عادل السنهورى

المحلة منين يا سمنودى..

السبت، 11 يناير 2025 02:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى السبعينيات استمر الغناء للمحلة الكبرى قلعة الصناعة المصرية، وكانت أشهر الأغاني الأغنية التراثية الشهيرة التى غناها المطرب والمونولوجيست الإسماعيلاوى مرسى بركة "المحلة منين يا سمنودي" مع فرقته الموسيقية والتى عرفت بـ«السمسمية الإسماعيلاوية». كان ذكر المحلة يعنى العمل والعمال والصناعة والمصانع والغزل والنسيج.

ففى ستينيات القرن الماضى عبّر شاعرنا المبدع صلاح جاهين مع ألحان الموسيقار سيد مكاوى عن حلم المصريين فى النهضة الصناعية الكبرى فى مصر، وغنّى بصوته مع عدد من الفنانين فى أوبريت "صوت المكن" فى مناسبة تطوير وتوسعة مصانع المحلة الكبرى :
"إحنا أهل الوطن
إحنا الريف والمدن
كلنا عاوزين مصانع
كلنا عاوزين مكن
تسقيفة للمكن اللى جايلنا
عقبال ما تعمل زيه عمالنا"
المحلة الكبرى كانت -ومازالت- هى قلعة الصناعة الكبرى فى انتاج المنسوجات والملابس منذ العشرينيات حتى أصبح القطاع ثانى أكبر القطاعات الصناعية فى مصر مع التوسع فى انشاء المصانع فى كفر الدوار وطنطا وشبين الكوم ودمياط وحلوان والإسكندرية بعد قطاع الصناعات الغذائية.


فى بداية الصناعة على يد طلعت حرب والتوسعات والتطوير فى الخمسينيات والستينيات كانت صناعة الأقمشة والألبسة تتم كاملة داخل الدولة، بداية من زراعة القطن إلى الغزل إلى الصناعة، وأصبح قطاع المنسوجات يلعب دورا رئيسيا فى بناء الاقتصاد المصرى وفى التصدير إلى الخارج حتى بلغ عدد الشركات المساهمة فى قطاع الصناعات النسيجيّة فى مصر حوالى 3 آلاف شركة منها 31 شركة ضخمة منها تتبع للقطاع العام وتشرف على صناعة الغزل والنسيج.


مع سنوات التسعينيات وسياسة البيع والخصخصة تراجعت الصناعة ولم تعد لها الأولوية مع تراجع المساحات المزروعة من القطن من 1.6 مليون فدان إلى ما يقرب من 95 ألف فدان عام 2014-2015. بدأت الدولة الاهتمام بزراعة القطن بعد أن بدأت تندثر خلال السنوات الماضية، فكان إنتاج القطن فى الفترة ما بين 2014-2015، 160حوالى ألف طن، ثم انخفض فى 2015-2014، ليصل إلى 95 ألف طن، ثم صعد مرة أخرى مع بدء اهتمام الدولة بزراعة القطن المصرى، لتستعيد دورها الرائد فى هذه الزراعة مرة أخرى، ليصل إلى 258 ألف طن فى 2016-2017، ويستمر فى الارتفاع ليصل إلى 426 ألف طن، فى 2017-2018.


مصر تسعى إلى مضاعفة المساحات المنزرعة بـمحصول القطن وصولاً إلى 750 ألف فدان بحلول عام 2030، لتحصل على معدلات إنتاجية تتراوح ما بين 10 و12 مليون طن زهر، بما يلبى التوجهات التصنيعية التى تتبناها الدولة والتى شهدت زخماً واضحاً، بعد إطلاق حزمة من المشروعات القومية العملاقة كمصنع المحلة 1 و4 و6، علاوة على مشروع المدن النسيجية.


إطلاق استراتيجية الصناعة الوطنية مع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى كان فى مقدمة الأولوية استعادة صناعة النسيج والملبوسات إلى سابق مجدها من خلال خطة تطوير شاملة للمحلة قلعة الصناعة الوطنية فى مصر لتتحول إلى أكبر مدينة للغزل والنسيج فى العالم.


وفى الأسبوع قبل الماضى افتتح الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء "مصنع الغزل رقم ا" بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وهو واحد من أكبر مصانع الغزل فى العالم ينتج بنحو 30 طن من الغزول يوميا، ويضم نحو 183 ألف مردن (وحدة غزل) تحت سقف واحد، ويقع على مساحة أكثر من 62 ألف متر.


يضاف مصنع 1 إلى مصنع 4 الذى ينتج نحو 15 طن من الغزل يوميا وسيكون العامل الأساسى لصناعة النسيج وصناعة الملابس وما يترتب على ذلك من صناعة الصباغة، ومحاولة استعادة مكانة قطاع الغزل ‏والنسيج المصرى مجددا بالإضافة إلى استعادة الأسواق الخارجية التى كانت تمتلكها مصر عبر السنوات الطويلة قبل دخول دول شرق آسيا،سواء فيتنام او باكستان،او أفغانستان وبنجلاديش والصين والهند وغيرها من الدول التى دخلت المنافسة القوية والاستحواذ على الحصة السوقية الأكبر من تلك الصناعة.


مصر تصدر حاليا بحوالى 3 مليارات دولار فقط فيما تحتل الصين قائمة الدول المصدرة للعالم فى هذا القطاع بحوالى 167 مليار دولار أى حوالى ثلث الصادرات العالمية فى 2021، ويأتى بعدها الاتحاد الأوروبى الذى بلغت صادراته 151 مليار دولار من صادرات الملابس حول العالم. ثم بنجلاديش فى المركز الثالث بحوالى 34 مليار دولار وفيتنام بصادرات 31 مليار دولار ثم تركيا بحوالى 19 مليار دولار والهند بـ16 مليار دولار وماليزيا بـ15 مليار دولار
والتوقعات تشير ومع اكتمال المشروع بجميع مراحله أن تصل الصادرات المصرية إلى حوالى 10 مليارات دولار.والمشروع يشمل فى جميع مراحله ومختلف مواقع العمل 65 مصنعًا ومبنى خدميًا، من المستهدف أن يصل الإنتاج السنوى إلى 188 ألف طن من الغزول، و198 مليون متر من النسيج، و15ألف طن من الوبريات، إلى جانب 50 مليون قطعة ملابس.

دعونا نحلم بعصر جديد من الصناعة وبعودة عرش صناعة المنسوجات المصرية رغم التحديات التى تواجه هذه الصناعة والتى دفعت الدولة إلى بذل الجهود ضمن استراتيجيتها الهادفة إلى تطوير القطاع، واتخاذ خطوات جادة فى تطوير هذه الصناعة، بداية من خطوات التوسع فى زراعة القطن وتحسين جودته بتوظيف التكنولوجيا الحديثة، وتطوير أداء محالج القطن وفق أحدث تكنولوجيا فى عملية حليج الأقطان، واستحداث منظومة جديدة لتداول الأقطان بالتعاون مع وزراتى الزراعة والتجارة والصناعة، تطوير شركات الغزل والنسيج وهو المشروع القومى الذى تكلف ما يقرب من 23 مليار جنيه.

عصر جديد من الصناعة المصرية بدأ بإحياء شركة النصر لصناعة السيارات ثم شركة المسبوكات والآن الدولة تخوض ملحمة عظيمة فى إحياء صناعة الغزل والنسيج فى طريق النهضة الصناعية الجديدة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة