محمد غنيم

الحرب الفكرية الإسرائيلية على فلسطين بين الوهم والإبادة

الأربعاء، 13 مارس 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الكتابة عن القضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال أمر أكل من الورق والحبر وشرب، ولفظته المواقع الإخبارية وصفحات "الشوشيال ميديا" بعد أن ظن القارئ أنه موضوع مستهلك، فأجيال الستينات والسبعينات، قرأوا عن القضية فى المدارس وتابعوا أحداثها عبر الإذاعة والتليفزيون.

اسأل نفسك لماذا استقوى هؤلاء الوحوش على دك الأرض وقصف المبانى، وسفك دماء الأبرياء على مدار 76 عاما متواصلة؟، فالقضية بعيدة كل البعد عن القضاء على حماس أو تطهير الأرض من الإرهاب كما يزعمون، أظنك تعلم أن دولة الاحتلال تمتلك أساليب تقنية حديثة فى استخدام الأسلحة، ناهيك عن مساعدات الدول المساندة للاحتلال الغاشم، ولكن الحقيقة هى أن إسرائيل تستند إلى خرافات من الفكر الصهيونى حول فكرة الإبادة، اختارت إسرائيل أسوأ ما في الفكر اليهودى من صفحات كتب الصهيونية لحاخامات، أثبتت الدراسات الوثائقية أنهم مشبوهين الفكر والآراء.

ينظر الإسرائيليون إلى أرض فلسطين على أنها ملكهم دون احتلال أو اغتصاب، بكونها هبة إلهية حسب معتقداتهم وأنها حق مكتسب يجعل منهم أصحاب الأرض الأصليين، ولهذا يؤرخ الصهاينة لأرض فلسطين على أساسٍ دينى توراتى لا علاقة له بالعلم، وأن تاريخ اليهود في أرض فلسطين منذ القدم، معتمدين على الكتاب المقدس فى أفكار مسمومة منها؛ أن تاريخ العبرانيين فى أرض فلسطين منذ 1400 سنة قبل الميلاد، وهو تاريخ يستندون فيه إلى حدثين رئيسيين: الأول خروج بنى إسرائيل من مصر، والثانى عودة العبرانيين إلى كنعان التى يعتبرونها أرض آبائهم وأجدادهم، وفقا لما جاء فى نصوص العهد القديم.

استخدم السياسيون الإسرائيليون تلك المزاعم والادعاءات الكاذبة لنفى صفة "محتل" عن أنفسهم مبررين ذلك بأنه لا وجود للاحتلال إذا كان اليهود يعودون إلى أرضهم الأصلية، معللين ذلك بأن الإسلام ديانة العرب الفلسطينيين التى لم تظهر إلا فى القرن السابع الميلادى، في وقتٍ لاحق للديانة اليهودية، وبذلك يدلسون الحقائق وينفون أحقية الفلسطينيين في الأرض، أو كأن التاريخ يُكتب بواسطة المرويات اللاهوتية للإسرائيليين، فى حين رد عالم اللاهوت الأميركى "توماس طومسون" على ادعائتهم من خلال كتابه "التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى" ترجمة صالح على سوداح، الذي قام من خلاله بتفكيك التاريخ التوراتى وتتبع المرويات الإسرائيلية؛ فيقول طومسون: أن التاريخ المبكر لأرض فلسطين أتى خاليا من أى دلائل أثرية تشير إلى وجود إسرائيل أو يهود في تلك الفترة من العصر الحديدى الثانى التى يُفترض أنها كانت شاهدة على قيام مملكة بنى إسرائيل الأولى، وأن السجل الأثرى لأرض كنعان أتى خاليا من أى أثرٍ يثبت قصة الخروج كما جاءت فى الكتاب المقدس اليهودى، وأن الاكتشافات الأثرية المُعلن عنها من قِبَل علماء الآثار التوراتيين لا تزيد على كونها شقفات فخار من هنا وهناك، بلا نصوص مكتوبة أو دلائل مادية واضحة تدعم ما يدّعونه من مزاعم تاريخية معتمدين على الجهل.

على أساس تلك الأفكار المعطوبة تواصل إسرائيل قتل الأبرياء من أهل فلسطين، بفكر فاسد مخاصم للعصر والتطور الاجتماعى، وتعادى الفكر الحديث الذى وصلت إليه البشرية في مشوارها مع الحضارة، مستندة على أفكار مسمومة، تزعم فيها أن الله (جل علاه) منح أرض فلسطين لليهود، وأن من حقهم إبادة كل ما هو غير يهودى من تلك الأرض، معتقدين أن سفك دماء الفلسطينين لا تحاسب عليه السماء، بل يكافئهم الرب، فاستنادهم إلى الأفكار الفاسدة التى تنشر الشر فى العالم، وأن الله اختار اليهود ليقيموا العدل فى الدنيا عن طريق إبادة الفلسطينيين من الأرض، معتمدين على أفكار بائسة لا علاقة لها بالتطور الاجتماعى أو الحضارة البشرية، فالحرب الإسرائيلية الفلسطينية حرب فكرية حول وهم الإبادة، إسرائيل لن تنجح فى مسعاها بهذه الأفكار المعطوبة، فالجهل والخرافة لا ينتصران أبدا بحرب الإبادة.. فكر فيها!










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة