أذكر عندما كنا صغارا تصدر عبر الشاشات الثلاثاء 11 سبتمبر 2001 أخبار عاجلة واتسعت مساحات النشرات الإخبارية والتقارير المصورة عن أحداث عظيمة في الولايات المتحدة الأمريكية، تبين بعد دقائق معدودة أن الولايات المتحدة الأمريكية شهدت مجموعة من الهجمات الإرهابية بعدما تم تحويل اتجاه 4 طائرات نقل مدني تجارية وتوجيهها لتصطدم بأهداف محددة نجحت في ذلك ثلاث منها في ضرب برجى مركز التجارة الدولية بمنهاتن وجدران وزارة الدفاع الأمريكية -البنتاجون- وأسفرت هذه العمليات عن مقتل 2977 شخصًا.
عقب الأحداث أعلنت أمريكا عن تورط تنظيم القاعدة فى العملية من خلال تخطيط قياداته وعلى رأسهم أسامة بن لادن، وأيمن الظواهرى، ومحمد عطا وغيرهم، والذين خططوا لأحداث 11 سبتمبر، وقد دفع العالم كله ضريبة باهظة لهذه العمليات وخاصة منطقة الشرق الأوسط وتم تدمير بلدان، وتغيرت خريطة الأنظمة الدولية وشمل التغيير إجراءات السفر بتوقيع الرئيس الأمريكي -جورج دبليو بوش - آنذاك على قانون "أمن الطيران والنقل"، الذي أدخل فحصاً أمنياً يجرى بواسطة المسؤولين الفيدراليين على المسافرين، ويتضمن فحصاً شاملاً للأمتعة بنسبة 100 % كما نصّ القانون على تعزيز أبواب قمرة القيادة في الطائرات لضمان حمايتها.
وظهر الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش في خطاب شهير بعد أحداث 11 سبتمبر وقال نصا :" اتصلنا بجميع زعماء العالم وقولنا لهم أننا سنفعل كل ما يمكن لحماية أمريكا، معلنا أن القوات المسلحة الأمريكية في حالة تأهب قصوى متوعدا بملاحقة ومعاقبة المسؤولين عن الاعتداءات الإرهابية ومن يحميهم.
العالم كله استشعر بالأحداث وترقبها بدقة شديدة، وتنبأ بحدوث تغييرات، وفعلا صعدت دول وانهارت أخري وسمح بمقاضاة حكومات وأنظمة بأكملها في سياق الاقتصاص لضحايا 11 سبتمبر 2001، أما الآن ونحن نشهد مجازر يومية ونزيف دماء في أرض عربية منذ 7 أكتوبر 2023 ولم ينتصر العالم لضحايا غزة، فهل هؤلاء الضحايا بني أدمين درجة ثانية، أما أنههم حيوانات في هيئة بشر أدعي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت عندما أعلن بفرض حصار كامل على قطاع غزة، قائلا: "نحن نحارب حيوانات في هيئة بشر؟.
ووفقا للإحصائيات الرسمية فإن العمليات الإرهابية في 11 سبتمبر أسفرت عن مقتل 2977 شخصًا، وقد انتقض العالم، بينما وفقا لآخر إحصائية رسمية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية فقد ارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، إلى 41 ألفا و20 شهيدا و94 ألفا و925 مصابا، أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ليس هذا فحسب بل أن المجازر الإسرائيلية لازالت قائمة وقصف المستشفيات وتبديد المساكن ودور العبادة مستمر وسط صمت دولي رهيب، وبجانب كل هذا المرار فإن عددا من الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
هل تخلى العالم عن إنسانيته وهل القانون الدولي لن يستطيع مجابهة وقحة إسرائيل، وكمْ عدد المكيال الذي يكيل بها العالم ليصمت عن الدمار الشامل في فلسطين إزاء عدوان شامل -جوا وبرا وبحرا- من جانب الاحتلال الإسرائيلي؟.. أسوف أظل مقتنعا تماما أن القوى الدولية لا تحترم القوانين لكنها تخشى وتخاف وترتعد وتهيب وتذعر وتحترم القوة.. القوة وحدها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة