ساعة تلو الأخرى، تتفاقم الأحداث فى الإقليم الشرق أوسطى، وتتسع رقعة الصراع فى المنطقة، بسبب استمرار العدوان الإسرائيلى الظالم على قطاع غزة الذى دخل شهره السابع، دون أى أُفق واضح لحلول سياسية تفضى إلى وقف إطلاق النار وعودة التهدئة، وصولاً لإنهاء الحرب الدائرة على غزة الجريحة، ووقف تداعياتها على كل المنطقة.
وبات التساؤل المُلِح، الذى يطرحه كل مراقب أو كل معنى بالحالة فى الشرق الأوسط، أياً كان موقعه أو موقفه، هو: "ما مصير الشرق الأوسط، ومستقبله؟!".. فالأحداث تتشابك، والنزاعات والحروب تتفاقم باختلاف أشكالها ودرجاتها، والتوترات تزداد رقعتها وتتسع كالنار فى الهشيم.. والمصير مجهول، والمستقبل مظلم، حتى الآن.
البداية كانت منذ 7 أكتوبر من العام الماضي، حينما شن جيش الاحتلال عدواناً وحشياً ودموياً على قطاع غزة، واستمر المحتل فى حربه الدموية على القطاع مخلفاً آلاف الشهداء والجرحى الفلسطينيين، حربٌ قضت على الأخضر واليابس، وأعادت غزة إلى العصر الحجرى، وكأن نتنياهو يريد شطب قطاع غزة من المستقبل الفلسطيني!.
التعنت والصَلَف الإسرائيلى فى وقف الحرب، ورفض كل المحاولات التفاوضية لعودة الهدوء، بل وتخطيط تل أبيب لجر الإقليم إلى حرب شاملة ومفتوحة.. كلها معطيات تؤكد أن نتنياهو قرر خلط الأوراق على حافة توسيع الصراع.
فها هى إيران دخلت على خط النار، بعد استهداف الطيران الإسرائيلى لمقر قنصليتها بسوريا، وكأنه "تحرش عسكرى إسرائيلى بطهران" لجرها إلى حرب مباشرة.. وجاء الرد الإيرانى بعد أيام قليلة، بهجوم مكثف بالمسيرات والصواريخ على تل أبيب.. وكان الرد المضاد الإسرائيلى على مدينة أصفهان الإيرانية بالقرب من منشأة نووية.. ناهيك عن اشتعال التوتر بين حزب الله وإسرائيل فى الجنوب اللبناني.. والمناوشات العسكرية بين الفصائل العراقية وتل أبيب خلال الساعات الماضية، بعد استهداف قاعدة "كالسو" شمال العراق، وإعلان فصائل العراق استهدافها لموقع حيوى فى مدينة إيلات الإسرائيلية رداً على الهجوم على معسكرات الحشد الشعبى فى بابل.. وفى منطقة البحر الأحمر، الوضع ليس أفضل حالاً، فجماعة الحوثيين تواصل مهاجمة سفن الملاحة فى البحر الأحمر.
إذاً، نحن أمام الجزء الأخطر من الصراع الذى انطلق قبل 6 أشهر فى غزة، ويتأهب العالم لاحتمالات انزلاق الشرق الأوسط إلى حرب ضروس موازية لحرب غزة، لا يُحمد عقباها.. وباتت المنطقة تقف على برميل بارود، بل على فوهة بركان، معرض للانفجار فى أيه لحظة.. فإيران ووكلائها بالمنطقة يواصلون "الرد" وتل أبيب تستمر فى "الرد المضاد".. وتبقى الضحية، هى منطقة الشرق الأوسط، وشعوبها التى تترقب حرباً آتية لا محالة، إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
وبين كل هذا وذاك، بذلت مصر – ولا تزال - كل غالٍ ونفيس، من أجل إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وبالتالى وقف التوترات والاضطرابات الإقليمية.. وكانت الدولة المصرية سبّاقة فى التنبؤ بالمشهد الحالى بالمنطقة، وحذرت القيادة السياسية المصرية مراراً وتكراراً منذ شهر أكتوبر الماضى من سلسلة التوترات الإقليمية تلك التى يشاهدها العالم أجمع الآن.. وحذر المسؤولون المصريون فى أكثر من مناسبة وفى مختلف المحافل الإقليمية والدولية، من اتساع رقعة الصراع فى الشرق الأوسط، مطالبين كل الأطراف بضبط النفس، وضرورة حل القضية الفلسطينية كمدخل رئيسى لتهدئة الإقليم الملتهب.
القاهرة قدمت خارطة طريق شاملة وواضحة لإنهاء الوضع المتأزم الحالي، وإعادة إحياء مسار السلام عبر عدة محاور، وصولاً لأعمال حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيلية، على أساس مقررات الشرعية الدولية، لتحقيق الهدف النهائى والأسمى وهو إقرار تسوية عادلة للصراع الإسرائيلى - الفلسطينى المستمر منذ 76 عاماً.
لكن على ما يبدو أن تل أبيب ترفض كل مسارات التسوية السياسية، وتصر على الحرب المفتوحة مع جميع الأطراف.. وسط عجز المجتمع الدولى "قليل الحيلة" عن ردع "طفل أمريكا المدلل"، رغم طبول الحرب الشاملة التى تطرق ضمائره النائمة!.
ويبقى القول، إن مفتاح الحل الوحيد لإنهاء هذا الوضع المَقيت برمته وإنقاذ العالم من المصير المظلم، يتمثل فى نجاح جهود الوساطة الثلاثية (المصرية - القطرية - الأمريكية)، وتوصل جولات تفاوض وقف إطلاق النار وإنهاء حرب غزة، إلى صفحة بيضاء، يتم خلالها كتابة تاريخ جديد لفلسطين وللشرق الأوسط برمته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة