تمر اليوم ذكرى رحيل الإمام محمد عبده، الذي توفي في 11 يوليو من سنة 2005، وكان أشهر أهل زمانه في وقته، وكان له موقف تنويري وله عقل يستخدمه في دراسة الأشياء وتأملها، لكن بعد رحيله ظل سؤال يطارد تاريخ الإمام: هل انتمى الإمام لـ محافل ماسونية فترة من حياته؟
والإجابة هي: نعم ولكن
وكي نفهم هذه النقطة الشائكة في حياة الإمام محمد عبده وجب تحديد نقطتين مهمتين، هما علاقة الشيخ بجمال الدين الأفغاني، وتاريخ الماسونية.
أولا: علاقة الإمام بالشيخ جمال الدين الأفغاني:
زار الشيخ جمال الدين الأفغاني مصر في سنة 1871 وغادرها سنة 1879، وتعرف على رموز مصر وأعلامها وكان منهم الشيخ محمد عبده.
وقد اطلع محمد عبده على أفكار الأفغاني وأعجب بها، وانضما بالفعل إلى الحركة الماسونية التى رفعت شعار الثورة الفرنسية "حرية، إخاء، مساواة".
وذكر جرجي زيدان أن الإمام محمد عبده دخل المحفل البريطاني ثم غادره إلى المحفل الشرقي الفرنساوي "عندما وقفت الماسونية بمصر موقف الذي لا يبالي بظلم نظام الخديوي".
وفي كتاب "الاتجاهات الوطنية"، يذكر محمد محمد حسين "أن الشيخ محمد عبده كان عضواً في جمعية مصر الفتاة التي حركت الثورة العرابية، وكانت في نواتها تتشابه بينها وبين جمعية تركيا الفتاة، حيث أن عدداً من أعضائها من الماسون والمتأثرين بمبادئ الثورة الفرنسية التي كان بعض زعمائها ومفكريها من الماسون".
ثانيا: تاريخ الماسونية والتنوير
نعرف جميعا أن كلمة "ماسونية" الآن تحمل معاني سلبية كبيرة، وتدل على أفكار استعمارية، لكنها لم تكن كذلك في البدايات، أو على الأقل لم تكن معروفة بهذا السمت.
ومن هنا التمس البعض العذر للشيخ محمد عبده وكانت حجتهم أن الماسونية لم تكن معروفة في زمنهم كما هي عليه الآن، وهي مجهولة بالنسبة لهم، لذلك فهم معذورون في دخولهم هذا، وفي عملهم ذاك.
ويؤكد ذلك المعنى أن الشيخ محمد عبده قد ترك المحفل البريطاني عندما وجد أفكاره الاستعمارية التي كانت تساند الخديوي ولا تقف مع الشعب.
كما أن الماسونية في ذلك الوقت كانت تربتط أكثر بالتنوير والآراء المتطلعة للشعوب وتتحدث عن السلام والمساواة، ولم تكن موجهه بهذه الصورة القاطعة والمنحازة تماما للدول الكبرى والأفكار الاستعمارية، أو تلك التي تسعى للقضاء على الهويات وتسعى لميوعة العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة