وصف أحمد رزق، ممثل برنامج الأمم المتحدة المعنى بالتنمية الحضرية فى مصر «الهابيتات»، استضافة مصر للمنتدى الحضرى العالمى فى دورته الـ12 فى نوفمبر المقبل بأنه يعكس الدور الريادى والاستراتيجى، الذى تقوم به الحكومة المصرية فى النهوض بملف التنمية الحضرية والعمرانية، والذى ظهر من خلال المشروعات القومية والعمرانية الضخمة التى تتم على أرض الواقع من مدن الجيل الرابع ومشروعات تحسين حياة المواطن مثل مشروع حياة كريمة، بالإضافة إلى التطور الكبير جدا فى المرافق والبنية التحتية من مياه وصرف صحى وغيرها من المشروعات المهمة.
وأضاف رزق، لـ«اليوم السابع»: نتحدث اليوم عن أكثر من 14 مدينة متطورة تستوعب أحدث التكنولوجيات والخدمات للمواطن المصرى، فالعاصمة الإدارية أحد أكبر المشروعات القومية وهذه المشروعات التنموية الضخمة تتزامن مع انعقاد المنتدى الحضرى العالمى فى القاهرة نوفمبر المقبل، والذى من المهم أن يتناول قصص نجاح محلية وقومية تكون ملهمة للدول المشاركة فى المنتدى.
وتابع رزق: لدينا توقعات بمشاركة واسعة النطاق فى المنتدى العالمى، داعيا الجميع إلى المشاركة لأهمية الحدث العالمى والذى يتناول العديد من الموضوعات المهمة جدا التى تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، من آثار النزاعات، والتحديات المناخية، والتحديات الخاصة بمواجهة الفقر وحق السكن الملائم والقضاء على العشوائيات وكذلك التنمية العمرانية ولدينا توقعات واسعة النطاق بنجاح كبير لهذه الدورة من المؤتمر بالقاهرة، والتى تقوم على العديد من الشراكات والفعاليات المختلفة مع مشاركة كل من القطاع الحكومى والقطاع الخاص، والمجتمع المدنى، والجهات الأكاديمية.
وأوضح «رزق»: هناك علاقة وثيقة بين معدلات النمو العمرانى المخطط وارتفاع مستوى المعيشة، ففى الدول ذات الدخل المرتفع تتجاوز معدلات التحضر حاجز 80 % مقارنة بالدول ذات الدخل المنخفض لا تتجاوز 40 % ومن المتوقع مع التعديلات وخطوات إصلاح منظومة العمران المصرى أن تتجاوز نسبة النمو الحضرى 60 % بحلول 2050.
وتماشيا مع اعتماد الخطة الحضرية الجديدة، صاغت مصر سياستها الحضرية الوطنية «NUP» بالتعاون مع UN-Habitat وهى تعتبر الإطار التوجيهى لتحويل عملية التوسع الحضرى الخاصة به كمصدر للثروة من خلال الترويج لمدن ومجتمعات أكثر شمولا وأفضل اتصالا وتكاملا تكون قادرة على الصمود أمام تغير المناخ وتعزز التنمية الحضرية المستدامة.
وأكمل رزق: من ضمن خطط التطوير فى رؤية مصر 2030، هناك المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية الحضرية 2052، الذى وضعته هيئة التخطيط العمرانى والذى يؤكد على خلق مجتمع عمرانى متوازن، وهو مخطط مهم جدا.
واستكمل رزق: بذلت الدولة المصرية فى السنوات الأخيرة جهدا كبيرا فى تحسين إدارة منظومة الحيز العمرانى من خلال إصدار عدد من القوانين، لتحدد آليات جديدة لتقنين ومحاولة إصلاح الوضع العمرانى المصرى وتكوين إطار جديد للتشريعات العمرانية.
ومن أهم تجارب الهابيتات فى هذا الشأن هو العمل على إعداد مخططات إعادة ترتيب الأراضى فى أكثر من مدينة، حيث إنه جار تنفيذ مشروع التنمية الحضرية المتكاملة «حيّنا» بمحافظتى قنا ودمياط، حيث يقدم المشروع نموذجا مبتكرا لتطبيق آلية إعادة ترتيب الأراضى «PILaR» فى سياق متكامل مع استراتيجية تنمية الاقتصاد المحلى وإدارة أكثر كفاءة للمالية العامة للوحدات المحلية. ويستهدف مشروع «حيّنا» تطوير عملية التنمية الحضرية المستدامة عن طريق تطويع منهجية إعادة ترتيب الأراضى كآلية لإعداد المخططات التفصيلية لتكون مخططات متكاملة قائمة على أسس المشاركة المجتمعية وتراعى وضع الملكيات الخاصة والمحددات الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بالإضافة إلى المساهمة فى توفير الخدمات الأساسية والبنية التحتية.
وفى إطار المشروع تم اعتماد المخطط التفصيلى لمنطقة الحميدات بمدينة قنا كأول منطقة داخل المشروع، كما يتم العمل على بناء كوادر محافظتى المشروع لتمكينهم من إعادة التجربة فى مناطق أخرى.
وأكد رزق، على ريادة مصر بتبنيها توجهات استراتيجيات الإسكان العالمية والعربية من خلال رسم خارطة طريق نحو تحقيق أهداف السكن الملائم للجميع فى عام 2014، ويتضح ذلك من خلال الاستراتيجية الوطنية ورؤية مصر 2030 والمخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية 2052، والمادة 78 فى التعديل الدستورى سنة 2014.
وأشاد رزق، باستراتيجية الإسكان فى مصر والتى تعد الأولى فى الوطن العربى، ووصفها بأنها تحتوى على رؤية متكاملة لتوجيه قطاع الإسكان خلال عشرين عاما، والتى تم البدء فيها منذ عام 2016 بعد تحليل كامل لقطاع الإسكان المصرى، وكانت الوزارة داعمة بشكل كبير لفكرة إشراك قطاعات كثيرة فى الاستراتيجية، كما أننا فخورون جدا بهذه الوثيقة المتكاملة، فهى الأولى فى الوطن العربى وعلى مستوى الوثائق الدولية فهى تتسم بقدر كبير من المرونة فيما يتعلق بالتنفيذ العملى على أرض الواقع.
وعن العشوائيات قال «رزق»: مصر ليس لديها عشوائيات بالمعنى الموجود فى كثير من دول العالم، ما يوجد فى مصر أماكن غير مخططة وهو التحدى الأكبر الموجود على نطاق واسع، وخاصة فى القاهرة والجيزة، ونسعى لعدم تكونها مرة أخرى فى المستقبل مع ربطها بالخدمات الأساسية فى المدن.
ونجح برنامج الهابيتات من خلال التنسيق مع الحكومة المصرية فى تطبيق طرق غير تقليدية لتمكين الدولة من توفير حق المياه النظيفة والصرف الصحى بأقل تكلفة وأفضل جودة، وتم إطلاق تكنولوجيا الترشيح الطبيعى لضفاف الأنهار «River flirtation units» فى 2017 بمحافظة المنيا، وتم تنفيذ أكثر من 20 وحدة RBF وفرت مياها نظيفة ومستدامة لأكثر من 180 ألف نسمة بتكلفة تصل إلى 5 % فقط عن الطرق التقليدية وصديقة للبيئة، واستكمل البرنامج بتكرار التجربة لعدد وحدات أكبر لتوفير المياه النظيفة لأكثر من 450 ألف نسمة فى عديد من محافظات صعيد مصر «أسيوط والأقصر وسوهاج».
وعن قطاع النقل قال «رزق»: تطوير منظومة النقل اليوم فى مصر محط أنظار العالم أجمع، نظرا للتقدم السريع وغير المسبوق بها، فما نشهده الآن ليس فقط مواجهة تحدى احتياجات اليوم الملحة فى جميع محافظات مصر، ولكن أيضا تحديات خاصة بمستقبل مهدد بالتغيرات المناخية ومخاطر بيئية مثل تلوث الهواء فى المدن وتواتر السيول وغيرها من المخاطر، وجميعها لها علاقة بالاعتماد المفرط على السيارات الخاصة والانبعاثات الناجمة عن استخدامها دون ترشيد. يتطلب هذا توفير بدائل وكذلك بيئة عمرانية آمنة وممتعة تحفزنا على التوجه نحو نمط حياة يتصف بالتنوع فى وسائل التنقل المناسبة للاحتياجات والمسافات المختلفة.
وأوضح رزق: يذكرنا هذا بحتمية التخطيط فى نطاق مفاهيم «النمو الأخضر»، والذى نشهده الآن فى مصر بأشكال مختلفة فى رحلة تعلُّم سريعة جدا، فنشهد اليوم تطورا سريعا فى توفير وسائل نقل ومواصلات متنوعة، سواء فى المدينة أو بين المدن والمحافظات.
وتابع رزق: نرى أن هذا يستدعى المزيد من الالتفات لأهمية الراحة فى المشى وركوب الدراجات ووسائل التنقل متناهية الصغر «الميكرو-موبيليتى» ووسائل ربط أخرى متنوعة مع تحسين تصميم المدن وإدارة المساحات العامة وتطوير سياسات ركن السيارات، وهكذا نبدأ المرحلة القادمة فى رحلة تطوير التنقل المستدام فى مصر وصولا لتفاصيل خاصة بالتجربة الكاملة لرحلة المواطن «من الباب للباب». ويشمل هذا الحفاظ والتوسع فى «التشجير» للتظليل ولتخفيف ظاهرة الجزيرة الحرارية «Heat Island» والمنافع الأخرى للأشجار، وكذلك تدخلات لتطوير أمان الطرق للمشاة وتأمين مسارات ومناطق تردد الأطفال والمسنين والمرضى وذوى الهمم ورفع كفاءة وجودة وإضاءة الأرصفة وتوسيعها والتحكم فى الضوضاء وتلوث الهواء.
واستطرد: كما يجب توفير إتاحة مستمرة لسلات المهملات وتوافر عبور سطحى للمشاة وتفعيل القوانين القائمة الحاكمة لذلك والخاصة بآداب المرور، وغير ذلك من تدخلات تسمح فى مجملها بـ«الاستمتاع» بأسلوب حياة أقل اعتمادا على السيارات وتحفز الإقبال على مختلف أنواع وسائل التنقل الأخرى، بدءا بالمشى والدراجات ووصولا للاختيارات المتعددة من النقل الجماعى المتطور الذى نشهده اليوم، وهناك منهجيات وأدوات عدة للتوافق مع جميع تلك المعايير نوفرها من خلال عملنا.
واختتم رزق، تصريحاته بالقول: الكثير من الناس لن يترك السيارة إلا لو كانت الرحلة مريحة وآمنة وممتعة «من الباب للباب»، وهذا ما نسعى إليه فى المرحلة القادمة، لأن هناك إجماعا أننا لا نريد مدينة تمثل «جراج» كبيرا وملوثا، بل نريد مدينة جميلة نستطيع أن نمارس فيها نمط حياة صحيا عندما تتوافر لنا تلك العناصر اللازمة فى المدينة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة