قال أبو فراس الحمداني "الشعر ديوان العرب وعنوان الأدب".. ويقول أبو فراس بانخر "السينما ذاكرة العرب وعنوان الإبداع".. وذلك من خلال ما توثقه بالصورة والصوت والحركة واللون والأبعاد المتعددة للرؤية.. ومن خلال كل ما تبرزه من خلفيات ومقدمات ومجريات للأحداث وسط خط درامي أو وثائقي درامي في كل عصر من العصور.
تتجاوز السينما فيها الحدث إلى القيم الانسانية والحكم الاجتماعية والخبرات المتراكمة، بكل جمال وفن وإبداع.. ورغم التطور التقني الهائل في كافة وسائل الإعلام التقليدية وغير التقليدية الرقمية، تظل السينما في وضع مستقر إن لم يكن متزايدًا نسبيًا عن سائر الوسائل الأخرى، خصوصًا في الحفاظ على جماهيرية المتلقين، سواء من رواد قاعات السينما حول العالم أو المتابعين للأفلام السينمائية على المنصات الرقمية.
وتظل قاعات السينما وشباك التذاكر محافظًا عالميًا على ما نسبته 55% من إيرادات السينما، في حين تصعد عروض المنصات الرقمية إلى ما نسبته 45% في عام 2024 م.. ويقدر الإنتاج العالمي للسينما بحدود 40 بليون دولارًا أمريكيًا في عام 2024 م.. ويتوقع تجاوزه 50 بليون دولارًا أمريكيًا في عام 2025 م.. وفقًا لأحداث التقارير العالمية عن السينما من Statista في عام 2023 م تتوزع نسب الإنتاج والإيرادات في العالم كالتالي:
السينما الأمريكية في حدود 65-70%
السينما الصينية في حدود 15-20%
السينما الهندية في حدود 5-10%
السينما البريطانية في حدود 3-5%
السينما في بقية دول العالم في حدود 5-10%
ويقدر المهتمون بصناعة السينما إنتاج وإيرادات المنطقة العربية MENA في حدود 1% من الإنتاج والإيراد العالمي، أي في حدود من 4 مليارات دولار أمريكي، علمًا بان هذه الأرقام اجمالية معلنة تحكمها آليات السوق في المنطقة من أسعار للعملة ومصاريف الإنتاج والضرائب والخصومات والتي قد تترواح بين 60-80% من هذه الأرقام، بحيث يتراوح الصافي المتحقق للمنتجين الي ما نسبته 20-40% من الايرادات المتحصلة.. الأمر الذي يقذف بالسينما استثمارًا مرتفعًا العوائد وإن كانت متوسطة إلى طويلة المدى.
ومما هو جدير بالذكر تسيد السينما المصرية في الحصول على نصيب الأسد من هذا الاستثمار، حيث تقدر نسبة الأفلام المصرية وحدها في حدود 70-80% من الإنتاج والإيراد العربي السينمائي، علاوة على كون الأفلام المصرية هي التي عادة تحقق جماهيرية أعلى ونوعية أجود بالنسبة للمنطقة العربية ككل او العالم اجمع.
ويبقي هذا الإنتاج متأرجحًا بين الإنتاج السينمائي الحكومي العام والتجاري الخاص والمشترك بينها من خلال صناديق الدعم الفني والمالي لقطاعات السينما في الدول العربية.
بالعودة لقوائم أفضل الأعمال السينمائية أو بالأحرى أفضل 100 فيلم عربي، نجد نسب ما أنتجته المؤسسة العامة للسينما وهي قطاع حكومي مصري أنشئ في نهاية الستينيات وحتى بداية الثمانينيات، فإن نسبة لا يستهان بها قد تصل إلى الثلث تقريبًا من الأفلام الموجودة على هذه القوائم من إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
على من أن بقية الأفلام الأخرى إما من إنتاج خاص أو مشترك أو مدعوم بين القطاعين العام والخاص.. ويذكر الأستاذ أحمد عبدالعال الناقد والمؤرخ السينمائي المعروف في إحدى ندوات صالون المخرج الفنان أحمد فؤاد درويش بمركز الإبداع الفني في دار الأوبرا المصرية، ويشدد على أن السينما المصرية خصوصًا والعربية عمومًا في حاجة إلى استثمارات رأسمالية ضخمة في البنية التحتية ودور العرض والاستديوهات الخ.. وهذا بالإضافة إلى ضرورة تنشيط وتفعيل آليات السوق والتوزيع عربيا أولًا، وعالميا ثانيًا.
وفي هذا الصدد لا مفر من التعاون مع كبريات الشركات العالمية لإثراء الإنتاج السينمائي العربي عمومًا والمصري خصوصًا.. ويؤكد أغلب خبراء السينما على أن سحر الذهاب إلى دور العرض مع الأصدقاء والعائلة بشكل جمعي أو جماعي ثقافي واجتماعي سيظل هذا النشاط العامل الحاسم في بقاء السينما وعدم تراجعها، وربما عدم تلاشيها لا سمح الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة