"أنا شوية هم على غلب، شوية دقات في القلب بتقولي إن أنا لسه عايش"، هكذا وصف بليغ نفسه بخط يده في "نوتة" خواطره التي وجدت ملقاة أمام باب منزله في الزمالك إبان استرداد صاحب العقار لها بعد وفاته.
لا أعلم لماذا وصف بليغ نفسه بالهم عطفا على "الغلب" ومجرد رؤياه في لقاء تليفزيوني قديم يبعث على قلب مريديه ومبتهلي ألحانه السرور؟!، أغلب الظن بأن طول فترة مرضه بعد ابتعاده عن وطنه لسنوات بسبب حادث مقتل المطربة المغربية سميرة مليان في منزله أثر في ألحانه المبهجة وعُودهُ البليغ.
حينما أتأمل قصة حياة ابن شبرا البار الفنية والتي انتهت في مثل يومنا هذا من عام 1993، أتعجب على الفور من أسعار "الثيرابيست " المبالغ فيها والتي ظهرت مؤخرا وانتشر مفهومها عبر مواقع التواصل الاجتماعي!، فمن ذا الذى يتجاهل كل هذا الكم من الحب والشجن في كل بيت ومقام استخدمه في ألحانه دون الرجوع إليه ليداوي به أحزانه ويضمد جراحه.
ولمن لا يعلم "الثيرابيست"، هو المعالج النفسي الخالية نصائحة من العقاقير الكيميائية، يذهب إليه كل سقيم ناله من جراح الحب جانب، أي أنه يمكننا تعريفه بالمعنى الحرفي له "ثيرابيت = موسيقى بليغ حمدي المجانية "أكتب هذه الكلمات وأنا أستمع لموسيقى ألف ليلة وليلة لـ الست أم كلثوم، فهي لقائي الأول معه في السابعة من عمري، كانت أمى تدللني على أنغامها فيزداد دلالها فتربط على خصري بأي وشاح عشوائي تلمحه ملقى بجانبها ليتراقص معها ومع بليغ ضاحكا، نندمج سويا وتتعالى وتيرة النغمات فيغرقنا هذا البليغ في بحر مقام النهاوند دون أي طوقا للنجاة!
لا أدري كيف سأنتهى من كتابة هذا المقال وأنا قد تحدثت فقط عن أغنية واحدة له؟!، وكيف لن أذكر كل نوته موسيقية قدمها مع وردة وحليم ونجاة وميادة الحناوي ورشدي وشادية، بألحان تفوف بها على "لورد فولدمورت" صاحب أصعب تعاويذ السحر في سلسلة هاري بوتر الخالدة.
أحب بليغ العود ولم يترك مجسما لآلة موسيقية إلا وتهادت عليها أصابعه بكل "خفه ودلع" ليصنع مقسوما واحدا كان رفيقا له في البهجة إذا تكرًم ومنحها لنا أو في الألم إذا قرر هو وحده ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة