تمر، اليوم، الذكرى الـ140 على وصول الإمام محمد عبده إلى تونس، ويلتقى بعلماء جامع الزيتونة فى رحلة استغرقت أربعين يومًا، وهو مفكر وعالم دين وفقيه وقاضى وكاتب ومجدد إسلامى مصرى، يعد أحد دعاة النهضة والإصلاح فى العالم العربى والإسلامى ورموز التجديد فى الفقه الإسلامى.
كان الإمام محمد عبده مشاركًا فى حركة عرابى، وقد نفى من البلاد عام 1882 إلى بيروت، لكنه لم يستمر فيها طويلا، وذهب إلى تونس.
ووفقا للموسوعة التونسية فأن أقام بها من 10 ديسمبر 1884 إلى 4 يناير 1885, لكنّنا لا نعرف أسباب هذه الزيارة ويقال إن محمّد السنوسي اتصل، حسبما رواه هو في كتابه الرحلة الحجازية بمحمّد بيرم الخامس، كما اتّصل في دمشق بالأمير عبد القادر الجزائري لينضم المغاربة الثلاثة إلى "العروة الوثقى" وهي جمعية سرية عالمية معادية لأوروبا يعتقد أن جمال الدين الأفغاني هو الذي أسسها في حيدر آباد، وأن لها عدة فروع في العالم الإسلامي، غايتها الدعاية لفكرة التضامن الاسلامي (Panislamisme).
ويقال إن السنوسي، عند رجوعه إلى تونس، في سنة 1883، نظم نواة للعروة الوثقى من العلماء الزيتونييّن. ويروي بعضهم أن الشيّخ محمد عبده زار تونس زيارته الأولى من أجل الاتصال بالفرع التّونسي للعروة الوثقى. وبحسب الموسوعة سالفة الذكر أيضا، فإنه على الرغم من تواتر هذه الرواية، وترددها، فإنها بحاجة إلى تعديل، كما تدلّ عليه الوثائق: فثمّة مثلا سيرتان لجمال الدّين الأفغاني قد ألقتا بظلال الشك على الرّواية حول مسائل ثلاث على الأقل: حقيقة تنظيم العروة الوثقى وطابعها العالمي، وقيام فرع تونسي لها، وسبب زيارة محمّد عبده لتونس. وتنفي السيرتان حقيقة وجود جمعية العروة الوثقى فيما عدا باريس.
أما فيما يخص زيارة الإمام محمد عبده الثانية إلى تونس، تؤكد الموسوعة التونسية أنه بعد أن قضى عشرة أيام في الجزائر، وصل إلى تونس يوم الاربعاء 9 سبتمبر 1903، وأقام بالمرسى عند خليل بوحاجب وزوجته الأميرة نازلي. والتقى عبده على انفراد أو في أثناء مآدب الضيافة بعدد كثير من الشبان التونسيين، وفي 10 سبتمبر أدّى محمد عبده زيارة مجاملة إلى الكاتب العام للحكومة التونسية برنار روا ونائب المقيم العام الذي هيأ للشيخ عبده استقبالا لطيفا، وفي 12 من الشهر نفسه حضر دروسا بجامع الزيتونة، وكذلك جلسة بالمجلس الشرعي، كما زار المكتبة الخلدونية وأعجب خاصة بمكتبة جامع الزيتونة، وتاقت نفسه إلى "نسخ بعض المخطوطات النادرة لغاية تزيين مكتبة الأزهر"، ومهما يكن من أمر فقد شاع في مصر أن عبده قد أخذ معه عددا من مخطوطات مكتبة جامع الزيتونة، لكنّ جريدة "الحاضرة" بتونس فنّدت هذه الشائعة يوم 27 نوفمبر 1903. وعلاوة على زيارته لمحكمة الدّريبة، والمطبعة الرسمية، زار محمد عبده المستشفى الصادقي، والمطحنة العصرية لعبد الجليل الزاوش. وفي مساء 14 سبتمبر، أعدّ محمد عبده مأدبة عشاء فاخرة، دعا إليها على وجه الخصوص برنار روا الكاتب العام للحكومة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة