الكتابة متنوعة، والمبدع مرة يكتب من خياله ومرة أخرى يكتب من واقعه، وهناك قصص حقيقة تأتى من قلب الواقع ويقوم الكاتب بسردها والتعبير عنها فى شكل سرد قصصى مميز تجعل القارئ يتصور المشهد وكأنه فيلم سينمائى يشاهده ويتخيل أبطاله وكأنهم أمام عينيه، وهذا ما حدث في قصة "الهزيمة كان اسمها فاطمة".
وبمناسبة ذكرى النكسة عام 1967، قدم الكاتب والروائى الراحل إحسان عبد القدوس قصة واقعية لفتاة اسمها فاطمة، وأطلق عليها اسم "الهزيمة كان اسمها فاطمة" وللقصة كواليس سردها لنا ابنه محمد عبد القدوس، حيث قال في تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، إن القصة واقعية لفتاة اسمها فاطمة كانت من إحدى معجبات أبى بوصفه كاتبا، وصممت في يوم من الأيام مقابلته في منزله، وكعادة إحسان عبد القدوس فإنه يستقبل المعجبين في بيته ويتحدث معهم ليخرج منها بمادة صالحة للكتابة".
وأوضح محمد عبد القدوس، أن "فاطمة بدأت تتحدث بأنها كانت من أسرة راقية وكانت تعمل مدرسة موسيقى، وبعد النكسة ذهبت إلى محافظة الشرقية وهناك تعرضت لظروف صعبة دفعتها للانحراف"، وهذه القصة جعلت إحسان يكتبها ويمزج بها الخيال لتخرج في صورة اسمها الهزيمة اسمها فاطمة.
ولفت محمد عبد القدوس، إلى أنها كانت لا تعرف بأن قصتها سوف يكتبها إحسان عبد القدوس، لكنها كانت من معجبيه وكانت تسمع بأنه يسمع مشاكل معجبينه بسهولة ولا يغلق الباب في وجه أحد.
وقال إحسان عبد القدوس، فاطمة فقدت جزءًا من كرامتها وإنسانيتها في خضم البحث عن اللقمة والسقف اللذين فقدتهما بينما كان يرغب البعض بصنع انتصارات على حسابها، كم اسما نستطيع أن نضع مكان اسم فاطمة في عنوان القصة؟
واختتم إحسان عبد القدوس القصة قائلا: انتهت فاطمة من حكايتها بعد أن تركت الدموع تطل من بين جفنى، برغم أن دموعى دائما عصية لا تستجيب لأى نداء أبدا، ولكنها استجابت عندما رأت هزيمة 67 مجسمة في إنسان.. وأخذت أقاوم دموعى بأن أذكر نفسى بما حدث للمجتمع البريطاني بعد انسحاب الجيوش من دنكرك، وبما حدث للمجتمع الألماني والإيطالى واليابانى بعد الهزيمة، إن ما حدث في المجتمع المصرى أخف وأرحم..
وكنت قد كتبت قصصا ومسرحيات ومقالات كثيرة عن هزيمة 67 وكانت كلها قصصا يدفعنى إليها تجسيمى للهزيمة... ولكن هذه القصة.. قصة فاطمة لم أكتبها إلا اليوم.. فقد كانت أقسى وأبشع صورة للهزيمة يمكن أن يتحملها قلمى، ويمكن أن أضعها أما القارئ.
وتابع إحسان عبد القدوس، ولا أدرى أين فاطمة اليوم.. لقد وعدتنى بعد أن زارتنى أن تتصل بى لتروى لى ما يجد في حياتها.. ولكنها لم تتصل... لعلها سافرت مع الإنسان العربى الذى احتواها.. ولعلها وجدت في الاحترام الذى استقبلت به في بيتى ما أحرجها من أن تكرر الزيارة... لا أدرى أين هي..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة