نعرف مذبحة المماليك التى قام بها محمد على باشا فى القلعة فى سنة 1911، وهى قصة شهيرة تناولتها كتب التاريخ، لكن سمعت عن مذبحة المماليك الثانية فى سنة 1912، والتى قام بها إبراهيم باشا.
حسبما ذكرت مقدمة كتاب "آخرة المماليك" إنه فى صعيد مصر، التى يحدثنا عنها المستشرق الفرنسى بريس دانين المعاصر للأحداث والذى تسمى باسم إدريس أفندى يقول دافين التجأ المماليك الذين فروا من مذبحة القلعة – حيث قتل 1200 منهم - إلى النوبة ودنقلة.
واضطروا مكروبين من ناحية بعقبات الطبيعة، ومن ناحية أخرى بتعقب "إبراهيم بك، إياهم - وقد أنهكهم قتال أقدموا عليه هنا وهناك دون ظفر - الى أن يلتمسوا المأوى فى الجبال التى يقطنها العبابدة والبشارية.
وأجبرتهم هذه القبائل الهمجية على أداء ثمن باهظ عن تلك الضيافة العقيمة، وقد أنفق البكوات لإمداد جنودهم بالقوت اللازم فى قلب تلك الصحراء جميع ما ملكت أيديهم، وعلى الرغم من التضحية بذخائرهم فقد هلكت جميع جيادهم من قلة الغذاء، وهلك كثير من رجالهم نتيجة لشدة الحرمان .
فلما أطلق المماليك من راحة الحياة، وأصبحوا يعانون ما لا يطاق من الضيق، قبلوا أن يستمعوا لعروض الصلح التى أرسل إبراهيم الماكر مندوبيه يقترحونها عليهم وسط كربتهم، ولم يعدهم سلامة حياتهم فحسب، بل وأن يعيدهم الى مثل المناصب التى فى مستوى رتبهم وأن يرد لهم ممتلكاتهم، وهذا كله على شرط أن يعترفوا بحكومة محمد على .
ولقد خلبت هذه الوعود نحو 400 مملوك فأنستهم الدرس القاسى الذى تلقوه منذ عام خلا، وكان على رأسهم بكوات مختلفون، فقبلوا المقترحات.
وفى نهاية مايو عام 1812 نزلوا من الجبال قوافل صغيرة و اتجهوا نحو إسنا حيث كان مقر قيادة إبراهيم، فلما اجتمع المماليك، ورأى ابن محمد على أنه لا ينبغى انتظار قدوم آخرين تستدرجهم تلك الوعود المغرية، أصدر أمره بالإجهاز على أشتات هؤلاء الجند الذين كانوا ذوى صولة فيما مضى. وفى ليلة واحدة ذبحوا جميعا بلا رحمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة