كتب فى عهد فاروق واعتزل فى عهد مبارك، وكان شاهدًا على الأحداث العالمية المهمة، وصناعة القرار فى مصر والعالم.. فى ذكرى وفاة محمد حسنين هيكل، نستعرض جزءًا من تجربته حيث ولد فى 23 من سبتمبر عام 1923، فى قرية باسوس، التابعة لمحافظة القليوبية، وعمِل مع والده فى زراعة وتجارة القطن، حيث اتخذ شقيقه فوزي مسار العلم، فعلَّق والده آماله عليه فى إكمال مسيرته ورعاية تجارته، ولكن بعد إنهائه الدراسة فى مدرسة التجارة المتوسطة، كان له رأى آخر، حيث قرر تعليم نفسه بنفسه.
وخلال فترة دراسته بالجامعة الأمريكية، تلقى محاضرة عن الخبر الصحفي، ألقاها سكوت واطسن أحد محرري الإجيبشيان جازيت، والتي كانت تعد من أهم الصحف فى زمن الاحتلال الإنجليزي، وبعد انتهاء المحاضرة أخبرهم بفتح باب التدريب فى الجريدة التي يعمل بها؛ لتكون تلك الخطوة نقطة تحول فى حياة الأستاذ.
في عام 1942، التحق بقسم الحوادث في الإيجيبشيان جازيت، وتم ترشيحه فيما بعد لتغطية أحداث الحرب العالمية الثانية، انتقل بعد ذلك إلى مجلة روزاليوسف، ثم آخر ساعة، وعمِل مع الأستاذ محمد التابعي، الذي أحبه واتخذه مثلاً أعلى، ومع انضمام مجلة آخر ساعة لجريدة أخبار اليوم، انضم هيكل إلى أفرادها، وكانت خطوة جديدة في مشواره المهني، حيث انضم إلى فريق عمل أخبار اليوم كمراسل متجول، وكان قريبًا من مصطفى وعلي أمين، وبسبب نبوغه وقدرته الفريدة على دراسة وتحليل الموقف، كان يتناقش معهما في معظم الأحداث السياسية.
وفي حرب 1948، لم يستطع متابعة الأحداث عن بُعد، خاصة مع تضارب الأخبار بين الإذاعة ووكالات الأنباء، فقرر السفر إلى فلسطين بصفته مراسلا متجوِّلا؛ ليتمكن من نقل الصورة الحقيقية، وهناك التقى اليوزباشي جمال عبد الناصر، الذي كان يواجه هجمات العدو في الفالوجة بكل شجاعة.
ومع ثورة 1952، اقترب كثيرًا من الضباط الأحرار، وكان شاهدًا على كواليسها، واقترب كثيرًا من الرئيس جمال عبد الناصر، وكانت علاقة استثنائية فريدة من نوعها، كان أساسها: كتمان هيكل لما يستمع إليه من عبد الناصر، وعدم إنصات عبد الناصر لمَن يفكر في الإيقاع بينهما.. كان عبد الناصر يثق برأيه، ويراه كفئًا وأهلاً للثقة؛ مِمّا دفعه لعرض وزارة الإرشاد عليه أكثر من مرة، ولعلمه بارتباط هيكل بالعمل الصحفي، وبجريدة الأهرام تحديدًا، أصدر مرسومًا استثنائيًا، ينص على تعيينه وزيرًا للإرشاد، مع احتفاظه بمنصب رئيس تحرير الأهرام، وذلك تقديرًا منه لقبول الوزارة في ظِلّ الظروف التي تمُرُّ بها البلاد.
انضم هيكل لجريدة الأهرام عام 195٧، بعد أن اعتذر عن العمل بها من قبل، لكنه قبِل العمل فيما بعد؛ لتتحول الأهرام على يديه، واحدة من أهم الصحف في العالم.. كما أسس عدة مراكز متخصصة تابعة للأهرام، كمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مركز الدراسات الصحفية، مركز توثيق تاريخ مصر المعاصر.
وبعد حرب أكتوبر، اختلف مع الرئيس السادات، حول الموقف السياسي بين مصر وأميركا؛ ليصدر قرارًا بإبعاده عن الأهرام، وتعيينه مستشارًا لرئيس الجمهورية، لكنه رفض رفضًا قاطعًا، وقال: "الرئيس يملك عزلي عن منصبي، أما أين أذهب.. فهذا قراري وحدي".. وفي عام 1981، أصدر السادات قرارًا باعتقال بعض الشخصيات البارزة في مصر، على المستويين السياسي والديني، من بينهم هيكل.. ليستمر اعتقالهم حتى بعد اغتيال الرئيس على يد الجماعات الإسلامية.
ألف هيكل العديد من الكتب التي ترجمت إلى ما يقرب من 30 لغة، من بينها: "الطريق إلى رمضان، حرب الثلاثين عامًا، خريف الغضب".
أما عن حياته العائلية، فقد تزوج بالسيدة هدايت تيمور، وأنجب منها 3 أبناء هم: علي، وأحمد، وحسن وفي 17 من فبراير عام 2016، رحل الأستاذ عن عالمنا بعد معاناته مع المرض، وعمره 91 عامًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة