كريم عادل

«السياسة الضريبية.. التنمية والاستدامة»

الإثنين، 16 سبتمبر 2024 10:56 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعد السياسة الضريبية أهم أدوات الحكومة لإدارة النشاط الاقتصادى، وهى ترتبط بحجم الحكومة ودورها فى الحياة الاقتصادية وطبيعة هذا الدور، كما ترتبط بالنظام الاقتصادى المتبع والأيديولوجية التى يعتمد عليها، ولقد تزايدت مسؤولية الحكومة فى السنوات الأخيرة بالتزامن مع مساعيها تجاه تطوير سياساتها الاقتصادية بكل مكوناتها فى جانب الإيرادات والنفقات، وأيضا سياساتها الاقتصادية بشكل عام حتى تتمكن من زيادة مواردها وترشيد وتعبئة الموارد وإنفاقها بكفاءة لضمان تحقيق الأهداف المخططة للسياسة المالية، وبالتالى أصبحت الحكومة مطالبة الآن، بجانب وضع الأطر التنظيمية والقانونية التى تؤمن حقوق الأفراد والشركات، وتضمن العقود وضبط الجودة وتوفير المعلومات وترقية الخدمات والبنية الأساسية، بأن تنفذ سياسة مالية فعالة قادرة على تعبئة موارد مالية بشكل كاف لتمويل الخدمات العامة ومشاريع التنمية، وتمتلك القدرة على تخصيص هذه الموارد وإنفاقها حسب الأولويات الاستراتيجية وأهداف السياسة العامة، ووفقا لمتطلبات الانضباط المالى وكفاءة الإنفاق الحكومى وما يستلزم ذلك من نظم وترتيبات مؤسسية حكومية تحدد السبل المثلى لاستخدام الموارد الاقتصادية لتحقيق الأهداف العامة، وعلى رأسها أطر محفزة للموارد البشرية الحكومية لتنفيذ القوانين والمهام الموضوعة بكفاءة واقتدار لرفع كفاءة وإنتاجية الإنفاق الحكومى، وتقديم خدمات عامة على أعلى مستوى.


ومن أجل تطبيق سياسة ضريببة فاعلة تضمن تحقيق التنمية المالية والاستدامة الضريبية، وكل الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، يجب أن ترتكز السياسة الضريبية على مجموعة من القواعد، أهمها تكوين رأس المال، وسرعة التطور التكنولوجى، وتحقيق الاستقرار الاقتصادى، وتوجيه الاستهلاك، وتصحيح إخفاقات السوق، وزيادة تنافسية المشروعات، وتوجيه قرارات أصحاب العمل فيما يتعلق بالكميات التى يرغبون فى إنتاجها، وإعادة توزيع الدخل، وتوجيه المعطيات الاجتماعية لتتحقق العدالة العمودية والعدالة الأفقية، ومن ثم مواجهة الفقر والحد منه.


إن تحقيق سياسة ضريبية مستدامة يتطلب ضرورة دراسة الآثار الاقتصادية المتعلقة بالاستدامة الضريبية، لجعل الضرائب تعمل لصالح أهداف التنمية المستدامة، بمعنى رفع سقف الضرائب المسؤولة عن مستقبل مستدام، كما يجب تضمين السياسة الضريبية وسائل لمكافحة اقتصاد الظل، وتطبيق الحوكمة المالية، والجاهزية للتكنولوجيا، مع مراعاة المعاملة الضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك تطوير وتحديث الإدارة الضريبية كمنظومة بشرية وإدارية وتكنولوجية متكاملة.


يتطلب رفع كفاءة الإجراءات الضريبية أهمية التحول الرقمى الضريبى، والتحديث المستمر للإدارة الضريبية، والخدمات الضريبية ما بعد تقديم الإقرار الضريبى، وتقديم الإيداع والدفع الإلكترونى، وتأسيس إدارة ضريبية فعالة من خلال عمليات تدقيق ضريبية قائمة على المخاطر، إضافة إلى أهمية المراجعة الدورية للمعدلات الضريبية، وتحديث أنظمة الاسترداد فى ضريبة القيمة المضافة، واعتماد قاعدة ضريبية واحدة كأدوات تيسير طرق سداد الضريبة.


كل ما تقدم يتطلب أن يتم تضمينه فى استراتيجية السياسة الضريبية، وأن تخضع لمعايير المتابعة والتقييم والقياس لمعالجة أخطاء التصور وتدارك سلبيات التطبيق أولا بأول، ليتحقق أحد أهم أهداف التنمية المالية منها، والمتمثل فى تعبئة الإيرادات على المدى المتوسط والبعيد، باعتبار أن الضرائب تمثل أحد أكبر إيرادات الموازنة العامة للدولة.


يضاف إلى ذلك، أن سرعة إصلاح السياسة الضريبية ومعالجة أوجه القصور والتشوهات المالية بها حتى وإن كان أحد شروط صندوق النقد الدولى، وفق ما ورد فى تقرير الخبراء حول المراجعتين ببرنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى أوضح أن إصلاحات السياسة الضريبية المخطط لها تشمل إصلاح ضريبة القيمة المضافة، وإصدار قانون ضريبة الدخل الجديد، الذى تم إعداده بمساعدة فنية من صندوق النقد الدولى لتعزيز تحصيل ضريبة الدخل، إلا أن تحقيق انضباط وكفاءة السياسة الضريبية تأتى أيضا استكمالا للجهود المستمرة لإدارة وتحسين الضرائب وزيادتها.


السياسة الضريبية المخطط لها، حال تنفيذها بكفاءة وفاعلية، ستساهم فى تحقيق التنمية المالية والاستدامة الاقتصادية، من خلال تحسين المناخ الضريبى وهو ما يترتب عليه تحسن المناخ الاستثمارى والاقتصادى للدولة المصرية، فاستقرار المنظومة الضريبية لتصبح أكثر عدالة وتحفيزا تساهم فى زيادة معدلات الاستثمار، ومن ثم زيادة معدلات التشغيل والإنتاج والتصدير، وارتفاع معدل النمو وتحقيق المستهدفات التنموية ومزيد من الاستقرار فى سعر الصرف، وخلق موارد دولارية جديدة ومستدامة تقلل من الاستدانة، لا سيما أن تحسن الضريبة بصورة صحية ومستدامة يتحقق بالتوسع الأفقى وليس الرأسى، بمعنى زيادة عدد الممولين دون زيادة الأعباء والحصيلة الضريبية من الممولين الحاليين، فمن الجيد العمل على تدارك الأخطاء، وتبنى سياسات جديدة من شأنها تحقيق المستهدفات المالية والاقتصادية وتحسين بيئة الاستثمار والأعمال.


ولكن يبقى تنفيذ السياسات ونجاح التطبيق، وهذه مسؤولية مجتمعية مشتركة، تبدء من وزارة المالية والجهات الحكومية ذات الصلة بالإدارة المالية للدولة، وكذلك مسؤولية المؤسسات الإعلامية نحو التوعية بالتيسيرات والمحفزات الضريبية الجديدة لمعالجة الأمية الضريبية، التى قد تكون التحدى الأكبر فى التنفيذ لا سيما الاقتصاد غير الرسمى.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة