيامين نتانياهو - عبارة عن حروب ضد ميليشيات وليست جيوشا نظامية مؤهلة وقادرة على الردع.

إسرائيل ومنذ هزيمتها النكراء فى السادس من أكتوبر 1973 لم تخض حربا ضد جيوش نظامية تمتلك قدرات عسكرية، تسليحا وتدريبا وتأهيليا وتتمتع بتاريخ عريق فى العسكرية وإدارة المعارك، وأن المعارك التى تخوضها إسرائيل حاليا، ضد شعوب منكوبة بميليشيات مسلحة لا تعلم عن العسكرية شيئا، سوى حرب الشوارع، وتنفيذ عمليات فردية.

الجيش الإسرائيلى الذى يستعرض عضلاته، ضد شعب أعزل من السلاح، ويمارس جرائم ضد الإنسانية ويقضى على الحرث والنسل، يرتكز على الدعم المطلق من أكبر قوى على سطح الأرض، الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبية قوية مثل ألمانيا وبريطانيا، دعم سياسى يحول دون إصدار قرارات قوية من الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية المعنية بجرائم الحرب، حتى قرار المحكمة الجنائية الدولية والمتعلق بإصدار مذكرتىّ اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، وقالت فى حيثيات قراراتها إن هناك «أسبابا منطقية» للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى قطاع غزة، وقفت أمريكا فى وجه المحكمة، وهددتها بالويل والثبور وعظائم الأمور، فقد أقر مجلس النواب الأمريكى، مشروع قانون بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، والذى يتضمن منع مسؤولى «الجنائية» الذين يلاحقون الأمريكيين والحلفاء من تأشيرة دخول البلاد وإلغاء أى تمويل مخصص للمحكمة، كذلك تجب معارضة أى إجراء من المحكمة ضد أمريكا أو إسرائيل أو أى حليف آخر.

أما الدعم العسكرى، فحدث ولا حرج، أسلحة متطورة وذكية فائقة الدقة، وتكنولوجيا متطورة، ما مكنها من اختراق أجهزة البيجر التى يقتنيها قيادات وأعضاء حزب الله، وهى الضربة الموجعة والمؤلمة للحزب، بجانب الدفع بعسكريين أمريكيين متخصصين فى إدارة معارك المدن واشتباكات الشوارع، يديرون المعارك من غرف عمليات الجيش الإسرائيلى، ضد ميليشيات مسلحة بأسلحة تقليدية.

الشاهد، ورغم كل هذا الدعم المطلق للجيش الإسرائيلى، فإنه لم يخض حربا ضد جيش نظامى يمتلك القدرة والكفاءة القتالية، وأن كل معاركه ضد ميليشيات مسلحة تسليحا تقليديا يُستخدم فى حرب المدن والشوارع، مثل التى واجهها فى قطاع غزة، أو ضد حزب الله الذى لا يمتلك سوى منظومة صواريخ وعدد من المسيرات فقط، ويفتقد لقدرات الجيوش النظامية، منها على سبيل المثال منظومة دفاع جوى متطورة، ومقاتلات وسلاح جوى، وأسطول بحرى قادر على حسم المعارك.

حتى الضربات المتبادلة بينها وبين إيران، مجرد فقاعات ورسائل «رومانسية» تدغدغ شعبيهما سواء فى تل أبيب أو طهران!
لذلك عندما لاحت الفرصة لإسرائيل عقب سقوط نظام بشار الأسد فى سوريا، سارعت بتدمير كل البنية التحتية للجيش السورى، بأكثر من 500 غارة جوية - وفق تصريحات إسرائيلية رسمية - أسفرت عن تدمير سلاح الجو السورى بالكامل، من طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية وطائرات مُسيّرة، وحظائر الطائرات، ورادارات، ومنصات ومخازن صواريخ الدفاع الجوى بكل أنواعها.

كما دمرت سفن الأسطول البحرى، ويمكن القول إنها قضت على سلاح البحرية بالكامل، والقواعد العسكرية ومراكز البحوث العلمية، ومواقع الصناعات العسكرية، والهدف تجريد سوريا من جيشها النظامى، وسلاحها، وتصير منزوعة الأنياب والمخالب، لتتمكن إسرائيل من تنفيذ مشروعها وسريعا!
تدمير إسرائيل لجيش سوريا «النظامى» كان هدفا استراتيجيا، مثلما حدث ودُمر الجيش العراقى على يد أمريكا، والاكتفاء فقط بتمكين الميليشيات، حتى تكون لقمة سائغة تلتهما تل أبيب فى أى لحظة بكل سهولة ويسر.

لذلك يتبقى جيش مصر النظامى والرقم الصحيح فى معادلة توازن القوى الإقليمية والدولية، تأسيسا على عقيدته العسكرية المتجذرة فى عمق التاريخ، وصارت العقيدة القتالية المصرية، مدرسة متفردة بذاتها، ترتكز على مخزون الانتصارات فى المعارك الكبرى المدونة فى سجلات التاريخ بأحرف من نور، وهى العقيدة القادرة على المواجهة وحفظ وصون الأمن القومى المصرى بمفهومه الشامل، والدفاع ببسالة عن الأرض والمقدرات.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة