أكرم القصاص

التاريخ لا يعرف «لو».. أسئلة النكبة والفرص الضائعة!

الأربعاء، 15 مايو 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

التاريخ لا يعرف لو، لأن ما يجرى هو ما يؤدى لنتائج، ويفترض أن يكون التاريخ مجرد درس يمكن التعلم منه، لأنه لا يمكن تكراره، نقول هذا بمناسبة ذكرى النكبة الفلسطينية، والتى أطلقت على خسارة حرب 1948 بعد رفض قرار التقسيم، والذى أعلنته الأمم المتحدة، وتوالت التفاصيل والحروب.

15 مايو، هو اليوم التالى لإعلان قيام إسرائيل عام 1948، لكن التفاصيل بدأت قبل ذلك وحتى قبل قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، فقد تعامل الصهاينة بتخطيط وتدرج، بينما بقى الطرف الآخر عند الشعار والرفض الذى لا تسنده وحدة، وتحيطه المزايدة والاتهامات بالخيانة لكل من حاول طرح الأسئلة حول ما يجرى.

ذكرى النكبة هذا العام تأتى بينما يواجه الفلسطينيون فى غزة حرب إبادة ضخمة تتجاوز فى إجرامها وعنفها ما جرى وقت النكبة، حرب يشنها المتطرفون الإسرائيليون ونتنياهو، بأسلحة دمار أحدث وأقوى عشرات ومئات المرات من بنادق حروب النكبة، حرب تعيد التذكير بكل التاريخ، وتعيد طرح أسئلة عما إذا كان أصحاب القضية يدركون أبعادها، ويعرفون ماذا يريدون؟

الحرب على غزة تدور بعد عقود من النكبة، لكنها تشير إلى أن أحدا لم يتغير، فقد استقطبت القضية الفلسطينية مشاعر وارتباط كل الإقليم والشرق الأوسط، وتحولت إلى قضية مركزية، دارت حولها مواجهات متعددة، واجهت مصر تحديدا عدوانا ثلاثيا من إسرائيل وإنجلترا وفرنسا عام 1956، ثم هزيمة يونيو 1967، لمصر وسوريا، ثم انتصارات أكتوبر 1973، وكلها كانت مواجهات عربية إسرائيلية، كانت مصر فى المواجهة، صحيح كانت هناك ارتباطات عربية لكن بقيت مصر على الارتباط الأقوى على مدى العقود، وهو أمر ما زال قائما، حيث تتمسك الدولة المصرية فى الحرب بثوابت وخطوط منذ 7 أكتوبر وما قبلها فى كل المواجهات التى تمت على مدى العقود وخلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

ومن المفارقات أن مصر رغم أنها صاحبة المواقف الأقوى والأكثر مسؤولية، فإنها أيضا تواجه هجمات وأكاذيب ومزايدات واتهامات تقوم فى الأساس على شائعات وافتراضات خاطئة، لكنها تروج بفضل كونها تنطلق من إسرائيل، بينما تحمل غلافا ملتبسا.

كانت إسرائيل وما زالت تواجه خطوات وخطوط مصر لوقف العدوان، ليس فقط فى المرة الحالية لكن قبلها، فالدولة المصرية هى التى تعرف أهمية وحدة الفلسطينيين وتنوعهم، الدولة المصرية هى التى ترعى المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، والتى تسببت فيها صراعات 2006، التى شقت الوحدة الفلسطينية لأول مرة، وكسرت الخطوط الحمراء لوحدة الفلسطينيين التى وضعها الرئيس الراحل ياسر عرفات.

وبمناسبة ذكرى النكبة فى مايو 1948، لا يفترض أن تتحول الذكرى إلى صراع وأحزان ولطميات، لكنها يفترض أن تمثل درسا يتعلم منه الجميع، ربما لا يوجد فى التاريخ «لو»، لكن هل كان يمكن أن يقبل الفلسطينيون قرار التقسيم من الأمم المتحدة عام 1947 بالرغم من أنه كان يعطى أكثر من نصف أرض فلسطين لليهود، وأقل من النصف للفلسطينيين، كان من نصيب الدولة اليهودية صحراء النقب، بجانب أن قرار التقسيم اعتبر القدس وبيت لحم ضمن التدويل وأخرجها من المعادلة، لكن ما جرى بعد ذلك أن إسرائيل قامت وتوسعت وحصلت على مساحات أكبر، بينما خسر العرب الحرب وقامت إسرائيل، فهل كان يمكن أن يبقى الفلسطينيون ويكافحوا بنفس طريقة الآخرين، بالسعى والتدرج ووقف الصراع الداخلى والمزايدات والتخوين؟

نفس السؤال عندما عقد مؤتمر مينا هاوس بعد اتفاقية السلام، التى عقدها الرئيس السادات، واشترط مشاركة الفلسطينيين، لكنهم رفضوا، والمفارقة أن سوريا وفلسطين قبلتا فى مدريد وأوسلو أقل مما رفضوه فى مينا هاوس، ومع هذا توالت المزايدات والصراعات التى قسمت الدولة الوليدة إلى كيانات، سقط فى الصراع من الإخوة أضعاف ما سقط من الأعداء، والواقع أن التخوين والاتهامات والصراعات بالفعل أسقطت من الفلسطينيين أضعاف ما جرى مع الآخرين.
ربما لهذا يفترض أن تجرى قراءة التاريخ، والتعرف على من ساند ومن عضد ومن اكتفى بتحويل الأمر إلى مصالح وحسابات فى البنوك والمؤتمرات، وليس على الأرض.

الحرب فى غزة تعيد مع ذكرى النكبة أهمية طرح الأسئلة والشجاعة فى الإجابة عنها، وأهم الدروس هو وحدة الفلسطينيين والاعتراف بأن الانقسام والاقتتال المتبادل كان خطأ يجب تداركه، من دون «لو»، وأن إسرائيل ونتنياهو ومجرمى الحرب إنما ينفذون من ثغرات الصراع الذاتى، وعلى الفلسطينيين أن يذهبوا معا لأى خطوات وأن تتغير الخطط والدروس.

p.8
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة