محمد مختار جمعة

منتصف الشهر الكريم

الجمعة، 22 مارس 2024 04:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع منتصف الشهر الكريم تتداعى إلى الذاكرة معانٍ عدة، من أهمها الاستعداد للعشر الأواخر، حيث كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره، أى اجتهد غاية الاجتهاد فى العبادة.


ومنها إخراج أو الشروع فى إخراج زكاة الفطر لمن لم يكن قد أخرجها فى النصف الأول منه، وكل ذلك على الجواز والسعة.


وإذا كان بعض الناس ينشطون فى عمل الخير ولا سيما تجاه الفقراء والمساكين مع بداية الشهر الكريم، ثم تنفد طاقتهم أو تثبط همتهم، ظنًا منهم أن ما قدموه للفقير قد أغناه، فإننا نؤكد على أهمية مواصلة هذا العطاء، فمواصلة العبادة فى هذا الشهر لا تعنى مواصلة الصيام والقيام وقراءة القرآن فحسب، إنما تعنى مواصلة جميع وجوه الخير، ولا سيما الإطعام والصدقات فى مثل هذه الأيام التى نعيشها، والتى تستوجب منّا جميعًا أعلى درجات البر والتكاتف والتراحم، مع تأكيدنا أن واجب الوقت هو الإنفاق فى سبيل الله، بل سعة الإنفاق فى سبيله «عز وجل»، يقول الحق سبحانه: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (البقرة: 261)، ويقول سبحانه: «تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» (السجدة: 16)، ويقول سبحانه: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ  إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» (الذاريات  15-19).


ومع قرب قدوم العيد على الإنسان أن يعمل على سد حاجات الفقراء قبل دخول العيد عليهم، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «أغنوهم عَن طوافِ هذا اليومِ» (السنن الكبرى للبيهقى)، أى أغنوهم عن الحاجة والمسألة، ولا يتم ذلك إلا بالمبادرة فى إغنائهم عن السؤال قبل دخول أيام العيد عليهم.


وعلينا أن ندرك أنه كما مر النصف الأول من الشهر بسرعة لم نتوقعها وكأنه ساعة أو بعض ساعة، فإن القادم كذلك سيكون أسرع وأسرع، وهكذا الأيام والسنون والعمر كله، وقد قيل لسيدنا نوح «عليه السلام» وهو الذى عاش ألف سنة إلا خمسين عاما مبلغا عن رب العزة «عز وجل»: يا نوح كيف وجدت الدنيا؟ فقال كرجل بنى بيتًا جعل له بابين، دخل من باب، وخرج من الآخر، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أنا فى الدُّنيا إلَّا كراكبٍ استَظلَّ تحتَ شجرةٍ ثمَّ راحَ وترَكَها» (صحيح الترمذى)، ويقول الحسن البصرى: ما الدنيا إلا كسوق امتلأ ثم انفض ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، ويقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ  كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (يونس: 24).










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة