تتبع دول أمريكا اللاتينية عدة طرق في محاولة لمواجهة أزمة التضخم وارتفاع الأسعار التي أصبحت تعانى منها في الفترة الأخيرة ، ومن بين هذه الطرق ، اصدار أوراق نقدية جديدة ، مثل التي اتبعتها الأرجنتين وسبقتها فنزويلا، وهناك دول اختارت اللجوء إلى الدولرة ، وتأتى الإكوادور في المقدمة.
وأصدرت الأرجنتين ورقة نقدية جديدة من فئة 10 آلاف بيزو، والتي تعادل قيمتها 11 دولار فقط حسب سعر الصرف الرسمي، مع مواجهة الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية أعلى معدل تضخم في العالم قرب 300%، وتزيد قيمة تلك الورقة الجديدة خمسة أضعاف قيمة الفئة السابقة 2000 بيزو التي بدأ تداولها العام الماضي.
وأصدر البنك المركزي الورقة النقدية الثلاثاء الماضى أملاً في تخفيف المشكلات التي تشمل حمل الأفراد كميات كبيرة من النقود مع استمرار شعبية المعاملات النقدية أو الكاش في الأرجنتين، والطلب على أعداد كبيرة من الأوراق النقدية ونفاد مساحة خزائن البنوك.
وأوضح البنك أن الورقة النقدية بقيمة 10 آلاف بيزو، إلى جانب ورقة بفئة أكبر 20 ألف بيزو - سيتم تداولها قرب نهاية العام - تهدف لتسهيل المعاملات بين المستخدمين وخفض التكاليف، وتبسيط لوجستيات النظام المالي.
وذلك في ظل سعي الرئيس الجديد خافيير مايلي لمعالجة الأزمة الاقتصادية، وساعدت تدابيره التقشفية الصارمة وخفض التكاليف على ارتفاع الأسعار بشكل أسرع من المتوقع.
وخلال الخمس سنوات الماضية، فقد البيزو 95% من قيمته في ظل الأزمة الاقتصادية، ما دفع التضخم السنوي للارتفاع إلى 287% في مارس من هذا العام، ويقترب الآن من 300%.
وكانت اول دولة تقوم بذلك فنزويلا ، حيث أصدر البنك الفنزويلي في عام 2021 ثلاث أوراق نقدية جديدة من بينها واحدة تبلغ مليون بوليفيا ، في ظل التضخم الجامح، وسمح البنك المركزي الفنزويلي نظامه النقدي من خلال إصدار 3 أوراق نقدية جديدة؛ منها واحدة تبلغ قيمتها مليون بوليفار، في ظل التضخم الجامح.
وتتراوح قيمة الأوراق النقدية الجديدة بين 200 ألف و500 ألف ومليون بوليفار، وبدأ التداول بها تدريجياً اعتباراً من 8 مارس 2021 من أجل تلبية حاجات الاقتصاد الوطني، وفق لما أعلنه البنك.
الدولرة
أما عن الدولرة ، فكان الرئيس الأرجنتينى أيضا أثار الجدل في بداية حكمه يرى أن الدولرة أحد الحلول للتخلص من أزمة التضخم.
وفي أمريكا اللاتينية، قامت الإكوادور والسلفادور فقط باستبدال عملتيهما الوطنيتين بالدولار الأمريكي. تستخدم بنما عملتها الوطنية، ولكن فقط في المعاملات الصغيرة وتستخدم الدولار في التحركات الاقتصادية الكبيرة.
ووفقاً لخورخي جونزاليس إزكويردو، أستاذ الاقتصاد في جامعة ديل باسيفيكو ، ببيرو ، فإن تحويل اقتصاد ما إلى دولرة يتطلب أن تقوم الدولة بشراء كل العملة الوطنية المتداولة وإصدار الدولارات، وإذا كان الأمر كذلك، فإن أي دولة يجب أن تمتلك عموداً فقرياً ضخماً للغاية من الاحتياطيات الدولية، وإلا كان لزاماً عليها أن تطلب من وزارة الخارجية الأمريكية توفير السيولة المفقودة، أو استثمار رأس المال من الخارج أو إصدار السندات ، والدخول في الديون.
وعن إمكانية القضاء على مشاكل كبيرة كالتضخم، أكد الخبير أن امتلاك الدولار لا يحررك من تلك الأمور، بسبب الاعتماد الذي يتطور على العملة الأمريكية التي تعاني من آثار التضخم والبطالة.
وهناك عدة دول في أمريكا اللاتينية اتجهت رسميا أو فعليا إلى الدولار.
الاكوادور
واعتمدت الإكوادور، التي يبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة، الدولار في مارس 2000 سعيا للخروج من أزمة مصرفية عميقة جلبت لها خسائر بلغت 5 مليارات دولار وأدت إلى إفلاس آلاف الأشخاص. وهدد ارتفاع الأسعار بالتحول إلى تضخم مفرط، وبالتالي تعتبر الاكوادور اول دولة تضفى الطابع الرسمي على الدولار كعملة في البلاد، في الوقت الذى تعتبر بنما اول دولة تستخدمها منذ 1903.
وبفضل هذه الآلية، حققت الإكوادور مستويات تضخم منخفضة، حتى مع فترات الانكماش، وبالنسبة لعام 2023، من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم السنوي 3.10%.
السلفادور
وفي يناير 2001، قامت السلفادور، التي يبلغ عدد سكانها 6.3 مليون نسمة، باستبدال الكولون بالدولار. وكانت حكومة فرانسيسكو فلوريس (1999-2004) تسعى إلى جعل البلاد أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي والحد من مخاطر انخفاض قيمة العملة.
وقال الخبير الاقتصادي المستقل سيزار فيلالونا، كان للدولرة آثارها السلبية. فقد زادت تكاليف المعيشة. وعندما دخل الدولار، ارتفعت أسعار السلع والخدمات بشكل كبير، وأولئك الذين يواصلون دفع ثمن هذا الوضع هم الأكثر فقرا. ليس لدينا سياسة نقدية، لأننا نعتمد "حول ما تفعله الولايات المتحدة بهذه العملة.
بنما
بنما هي إحدى دول أمريكا اللاتينية حيث يتم تداول الدولار كعملة رسمية لأطول فترة، على قدم المساواة مع بالبوا، العملة المحلية.، وتم استخدام الدولار منذ عام 1904، بعد وقت قصير من استقلال البلاد عن كولومبيا واقترابها من الولايات المتحدة لبناء قناة بنما، التي كانت تحت السيطرة البنمية فقط منذ عام 1999.
من ناحية أخرى، يرى الخبراء أن للدولرة مساوئ أيضا وأضرارا، منها فقدان الدولة سيادتها النقدية، أى أن بنكها الوطنى لم يعد يتحكم فى العملة التى يتم تداولها فى أراضيها، وتأتى هذه القوة من واشنطن، أى البنك المركزى الأمريكى، وهذا يولد اختلال فى ميزان المدفوعات تؤدى إلى نشوء ديون خارجية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة