د. شوقى عبدالكريم علام

التخلص من العادات السيئة

الإثنين، 01 أبريل 2024 09:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إنَّ الصيام عبادةٌ كسائر العبادات الكبرى؛ له أسرار ومقاصد، ولعلَّ المقصد الأكبر من الصيام كما أخبرنا المولى عزَّ وجلَّ هو تحقيقُ التقوى فى قلب المؤمن، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».


لكن مع ذلك للصوم أسرار تربوية أخرى تنعكس أنوارها على قلب المسلم وجوارحه وسلوكه، من هذه الأسرار:
أن يتحرر المسلم من رِقِّ الشهوات، وأسْرِ العادات، فلا تتحكم فيه شهوة، ولا تتمكن منه عادة، حتى لو كانت هذه العادة مباحةً فى أصلها، فضلًا عن أن تكون عادةً سيئة محرمة.


فالمسلم الذى اعتاد فى غير رمضان أن يكون له وقت معين للطعام والشراب والشهوة الحلال تتغيَّر عاداتُه فى هذا الشهر الفضيل، فلا طعام ولا شراب ولا شهوة من طلوع الشمس حتى غروبها!، فيتعلّم من هذا أن يتحكم فى عاداته، ولا يتركها هى تتحكم فيه؛ فيكسر العادة دون أن تَضْعُفَ طاقتُه أو يَقِلَّ إنتاجُه، فيستطيع الطالب أن يمسك عن الطعام والشراب دون أن يتشوَّشَ عقلُه أو ينخفضَ تركيزُه، ويستطيع العامل أن يكسر عادته فى مأكله ومشربه ولا يتكاسل عن عمله أو يتهاون فيه.


وشهر رمضان الكريم فرصة ذهبية للتخلص من العادات السيئة التى اكتسبها المرء طوال العام واعتادها، ومن هذه العادات التى يجب التخلص منها:
قطع الأرحام، وعقوق الوالدين، والكذب، والاستهزاء، والغيبة، والنميمة، والخوض فى أعراض الناس؛ تنفيذًا لوصية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنبّهِ إلى خطورة ذنوب اللسان وتأثيرها على الصيام، وضرورة اجتنابها فيه، حيث قال: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجةٌ فى أن يَدَعَ طعامه وشرابه»، وأن يجتنب كذلك الشِّجارَ والسِّبابَ وعُلُوَّ الأصوات، تنفيذًا لوصية النبى عليه السلام: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل إنى امرؤ صائم»، فذنوب اللسان تأكل الحسنات، وتقلل أجر الصيام، بل وتُحمِّل المرء كثيرًا من حقوق الناس ومظالمهم.


ومن العادات السيئة فى شهر رمضان كذلك: التدخين، والذى يُعَدُّ إسرافًا قبيحًا فى الصحة والمال، وهما نعمتان أرشدت إلى حفظهما شريعةُ الإسلام، فالصائم أمامه فرصة عظيمة للتخلص من هذه العادة السيئة التى يترتب عليها ضرر كبير صحّيًّا وماليًّا للفردِ ولأسرته ولمن حوله وللمجتمع.


وإذا كان هذا الشهر الكريم يُعين المسلم على التخلص من العادات السيئة التى واظب عليها فى غير رمضان، فالأحرى به مقابلَ ذلك أن يتمسَّك فيه بالعادات الحسنة، لا أن يبدأ عاداتٍ أخرى قبيحة، كاتخاذِ الصومِ حُجَّةً يبرر بها السهر ليلًا والنوم نهارًا، مضيعًا صلاته وعمله وأوقات درسِه.


وينبغى على المسلم كذلك ألَّا يتخذ صومَه واجتهادَه نهارًا حُجَّةً للإسرافِ فى المأكل والمشرب ليلًا، فالصوم خير معين على الاقتصاد والتوسط المأمور به فى قوله تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»؛ فعادة الإسراف من أقبح العادات التى تُثقل كاهل المرء، وتجعله يبوء بالحسرة.


فعلى من ابتُلى بشىءٍ من هذه العادات السيئة أن يجعل هدفَه فى هذا الشهر الفضيل أن يكون نقطةَ البدءِ للتخلص من تلك العادات، مستغِلًّا نقاءَ الأجواء الإيمانية فيه، وهذا مما يُسَهِّل على المرء التخلُّصَ من العادات السلبية وتثبيتَ العادات الإيجابية، وقد قال بعض علماء النفس والتربية إن خلقَ عادةٍ جديدةٍ وتثبيتَها يحتاجُ نفسيًّا وبدنيًّا إلى واحد وعشرين يومًا، وعلى هذا فشهر رمضان بأيامه الثلاثين كفيل بخلق العادات الجديدة وتثبيتها، ومن طلب من الله العون فإنه يُعينه ويؤيّدُه.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة