فى عصرٍ أصبحت فيه التكنولوجيا جسرًا يصل بين الأفراد والمعلومات، تحوّل هذا الجسر في بعض الأحيان إلى ممرٍ يسلكه المحتالون لسرقة أموال الأبرياء.
شهدت جرائم النصب الإلكتروني تزايدًا ملحوظًا خلال العام الماضي، مما استدعى استنفارًا من قِبل وزارة الداخلية لمواجهتها بحزم وفعالية.
خيوط النصب على الإنترنت وفقًا للتقديرات الاعلامية تشير إلى تلقى قطاع مكافحة جرائم المعلومات خلال 12 شهرا ما يقارب 7,000 بلاغ يتعلق بالنصب الإلكتروني، مما يعكس خطورة هذه الجرائم.
تتنوع أساليب النصب في هذا المجال بشكل كبير، أبرزها الإعلانات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وبيع المنتجات المقلدة، واستخدام أساليب الاحتيال المصرفي عبر البريد الإلكتروني أو التطبيقات المشبوهة.
إعلانات مضللة أحد أكثر الأساليب شيوعًا وهو النصب عن طريق "الإعلانات المضللة"، التي تنتشر على منصات مثل "فيسبوك" و"إنستجرام"، حيث يقوم المحتالون بنشر إعلانات لمنتجات غير موجودة، من أجهزة إلكترونية أو أدوات منزلية بأسعار مغرية.
ينجذب الكثيرون لهذه العروض، وبمجرد إتمام الدفع، يتفاجأ الضحايا بعدم استلام المنتجات أو أن ما تم تسليمه عبارة عن سلع رديئة الجودة لا تمت بصلة لما تم الإعلان عنه، لكن لا تقتصر الأساليب على هذه النقطة فحسب، بل تشمل أيضًا النصب على الأفراد من خلال رسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية التي تبدو وكأنها صادرة عن بنوك أو مؤسسات حكومية، وفيها يتم طلب بيانات حساباتهم البنكية أو كلمة السر الخاصة بهم لتعرضهم لسرقة أموالهم.
عملت وزارة الداخلية على تفعيل جهودها لمكافحة هذه الجرائم التي تهدد حياة المواطنين وأموالهم، حيث تلقت أجهزة الأمن في الربع الأول من عام 2024 نحو 1,200 بلاغ يتعلق بالنصب الإلكتروني، ونجحت في ضبط نحو 500 متهم في قضايا النصب الإلكتروني، من بينهم تشكيلات عصابية متخصصة في هذا النوع من الجرائم.، وذلك وفقا للتقديرات الاعلامية.
في خطوة هامة نحو التصدي لهذه الظاهرة، أطلقت وزارة الداخلية حملة توعية ضخمة بالتعاون مع شركات الإنترنت والمزودين للخدمات الرقمية لزيادة الوعي بين المواطنين حول كيفية التعرف على الإعلانات والمحتوى الزائف، وقد تم عقد العديد من الندوات وورش العمل التي استهدفت كافة فئات المجتمع، مع التركيز على الفئات الأكثر عرضة للوقوع في فخ النصب، مثل الشباب وكبار السن.
جهود وزارة الداخلية أصبح التصدي لجرائم النصب أون لاين يتطلب استخدام أحدث الأساليب التكنولوجية، ومن ثم وسعت وزارة الداخلية دائرة التعاون مع شركات الإنترنت المحلية والدولية، إضافة إلى تطوير التقنيات لرصد أي نشاط مشبوه عبر الإنترنت.
كما تم تدريب رجال الأمن في مجال الجرائم الإلكترونية وتزويدهم بأدوات وبرامج تقنية للكشف عن محاولات الاحتيال بأسرع وقت.
وفيما يتعلق بملاحقة الجناة، وضعت وزارة الداخلية نظامًا للمراقبة الدائمة على المواقع التي تروج للسلع والخدمات الوهمية، حيث يتم التعامل مع بلاغات النصب عبر الإنترنت من خلال وحدة الجرائم الإلكترونية بشكل سريع، سواء عن طريق تعقب مصادر الإعلانات الوهمية أو التحقيق في المواقع الإلكترونية المشتبه بها.
التوعية والتعاون المجتمعي
إدراكًا لأهمية التوعية في مكافحة هذه الجرائم، أطلقت وزارة الداخلية حملات إعلامية عبر وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، تهدف إلى توعية المواطنين بكيفية التعرف على محاولات النصب الإلكتروني وسبل الحماية منها.
كما تم إنشاء خطوط ساخنة لتلقي بلاغات المواطنين واستفساراتهم، وتقديم الدعم الفني لهم في حال تعرضهم لأي محاولة احتيال. التشريعات والقوانين على صعيد التشريعات، تم تحديث القوانين المتعلقة بجرائم الإنترنت لتشمل عقوبات رادعة للمحتالين، وضمان حماية أكبر لبيانات المواطنين ومعلوماتهم الشخصية.
في ظل التقدم التكنولوجي المستمر، تبقى جرائم النصب الإلكتروني تحديًا يواجه المجتمعات الحديثة، إلا أن تكاتف جهود وزارة الداخلية مع وعي المواطنين وتعاونهم، يشكل حصنًا منيعًا يحمي المجتمع من هذه الجرائم، ويضمن بيئة رقمية آمنة للجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة