رواية "لعنة الخواجة" هي أكثر من مجرد كتاب؛ إنها رحلة فكرية وأدبية تقود القارئ إلى أعماق التاريخ المصري بكل ما يحمل من أسرار وكنوز مدفونة، كتبها الروائي والصحفي الكبير وائل السمري، الذي يعتبر من أبرز الأسماء التي تهوى الغوص في طيات التاريخ واستكشاف جمالياته المخفية بين سطور الزمن.
"لعنة الخواجة" ليست رواية خيالية تنبض بالوهم، بل هي شهادة حية على أحداث حقيقية توثق جزءاً مهماً من تاريخ مصر المعاصر، فقد حصل السمري على معظم مواد الرواية من خلال بائعي الكتب القديمة "الروبابيكيا"، ما يجعلها شديدة الصدق والموثوقية.
ورغم أن الرواية تمزج بين الخيال والواقع، إلا أن أكثر من 90% من أحداثها حقيقة، كما أن الوثائق التي اعتمد عليها السمري جعلت الرواية أشبه برسالة مشفرة من المؤرخ أدريان دانينوس، الذي اختار أن يظل في الظل رغم إسهاماته الجليلة في بناء مصر الحديثة، وفي مقدمتها فكرة السد العالي.
وعلى الرغم من أن السمري لم يكتب في تاريخ دانينوس فقط، بل في ذكريات ماضٍ وحكايات نادرة تتعلق بتجار الكتب القديمة، فإنه أظهر ببراعة كيف أن الأشخاص الذين يمتلكون كنوزًا أدبية قد لا يعرفون قيمة ما لديهم، بل إن تلك الكتب القديمة تحمل أسرارًا تاريخية غير مكتشفة بعد.
وبين تلك الأسرار تنمو الرواية كما لو كانت حكاية وطنية تمزج بين الوفاء والتاريخ، بينما تحمل في طياتها رسالة خفية لأهمية تذكر الأشخاص الذين سطروا أسماءهم في صفحات تاريخ مصر.
وقد اختار السمري هذا الطريق الأدبي ليؤكد أن لا أحد يجب أن يُنسى، فكما كان أدريان دانينوس أحد الأسماء التي لم تلق ما تستحقه من تقدير، كان على السمري أن يخلد هذا الرجل ويروي تفاصيل إسهاماته الوطنية.
ورغم أن الرواية تتسع لتشمل تاريخًا طويلًا وعميقًا، فإنها تحمل بين صفحاتها العديد من الرسائل الغامضة، ما يجعلها لا تقتصر على كونها مجرد رواية واحدة، بل روايتين؛ أحداهما مليئة بالحكايات التوثيقية، والأخرى مشحونة بالمشاعر الإنسانية.
ويمكن القول إن "لعنة الخواجة" هي أكثر من مجرد سرد تاريخي أو أدبي، إنها شهادة تقدير ووفاء لرجل مغمور في الظل، وجسرٌ يربط الماضي بالحاضر في محاولة لإعادة تقديم الشخصيات التي أسهمت في بناء هذا الوطن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة