تهل علينا فى مصر المحروسة بعناية الله -سبحانه وتعالى- الذكرى السنوية لاحتفالنا بثورة ٣٠ يونيو، تلك الذكرى التى تمثل علامة فارقة فى تاريخ مصر والشرق الأوسط بأكمله، فنهضة مصر ونجاتها من الانزلاق فى الفوضى الخلاقة والحروب الأهلية نجاة لباقى دول المنطقة.
إن ثورة ٣٠ يونيو تعبر عن هوية مصر الراسخة المستمدة من جذور التاريخ وعبق الماضى، فمصر هى الحضارة والعراقة والمستقبل، فالدوى الكبرى على مر التاريخ تحاول السيطرة على العالم من خلال مصر ويبقى الشعب المصرى بأزهره الشريف وكنيسته وجيشه وشرطته الصخرة التى تتحطم عليها أطماع أهل الشر.
فنحن المصريين جميعا معا الضمانة والحماية للدولة المصرية، وعلّمنا التاريخ أن مصر دوما منتصرة، أين الهكسوس والتتار وغيرهم؟ احتلوا العالم أجمع وعندما جاءوا إلى مصر كانت نهايتهم، فنحن جنود الحق فى الأرض وبتطور الحروب من الحروب التقليدية إلى حروب القيم والروابط المجتمعية "حروب الأجيال" تلك الأنماط الجديدة من الحروب التى تعمل على تحيد القوى الصلبة للدول "الجيوش النظامية" وتستهدف المجتمع وتنشر الصراعات العرقية والمذهبية والمجتمعية "جماعة الإخوان نموذجا".
إن تلك الأنماط من الحروب استحدثت لاستهداف اليد التى تضغط على الزناد "العنصر البشري" تلك الأنماط من الدروس المستفادة من انتصار الجيش والشعب المصرى فى حرب السادس من أكتوبر العاشر من رمضان عام ١٩٧٣، حيث إن تلك الحرب من أواخر الحروب التقليدية، فمراكز الدراسات الاستراتيجية حول العالم من عادتها إصدار تقرير سنوى عن قوة دول العالم العسكرية، وقبل نصر أكتوبر العظيم كانت تعتمد فى تقيمها السنوى للقوة العسكرية للدول على عدد المعدات العسكرية التى تملكها، وبقدر ما تمتلكه الدول من عتاد عسكرى وقدرة اقتصادية يكون ترتيبها كقوة عسكرية، ويذكر أنه فى يناير عام ١٩٧٣ صدر تقرير من أهم مراكز الدراسات الاستراتيجية فى لندن مفاده تفوق إسرائيل على مصر والدول العربية مجتمعة، فى حالة نشوب حرب بينها، وذلك لامتلاك إسرائيل الدعم الأمريكى المتمثل فى أحدث الأسلحة ووجود مانع مائى وخط بارليف الحصين، ولم تكن العقيدة القتالية ضمن بنود التقييم، وحدثت المعجزة المصرية، فنحن نمتلك عقيدة قتالية مفادها النصر أو الشهادة، تلك العقيدة التى لا تفسير لها، إنها فى جينات المصريين، وقد لخصها سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بأننا شعب مصر خير أجناد الأرض، وأعتبر كباحث العقيدة القتالية المصرية سر من أسرار مصر، مثلها مثل سر بناء الأهرامات، وبعد انتصار مصر فى حرب أكتوبر، انتظر المفكرون العسكرون والباحثون التقرير الجديد ليعرفوا كيف حقق المصريون المستحيل، وكان مفتاح النصر لمصر بجانب الإعداد الجيد والخطط العسكرية، الروح المعنوية والتلاحم المجتمعى "الهوية الوطنية" وتمت إضافة تلك البنود ضمن التقييم العسكرى لقياس قوة الدول.
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هناك معضلة فى أنماط الحروب الجديدة وهى كيفية تفتيت المجتمعات من الداخل مع تحيد القوى الصلبة للدول، لتسقط الدول من تلقاء نفسها دون حروب، نموذج سوريا واليمن وليبيا والعراق، حفظها الله وأعاد لها الأمن والأمان.
إن التاريخ العسكرى كما وقف بالفحص والدرس ليتعلم من مصر كيف حققت نصر أكتوبر العظيم، توقف ثانية ليرى أبناء جيل أكتوبر عام ١٩٧٣ وهم يسطرون ملحمة إنقاذ مصر والمنطقة العربية فى ٣٠ يونيو بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع آنذاك، حفظه الله تعالى وسدد خطاه، فسيادته يمثل نموذجا للهوية الوطنية المصرية، ويعبر عن العقيدة القتالية المصرية، فقد تربى فى منطقة شعبية، حيث الأصالة والتاريخ والدين الوسطى، فقربه من الله تعالى وعفة لسانه وتجرده وصفاؤه النفسى تعبر عن الجذور المصرية والتجذر الحضارى تلك الصفات وغيرها بفضل الله تعالى مع العمل والعلم وامتلاك القوة هي جسر عبور مصر من الفوضى إلى الاستقرار، ويحاول أهل الشر القضاء على التجربة المصرية بالإرهاب والأزمات الاقتصادية، لكن هيهات أن ينخدع الشعب المصرى مرة ثانية، فنحن نعمل ونجتهد ونصبر من أجل مستقبل بلادنا وأبنائنا، وقد انطلق قطار التعمير والبناء فى كافة ربوع مصر مع الاهتمام بالقوة العسكرية كقوة ردع وإعادة تطوير الجيش والمؤسسات الأمنية وتوطين التصنيع المدنى والعسكرى والاهتمام بالزراعة، وغيرها من الإنجازات التى تحتاج إلى مجلدات لكتابتها، ونشاهد نتائجها على الأرض.
فنحن المصريين نخوض حرب وجود، وقوتنا فى وحدتنا، حفظ الله مصر وجيشها وشعبها وشرطتها وقيادتها السياسية، ودائما وأبدا أقول معا نستطيع دولة ومجتمع مدنى للارتقاء بجودة الحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة