كازينو كرة القدم.. المراهنات في مصر سرطان يغزو المقاهي والبيوت.. جرائم قتل وسرقة فاتورة الإفلاس.. فوضى القيود تخلق 10 ملايين مراهن.. الأندية تصرخ وكاف يتهرب والأطفال ضحية.. ولوائح فيفا عاجزة أمام الثراء الأسود

السبت، 20 أبريل 2024 04:00 م
كازينو كرة القدم.. المراهنات في مصر سرطان يغزو المقاهي والبيوت.. جرائم قتل وسرقة فاتورة الإفلاس.. فوضى القيود تخلق 10 ملايين مراهن.. الأندية تصرخ وكاف يتهرب والأطفال ضحية.. ولوائح فيفا عاجزة أمام الثراء الأسود المراهنات وكرة القدم
تحقيق – حسن السعدني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الإرشاد النفسي: هناك 3 دوافع لحالات اضطراب القمار القهري

والد طفل يشكو تدهور الحالة النفسية والتعليمية.. ومراهن يبكى ندمًا

اتحاد الكرة: رحبنا بالتنبؤات الشفافة والمراهنات دخلت من باب الإثارة

خبير لوائح يتهم الكاف بالترويج للمراهنات ويؤكد: "مرض مزمن للمجتمع"

دار الإفتاء ترفض التلاعب بالمسميات وتؤكد تحريم الميسر والقمار

واقعة استنساخ بدائي في صعيد مصر.. والتكنولوجيا تُنمى الظاهرة

الاتحاد الأفريقي يرفض الرد على رعاية أحد مواقع المراهنة لبطولاته

بلاغ لحماية الأطفال.. وأكشاك السجائر توفر الخدمة للمراهقين

زوجة قاتل الستاموني تكشف لغز جريمة زوجها بعد إدمان المراهنات

المراهنات
تطاير عقل أحد الشباب فرحًا أمامي في مقهى شعبي صغير، كما يتطاير دخان "الشيشة" فوق رؤوسنا، حينما سجل فريق كوبنهاجن الدنماركي هدفا فى مرمى مانشستر يونايتد بدوري الأبطال، جنون الشباب بتسجيل ذاك الفريق المغمور هدفه الثاني أمام العملاق الإنجليزي كان مريبًا للغاية مع نهاية الشوط الأول بنتيجة 2-2.

الهيستريا التي عاشها هذا الشاب لدقائق سرقت انتباهي أكثر من المباراة نفسها - رغم متعتها - وبدأت التساؤلات تئن فى رأسي.. ما السر الذي يجعل شاباً يشجع كوبنهاجن ويحتفل بتعادله مع اليونايتد إلى هذا الحد؟ فكل انفعالاته مع الأهداف كانت خارج أطوار الكرة وجنونها، لكن هذه التساؤلات لم تبق حبيسة عقلي المضطرب تجاه هذا الشاب، الذى لا تبدو على هيئته "المتعبة"، وملابسه التي يفوح منها رائحة الشقاء، أنه دنماركيًا حتى يفرح بأهداف كوبنهاجن وكأنه يطفو فوق السحاب، كان هناك سرًا بالتأكيد، فاقتربت منه واستدرجته بفضول زائد، وفهمت حينها أنه راهن على تعادل مانشستر يونايتد وكوبنهاجن بهدفين لكل منهما، وأنه حال نهاية المباراة كذلك، سيربح مبالغ مالية تفوق 15 ألف جنيه من أحد مواقع المراهنات، لن أشرح ما حدث في شوط المباراة الثاني لأنه كان متوقعًا، انهارت أحلام الشاب بتسجيل يونايتد وكوبنهاجن أهدافا جديدة، في مباراة انتهت 4-3 للفريق الدنماركي، وتحول وجه الشاب الضاحك إلى خطوط رفيعة من التجاعيد لا تناسب سنه، وكأنه دخل نفقا عميقًا من الهواجس، المهم، انتهى الموقف وبدأت بعده رحلة هذا التحقيق عن المراهنات.

تصميم يوم سابع
المراهنات في كرة القدم

عالم من الفوضى وخدمات مغرية للرهان

تنتشر مراهنات كرة القدم في مصر بشكل فوضوي، فيكفي أن تكتب نصف الكلمة على محرك البحث الشهير "جوجل"، حتى تُفتح أمامك مئات السبل والخيارات والإغراءات، للدخول إلى هذا العالم الأسود، الذي يصور لك كرة القدم على أنها "كازينو" كبير، يرتاده عشرات الملايين.

وتنمو مواقع المراهنات الرياضية، عبر الانترنت، بشكل أكبر، وتعتمد على توقع نتائج مباريات كرة القدم، وهي متاحة للجميع، ولا تقتصر على الخبراء أو أصحاب المعلومات الرياضية فقط، كما لا ترتبط بسن أو جنس معين، ولا تحتاج حسابات بنكية لتفعيلها، بعدما دخلت المحافظ الإلكترونية كوسيط لإدارة هذه الصناعة، وأيضا لا تحتاج عبقرية ومتابعة دقيقة، لأنها ببساطة تحتوى على معلومات الفرق والمباريات، وتقدم إحصائيات وأحدث التوقعات، كل ذلك للحصول على أموال نتيجة التوقع الصحيح عن طريق الاشتراك بقيمة مالية، والفوز بعد التوقع الصحيح بالكثير من المال الذي يشمل ما قام بدفعه وما دفعه غيره من المتسابقين، وعن عمليات السحب والإيداع، فتلك المواقع أتاحت الدفع بمجموعة كبيرة من خيارات الدفع الذكية المتوفرة في البلاد العربية بشكل عام.

صور من جوجل (2)
فوضي إليكترونية في المراهنات

رابحون وخاسرون.. الضحايا يتحدثون

مواقع المراهنات لا تخسر شيئًا، الرابحون يحصلون على ثرائهم من أموال الخاسرين في نفس اللعبة، هذا ما شرحه "أيمن - 45 سنة – مدرس ومقيم بالقاهرة"، لليوم السابع، بعدما خسر نجله "رامي – 17 سنة" طالب بالثانوية العامة، كل مدخراته والتي فاقت 4000 جنيهًا مصريًا في الرهان على مباراة بكأس العالم 2022 بقطر، والتي جمعت ألمانيا واليابان، وكان من المتوقع أن يكسب هذا الشاب 12 ألف جنيهًا لو خرجت المباراة بالتعادل حسب معدل التنبؤات التي قام بها.

يقول أيمن إن نجله دخل في حالة اكتئاب وفشل في تحصيل نتيجة مرضية في الثانوية العامة، والغريب أن هذا الطالب أدمن المراهنات التي يفوز بها مرة ويخسر فيها عشرات المرات، وكأنه يدور في حلقة مغلقة لا يعرف كيف يخرج منها، سوى أن المواقع تربح من تصفحه هو وزملائه لها.

كما يقول "لطفي 24 سنة" لليوم السابع، أنه عرف المراهنات عبر الانترنت منذ سنتين، وحتى الآن كسب منها ما يفوق 20 ألفا جنيهًا، ورغم خسارته للعديد من المرات إلا أن مكسب واحد كفيل بتعويض هذه الخسائر، مؤكدًا أنه بات يتابع مباريات لفرق لم يسمع عنها من قبل، كما اعتاد الجلوس على المقاهي لمدة 7 ساعات في أيام المباريات.

أحمد ربيع "اسم مستعار"، هو الآخر تحدث معنا مبديا أسفه على الدخول لهذا العالم قائلا: "كسبت ما يفوق 25 ألف جنيه من المراهنات على كرة القدم، كنت لاعبًا بأحد الأندية الصغيرة وبالتالي معرفتي بكرة القدم كبيرة، لكن بعد كل مكسب كنت أتعرض لمصيبة تبتلع أضعاف ما أكسبه، أصيبت ابنتي في حادث أثناء عودتها من المدرسة وأجريت 3 عمليات فاقت تكلفتها 100 ألف جنيه، لكني كنت أعاند وأرفض الربط بين المراهنات وهذه الابتلاءات التي تأتي بعدها، حتى تمكنت من التوقف عن هذه العادة السيئة بعد معاناة.

بينما يرفض أحمد صلاح في حديثه لليوم السابع، تصنيف كل التوقعات بأنها مراهنات، موضحا أنه يداوم على لعبة الفانتازي منذ سبع سنوات، وهي لعبة مبنية على التوقعات دون دخول الرهان بالمال فيها، فقط من يربح يحصل على جائزة من ملاك اللعبة، كما أنه يداوم التوقع عبر مسابقات شركات الاتصالات في البطولات المجمعة، وتغريه فكرة التوقع على جميع المباريات الهامة، حتى لو كان ذلك في نطلق الأصدقاء أو الأسرة أو حتى بينه وبين نفسه.

تجميعة للمراهنين
عينة بسيطة من تعليقات للمراهنين في أحد الجروبات المخصصة لللغرض

قاتل جردته المراهنات من انسانيته

قد لا تصدق أن هذا السرطان المسمى بالقمار الإلكتروني قاد للقتل، فلم يدر بخلد محمد عبد البديع الطحاوي، 25 سنة من قرية الستاموني بمركز بلقاس بالدقهلية، خريج كلية التربية قسم فيزياء، أن المراهنات ستجعل منه قاتلا بشعًا وتقوده إلى الإعدام، بعدما قتل طالبًا يتلقى درسًا خاصًا لديه في مادة الفيزياء، ولأن الشيطان تمكن من الجاني، والخسارة المريرة من المضاربة على المباريات أوجعت كبريائه، لم يكتفى بالقتل فقط، بل شطر الضحية إلى نصفين، ووضع كل جزء في مكان مختلف، حتى يشتت الأنظار عن كشف جريمته.

نحن هنا نتحدث عن القضية رقم 1041 لسنة 2024 جنايات الستاموني، التي انتهت حسب بيان النيابة العامة المصرية إلى ثبوت اتهامِ محمد عبد البديع الطحاوي بجناية قتل الطفل إيهاب أشرف عبد العزيز - 16 عامًا- عمدًا مع سبقِ الإصرار؛ وذلكَ لرغبته في الحصول على فدية من ذَويه.

النيابة أكدت في بيانها الرسمي أن المتهم كان يعطي المجني عليه درسًا خاصًا، وما إنْ علِمَ بمقدرة والده المالية؛ ونظرًا لتعرضه لخسارة مالية نتيجة مضاربته عبر أحد المواقع الإلكترونية؛ قام باستدراج المجني عليه وقتله، وقام بإلقاء جثمانه بإحدى الأراضي الزراعية –بعد شطره نصفيْن-، ثم طلب من ذويه فديةً مالية، وأقر المتهم تفصيًلا بالتحقيقات بكيفيةِ اقترافِهِ الجريمةَ والتخطيط والإعداد لها وتنفيذِها، حيثُ انتقل المتهم لتصويرِ محاكاتِه لهذهِ التفصيلاتِ في مسرحِ الجريمةِ أمامَ النيابة العامة.

من بوابة المراهنات على مباريات كرة القدم، دخل الشيطان إلى عقل عبد البديع، لدرجة جعلت يقتل الطفل ويمشي في جنازته ويتلقى عزائه ويبكي بدموع التماسيح، بل ويكتب نعيًا عبر حسابه على "فيسبوك" داعيًا له بالرحمة وعلى من قتله – يقصد نفسه – بالبلاء، في نفس الوقت الذي خطط فيه للهدف الذي قتل من أجله، وهو الحصول على فدية حتى يواصل مغامراته في المراهنات، مستغلا في ذلك ثراء والد الضحية.

2024_2_23_22_30_3_495
جريمة الستاموني بسبب المراهنات - القاتل والضحية 

اعتراف يكشف لغز القتل

أحد أقارب الضحية - تحفظ على ذكر اسمه - كشف لليوم السابع أن القاتل لم يكن مدرسًا في أحد المدراس، لكنه كان عبقريا في الفيزياء بشهادة العديد من طلابه، وكان يقيم بين قريتي "الستاموني" و "7 ثابت"، ويعطى دروسا لمساعدته على أعباء الحياة، موضحًا أن الجميع كان يتعاطف مع اجتهاده ومثابرته، لكنه كان مدمنًا للمراهنات على كرة القدم منذ سنوات، وربح منها أموالا كثيرة، لكنه بالتأكيد خسر ما هو أكثر، وإلا لما مر بالضائقة المالية التي دفعته لقتل طفل، حتى يتحصل من والده صاحب محل الموبيليا والأثاث المنزلي، على أموال كفدية لتعويض خسائره في المراهنات.

بينما نفت إيمان"م"،22 عاما، زوجة القاتل، لليوم السابع، علمها بموضوع المراهنات، لكنها أقرت بأن زوجها كان مدمنًا لمشاهدة المباريات، والانفعال مع نتائجها، قائلة: "نحن تزوجنا من فترة قصيرة، في الأيام الأخيرة قبل الحادث، بدأ يشكو من الديون ويواصل الاستدانة، تراكمت عليه الديون رغم أننا لم نمر بظروف تجبرنا على ذلك، لكنه كان سريع الغضب حينما أناقشه في سبب ديونه، فكنت أكتفي بالسكوت".

وبررت زوجة القتيل أمام النيابة العامة أسباب عدم إبلاغها الأجهزة الأمنية بقيام زوجها بجريمة القتل، قائلة: "يوم 13-2-2024 جاءني بملابسه غارقة في الدماء وأكد لها أن حادث وقع على الطريق، وحاول إنقاذ المصابين فتلطخت ملابسه بدمائهم.

6bcf57b1ea5a97e1759476327a71af88
 

اضطراب القمار القهري

وفي هذا الصدد كشفت رشا سلامة، أخصائية إرشاد نفسي وأسري، أن المراهنات في كرة القدم، منها حالات مرَضية تسمى "اضطراب القُمار  القهري"، موضحة أن هناك 3 دوافع لإدمان المراهنات، وهي الدافع المادي الذى يتمثل في سهولة الربح وسرعة الحصول عليه، والدافع النفسي المتمثل في الفراغ الذى يدفع الشباب لشغل وقتهم ويجعلهم فريسة سهلة لتطبيقات القمار، بالإضافة إلي دافع ذاتي وقانوني يتمثل في سرية معلومات المراهن، وحرص برامج المراهنات على عدم معرفة هوية المراهنين.

وقالت رشا سلامة لليوم السابع أن المراهنات تأثيرها النفسي متفاوت من شخص إلى آخر، فمثلا هناك من يراهن بمبالغ صغيرة للغاية كنوع من الفضول، وهناك من تعلق بالمراهنات وأدمنها، ويضع فيها مبالغ هائلة، موضحة أن هذا النوع من الصعب أن يعود عن طريق المراهنات، ويسمى الاضطراب القهري، حيث يصل لمرحلة مستحيل فيها التعافي، وبالتالي حينما يحاول التوقع يصيبه نوبة من الهلع والتوتر والاكتئاب لأنه لم يحصل على جرعته من المراهنات.

وأضافت أخصائية الإرشاد النفسي والأسري أن السلوك في الحالة الثانية يصل لمرحلة مرضية مثل إدمان المخدرات، موضحة أن بعض الحالات تتأثر فيها الصحة العقلية للمراهنين، وهنا لابد من فحص هؤلاء المرضى، وكتابة توصيات طبية، وروشتة علاجية.

وأكدت رشا سلامة، أن الحلول لهذه الحالات تتمثل في أهمية التوعية الدينية على أن تأتي من أشخاص يثق فيهم المريض، بالإضافة إلى رغبة في تغيير السلوك من المراهن نفسه، مع مساعدة خارجية من المقربين، ووضع جدول للتعافي تدريجيا مع التركيز على استغلال طاقات المراهن في هواياته المفضلة، وأيضا توافر "النفس الطويل" من المقربين منه في مرحلة الانسحاب التدريجي، وقبل كل ذلك، أهمية دمج الحالة في المجتمع بعد الوصول لنسبة من التعافي.

spel-liten
إضطراب القمار القهري

ورطة اتحاد الكرة في الظاهرة

المفترض أن اتحاد الكرة هو الجهة التي تحارب ظاهرة المراهنات، لكن هذا لم يحدث، ففي مفاجأة من العيار الثقيل، لم يمر عليها سوى ثلاثة سنوات، نشرت الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم إعلانًا لإحدى شركات المراهنات عنوانه (توقع واكسب مليون جنيه) بما يؤكد دخول الدوري المصري لكرة القدم عالم المراهنات، وحتى نتيقن من الواقعة، دخلنا على الموقع الإلكتروني الذي يدير عملية التوقعات، ووجدنا فيه شراء عملات التوقع بـ10 جنيهات للبدء في أي عملية، ولم يتطلب الأمر جهدًا كبيرًا حتى نتأكد أننا في قاعة مراهنات خاصة بكرة القدم وبعض الرياضات الأخرى.

توجهنا بالسؤال لأحد المسئولين عن الموقع – تحفظ على ذكر اسمه- ورد بأن كل الأموال تذهب لصالح صندوق دعم الجمعيات الأهلية، ومن المؤكد أن هذا الأمر قد يتم بالفعل، ولكن بعد خصم تكاليف المشغل ومخاطر منح الجوائز للعدد المحدد بكل عملية مراهنة.

تتَّبع الواقعة قادنا لاكتشاف آخر، وهو أن اتحاد الكرة نفسه كان طرفا في أكبر قضية مراهنات، تورط فيها أعضاء المجلس الذى كان يقوده سمير زاهر في بداية العقد الثاني من الألفية الحالية، لكن وزارة الرياضة تصدت لهذه القضية وقتها، واستدعت عدد من المشتبه فيهم، وعلى رأسهم هاني رمزي مدرب المنتخب الأولمبي السابق، ومجدي عبد الغني عضو اتحاد الكرة السابق، وأحمد شوبير نائب رئيس اتحاد الكرة السابق، ولما خلصت من التحقيقات أحالت الملف برمته للنيابة العامة.

وفي هذا الصدد علق الدكتور جمال محمد على مدير إدارة المدربين بالاتحاد المصري لكرة القدم، لليوم السابع، على هذه الظاهرة بالقول إنها بدأت تغزو مجتمعنا من باب التنبؤات الشفافة بدون مراهنات مادية عليها، ولأننا شعب يهوى التفاخر برأيه وقناعاته، دخلت المراهنات من باب الإثارة والفضول، لكن الأمور تحولت لإدمان.

نجوم في مرمى الاتهام

شائعات دخول عدد من اللاعبين لعالم المراهنات طالت عدد كبير من النجوم، وكان آخرهم محمد صبحي حارس مرمى الزمالك، الذي تعرض للإيقاف في النادي الأبيض الموسم الحالي، كما تم عرضه للبيع، وتداولت وسائل إعلام أن السبب في هذا الإجراء هو تعامل الحارس مع شركة مراهنات كبيرة، وتعمده تفويت بعض الأهداف في مرماه، لكن الحارس خرج بتصريحات حادة ضد هذه الشائعة ونفاها جملة وتفصيلا، وتحدى أي شخص اتهمه أن يخرج بدليل مادي واحد عن صدق ادعائه، مؤكدا أنه يعرف عن تطبيقات المراهنات شيء، ولم يثبت إدانة اللاعب لكن بقى الأمر مجرد اشتباه.

 

فضائح في القسم الثاني

تنتشر المراهنات وتتنامي في غياب الرقابة، لذلك كان دوري القسم الثاني في مصر مرتعًا للفاسدين والمراهنين والضحايا أيضًا، وفي 24 نوفمبر 2022، جمعت مباراة في قسم الدرجة الثانية بين مركز شباب طامية ونادي الألومنيوم وقتها اكتشف فؤاد سلامة، المدير الفني لفريق طامية، أن بعض اللاعبين في فريقه يتم تجنيدهم من إحدى شركات المراهنات للخروج بنتيجة معينة من اللقاء.

وتقدم حينها رئيس مجلس إدارة مركز شباب طامية بشكوى للاتحاد المصري لكرة القدم، ضد أحمد رشدي صادق عبيد، لاعب نادي قنا في قسم الدرجة الثالثة ومحمود سيد جابر، لاعب مركز شباب طامية في الممتاز ب، وذلك لاتفاق الأول مع الثاني على "تفويت" المباراة لصالح الألمونيوم، مقابل 30 ألف جنيه، وانتهت المباراة وفقا للمراهنة بفوز الأخير 3-1، رغم رفض اللاعبين.

FotoJet (1)
شكوى رسمية من المراهنات في الدوري المصري القسم الثاني

استنساخ بدائي في الصعيد

خلال عملية البحث عن تداعيات الظاهرة وتأثيرها على المجتمع، استوقفتنا واقعة في صعيد مصر، حاول فيها بعض الأشخاص تطبيق المراهنات بشكل بدائي ومباشر، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط ثلاثة أشخاص "لهم معلومات جنائية" ومقيمين بمحافظة أسيوط، لقيامهم بإنشاء موقع على شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" ودعوة الأشخاص راغبي الدخول على ذلك الموقع للرهان على مباريات كرة القدم المصرية والعالمية، حيث يقومون بتلقي الأموال من المراهنين قبل بدء المباريات، ويتم توزيع الأرباح على الفائزين بالرهان، وبالتبعية تحصيل إجمالي مبالغ الخاسرين فى حالة خسارة الرهان، وذلك عن طريق المحافظ الإلكترونية، وبالتوصل لمحضر النيابة تبين أن عدد المراهنين على ذلك الموقع تجاوز (500) مراهنا، وجميعهم مقيمون بأسيوط.

وضُبط بحوزة المتهمين 3 هواتف محمولة، وتم ضبط اثنين من المشاركين فى المراهنات عن طريق الموقع المشار إليه، واعترفا بأنهما يقومان بتلقي الأرباح فى حالة الفوز عن طريق المحافظ الإلكترونية، وبفحص الهواتف المحمولة المضبوطة من قبل الجهات الأمنية، تبين أنها مُحملة بالعديد من مواقع المراهنات العالمية على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت والعديد من الرسائل والمحادثات بين المتهمين وراغبي المراهنات والتطبيقات الخاصة بالتحويلات المالية، وبمواجهة المتهمين أقروا بممارستهم ذلك النشاط الإجرامي على النحو المشار إليه.

صورة من جوجل
صورة تعبيرية عن المراهنات

فتوى شرعية تحسم قضية المراهنات

المراهنات لا تحتاج إلى فتوى لتحريمها، لكن التحقيق كان يستلزم راي ديني يضفي مرجعية شرعية، فيقول الدكتور خالد عمران أمين عام دار الافتاء المصرية، إن الميسر هو القمار والمراهنة بالأموال، ومن معانيه السهولة؛ لأن الرجل يأخذ مال غيره بيسر وسهولة من غير كدّ ولا تعبٍ، وهو محرّم شرعًا إلا ما استثناه الشارع وأجازه لدوافعَ مشروعةٍ؛ كالتَّسابق بالخيل والإبل، والرّمي، وبالأقدام، وفي العلوم.

ويشدد أمين عام دار الإفتاء، لليوم السابع على أنه لا مانع شرعًا من المراهنة في مجال الرياضة إذا كانت مما استثناه الشارع وأجازه، وكانت الجائزة مقررة من ولي الأمر، أو كانت من أحد المتسابِقَين دون الآخر، أو كانت من كِلَا المتسابِقَين ودخل بينهما ثالث، فإن كانت الجائزة من كلٍّ من المتسابقين فهو من القمار المحرم.

دار الإفتاء ورأيها الرشعي في المراهنات
دار الإفتاء ورأيها الرشعي في المراهنات

التكنولوجيا وتنامي الظاهرة

هل المراهنات وليدة العصر الحالي؟ الإجابة على السؤال جاءتنا من محرك البحث جوجل الذى أكد أنها ظاهرة عتيقة مر عليها أكثر من مائة سنة، وبدأت تحديدا في الثاني من أبريل عام 1915 خلال مباراة شهيرة بين ليفربول ويونايتد، وقتها كانت المراهنات تتم غالباً في مكاتب خاصة وعلى مساحات ضيقة، لكنها اليوم، بفعل ثورة التكنولوجيا والاتصالات، باتت متاحة لملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم من خلال خدمة المراهنة عبر الإنترنت والتي ظهرت للمرة الأولى في مونديال 1998.

السنوات الأخيرة، وبرغم بعض التحفّظات الدينية والاجتماعية، لوحظ أن  ظاهرة المراهنة آخذة في التنامي في العالم العربي، لا سيما من خلال المقاهي التي تقدّم لروادها "خدمة" المراهنة على نتائج المباريات العالمية عبر دفاتر خاصة معدّة لذلك، أو من خلال الإنترنت.

في العام 2001 فاز شاب بريطاني بمبلغ 816 ألف دولار بعد نجاحه في إصابة مجموعة من أربع عشرة نتيجة صحيحة من بينها توقّعه فوز بايرن ميونيخ بدوري أبطال أوروبا في ذلك العام، وفي يوم 12 مارس من العام الجاري 2024 خسر شاب مصري 134 ألف جنيه نتيجة توقعه فوز الأهلي والزمالك على البنك والجونة في الدوري المصري على الترتيب، لكن الأهلي والزمالك خسرا معًا في نفس الليلة وورطا هذا الشاب في خسائر مؤلمة.

ca-cuoc
المراهنات في عصر التكنولوجيا

لوائح فيفا المهملة

لم يترك فيفا كرة القدم دون ضوابط في كل شيء، لكنها مهملة أيًضًا، فبحسب المادة 26 من مدونة أخلاقيات FIFA، يمكن أن تخضع السلوكيات المتعلقة بالمراهنات المباشرة أو غير المباشرة لعناصر كرة القدم مع أندية ولاعبين وحكام ومنظمين، لتحقيق في النزاهة، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى غرامة لا تقل عن 100,000 فرنك سويسري وحظر المشاركة في أي نشاطات متعلقة بكرة القدم لمدة أقصاها ثلاث سنوات:

ويعترف فيفا أن المراهنة باتت قطاعاً متنامياً في جميع أنحاء العالم، تخطي إجمالي حجم التداول العالمي فيه على بطولات كرة القدم عشرات المليارات. وفي الوقت الذي يمثل فيه هذا القطاع مصدراً لتمويل الرياضة، فإنه يمثل من الجهة الأخرى خطراً حقيقياً على نزاهة كرة القدم.

وقال فيفا في بيان عن هذه الظاهرة أن المراهنات التي تأتي في سياق التلاعب بالمباريات، يمكن التأثير أو التلاعب في مسار أو نتيجة مباراة أو بطولة لكرة قدم بهدف جني الأرباح عبر مراهنات غير قانونية، مؤكدا أنه يلتزم التزاماً تاماً بحماية نزاهة كرة القدم في جميع أنحاء العالم، وبالتالي فقد وضع قواعد محددة للمراهنة والمقامرة وغيرها من النشاطات المماثلة في كرة القدم.

موقع فيفا ولوائحه عن المراهنات
موقع فيفا ولوائحه عن المراهنات
 

أطفال في مرمى القمار

خلال العام الماضي، تقدم أحمد حسام ميدو، نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق، ببلاغ للجهات المعنية بسبب المراهنات في الشارع المصري، وقال وقتها: "بتقدم ببلاغ للجهات المعنية والمسؤولين، أطفالنا في خطر، هناك أطفال عندها 12 سنة بتعمل مراهنات من خلال كشك السجاير".

وأضاف: "أحد المواقع تلاعب بعقول الشباب من أجل استغلالهم في المراهنات، وهناك آلاف الشباب يتعاملون بالمراهنات في الدوري المصري ودوري الدرجة الثانية، عرفت موضوع المراهنات بعد ما لقيت حد من ولادي معه 2000 جنيه زيادة على فلوسه.. سألته جبتهم منين؟ قال لي براهن على المباريات عند كشك سجاير، أحد مواقع المراهنات متاح مجانا في مصر، وأولاد عندهم 12 سنة بيراهنوا".

وواصل: "مفيش بلد في العالم يتيح للطفل الصغير اللي عنده 12 و13 سنة إنه يعمل مراهنات من كشك السجاير، وأرجو من الجهات المعنية فتح تحقيق في الكلام اللي أنا بقوله، أطفالنا في خطر، بيروحوا لكشك السجاير يراهنوا".

المراهنات على أكشاك السجائر وأبواب السايبرات
المراهنات على أكشاك السجائر وأبواب السايبرات

خبير لوائح وقوانين يكشف مفاجأة

من جانبه أكد طلال عبد اللطيف خبير اللوائح والقوانين الرياضية، أن المراهنات مرض مزمن تعاني منه مصر منذ عقود، موضحا أن السنوات الأربعة الأخيرة زادت المطالبات بالحد من هذه الظاهرة، خاصة أن بعض الهيئات الرياضية مثل اللجنة الأولمبية تورطت في المراهنات، وهناك رياضات تقوم أساسا على المراهنات مثل الفروسية ويتقاسم أرباحها الوزارة واللجنة الأولمبية.

وأوضح طلال عبد اللطيف أن الكاف باعتباره المظلة التي يندرج تحتها كل الاتحادات الأهلية في القارة السمراء، يتعاقد حاليا مع راعي للمراهنات وتظهر إعلاناته بشكل فج وصريح في كل المباريات الأفريقية، كما أن الأندية المشاركة في هذه البطولات توافق على ظهور محتوى المعلن عبر مبارياتها بما فيها الأندية المصرية المشاركة في البطولات الأفريقية.

الكاف يرفض التعليق

تواصلنا مع حسن القماح رئيس القطاع التجاري بالاتحاد الأفريقي لكرة القدم، عن أسباب تعاقد الكاف مع راع للمراهنات، لكنه رفض التعليق وأكد أنه لا يملك ردًا على هذه العلاقة التعاقدية، موضحا أنه لا يتهرب من الرد لكنه لا يحمل أي معلومات عن التعاقد وأسبابه ودوافعه.

Dyt8kD9UUAAs3Ja
الكاف والراعي الرسمي لبطولاته- منصة مراهنات عالمية

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة