في طريق صلاح سالم يمر الآلاف يوميا ويشاهدون تغييرات وإضافات تحدث في حرم القلعة، ومن المؤكد في داخل القلعة، دون أن يخبرنا أحد ماذا يجري؟ وما الغاية مما يحدث؟
في طريق صلاح سالم يمر الآلاف يوميا ويشاهدون تغييرات وإضافات تحدث في حرم القلعة، ومن المؤكد في داخل القلعة، دون أن يخبرنا أحد ماذا يجري؟ وما الغاية مما يحدث؟.
ولعلني أكثر المتعجبين من ذلك، فقد قضيت 5 سنوات كانت القلعة هي جزء أساسي من رسالتي للدكتوراه، ثم أصدرت كتابين عنها، وألقيت محاضرات عنها كانت واحدة منها في المتحف البريطاني، وبالتالي أنظر إلي ما يحدث بعين الباحث، فهل البوابة التذكارية التي شيدت خارج القلعة لها علاقة بمصر؟ فهي مستوحاة من العمارة الإسلامية في إيران، كما أن إزالة منطقة عرب اليسار لم تتم دون دراسة مسبقة من خبراء فهي منطقة تضم معالم كان من الممكن توظيفها لجلب المزيد من الاستثمارات لمنطقة القلعة، ليبقي السؤال المطروح في العنوان محل تساؤلات عديدة؟
إن علي وزير الآثار أن يقدم لنا إجابات واضحة حول ماذا يحدث في القلعة؟، فهي ليست قلعة عادية بل أكبر قلعة في العالم، شيدها صلاح الدين الأيوبي، وما زالت معالمها الأساسية بحاجة لمزيد من الكشف عن طريق الحفائر، فدواوين الدولة المملوكية توجد خلف باب القلعة، كما أن طباق الجند ما زال أسفل ساحات القلعة، وبحاجة للكشف، ومن المدهش أن كنوز القلعة لا تزال مدفونة بعد أن سوى محمد علي ركام القلعة ليشيد عددا من المنشآت فوقها، فقصور الحريم مشيدة فوق ركام، وبالتالي فهناك انهيارات متوقعة في أرضيات القلعة الحالية، وهذا يقودني للأخطر وهو حالة جامع محمد علي الذي حدثت به تصدعات في عصر الملك فاروق استدعت تدخلا تم فيه فك قباب الجامع، فالجامع مشيد فوق القصر الأبلق الذي يعود للعصر المملوكي وبالتالي فهو إنشائيا في حالة غير مستقرة علي المدى البعيد، وهذا يقتضي بحثا ودراسة: هل يبقي الجامع في موضعه؟ أم يفضل فكه ونقله لمكان آخر حفاظا عليه وكذلك للكشف عن القلعة المملوكية التي يعيق الجامع استكمال الكشف عنها.
ومن المدهش أن المشروع الحالي للقلعة لا يزال يتعامل مع جزء من القلعة، فميدان القلعة هو جزء من القلعة، وله سور لا تزال بقاياه خلف سنترال القلعة، والحفر الأثري للميدان الحفر ا سيقدم لنا معلومات أثرية غير مسبوقة في تاريخ مصر، خاصة أن به طبقات أثرية متعددة، والميدان هو أكبر ميدان أثري في العالم، وهو يضم معالم أثرية فاذا أحسنا الكشف الأثري عنها وتوظيفها سيعود ذلك علي مصر بالكثير.
إن كل ما سبق يؤشر إلى أن هناك أزمة في مصر في إدارة المواقع التراثية بصورة منهجية وعلمية، فضلا عن عدم وضوح مفهوم اقتصاديات التراث، وهو مفهوم يقوم على تحقيق أعلى عائد من التراث الوطني بما يتواءم مع طبيعة هذا التراث، وهذه مسألة شاقة على كثير من المسئولين، بسبب الإدارة التقليدية للآثار، فنحن ننظر للتذكرة التي تحصل عند دخول الأثر على أنها المصدر الرئيسي للدخل، فإعمال الخيال في تجارب العديد من الدول أدت لإلغاء التذاكر، كما حدث في المتحف البريطاني، ونحن هنا نقر أن إدارة المواقع الأثرية لها جوانب متعددة أحدها الموارد التي يجلبها الأثر، لكن هناك جانب أهم من الموارد وهو علاقة المواطن بالأثر فلسنوات ونحن نتعامل مع الأثر على أنه للسياح، في الوقت الذي يجب أن يقدم الأثر للمواطن المصري أولا وللناشئة، لا أن يعجز أصحاب الدخول المتواضعة وتلاميذ المدارس الحكومية عن دخول الآثار بسبب تذاكر باهظة، فزيارة الآثار جزء يؤكد الهوية الوطنية، وهي مملوكة للمواطن المصري والدولة تديرها نيابة عنه.
إن المطاعم وبيوت الهدايا والبازارات وغيرها يجب أن تكون لها فلسفة في الديكورات، وفيما تقدمه حتى تتوافق مع المكان الذي تفتح به، بل من الممكن أن تتكامل مع طبيعة الأثر ليشكلا معا روحا واحدة، هكذا يجري العمل في كل أنحاء العالم إلا في مصر.
إن قلعة صلاح الدين الأيوبي بممراتها وأسوارها وقصورها وأسرارها التي لم تكشف بعد، والتي ظلت المقر الرئيسي لحكم مصر منذ العصر الأيوبي حتي القرن 19 تستحق أن نقف أمامها مندهشين فهي تحمل من الأسرار التاريخية ما يجعل الزائر يقضي أياما بين دار السكة أو سجن القلعة أو الممر الصخري الذي حدثت به مذبحة المماليك أو برج المطار الذي كان به الحمام الزاجل للتواصل مع أطراف الدولة، كل هذا وغيره يستحق أن يراه كل المصريين بلا عوائق أو قيود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة