في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الحداثة، والترسيخ للتسطيح من خلال دعم التفاهة والسطحية وإثارة القضايا الجدلية، تأتى خطورة الشائعات في أى مجتمع، وذلك لسهولة انتشارها، وتوظيفها لخدمة أعداء الوطن وقوى الشر، بهدف إنهاك الدولة وإفساد المجال العام بها، وبالتالي تعد الشائعات سلاح لا يقل خطورة عن القنبلة والصاروخ في الهدم إذا لم يكن هناك توعية حقيقية من قبل المستهدفين، خاصة أن الشائعات تعد واحدة من أهم محاور حروب الجيل الرابع.
والسؤال كيف يتم توظيف الشائعات..؟
أعتقد أن التوظيف له طرق وسبل عديدة، وأول هذه الطرق، الترويج والتكرار والتعتيم الكامل على كل الإنجازات ثم التشدد في صناعة السلبيات والتحريض بشكل مكثف مستخدمين صحافة الصورة والفيديو وكل القوالب الصحفية والإعلامية خاصة التي تتماشى مع العالم الافتراضى.
والعين دائما تكون على المواطن من خلال تعزيز وتقديم ثقافة الخوف واليأس والإحباط، من خلال اتباع سياسة الإشباع الخبرى، والتضخيم في المشكلات والأزمات، والأخطر استغلال عاطفة المتلقى ببث صور كاذبة وخادعة والتحريف في المعلومة والتصريحات الرسمية، وذلك بأنماط مختلفة مثل اجتزاء السياق أو النشر في إطار مُحدث ليخدع المشاهد أو القارئ وكأنه أمام خبر جديد أو واقعة جديدة.
وفى إطار العمل على توظيف الشائعات، يتم أيضا تقديم خطاب يُصدر الكراهية، ويُضخم من السلبيات، ويطعن فى القضايا التى تهم الهوية الدينية، ويهون من الإنجازات والإيجابيات، وذلك بهدف إثارة القلق، والعمل على تزويد ذهنية المتلقي بشحنات متدفقة ومتوالية حوول قضية واحدة من زوايا متعددة وبطرق نشر مختلفة، من أجل تجاوز فكرة الانتماء والولاء، حتى ولو تم اختراع واقعة أو حدث أو استدعاء خبر قديم والعمل على تحديثه مدعوما بتقارير كاذبة أو مضللة، وترويجه بشكل مكثف وكأنه حصرى أو كاشف لتفاصيل خاصة، مستغلا ثقافة الملتقى في أن هناك تكتيما على التفاصيل من قبل المسئولين، بل يتم عرضه في شكل مناقشة عامة من خلال قوالب مختلفة كاستخدامه كاستطلاع رأى أو الطلب من المتلقى الإدلاء بوجهة نظره والتعليق.
وتكريس الشائعة يأتى أيضا من خلال تبنى قضية وموضوع واحد عن طريق النفخ والتضخيم والترويج المكثف والمطول الذى قد يصل إلى أكثر من أسبوع بهدف تعزيزه في ذهن المتلقى وكأنه واقعى وحقيقة، مستخدما أسلوب النقد والصراخ واتباع القاعدة العامة "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس".
بل من الأساليب المتعبة من قبل قوى الشر في تعزيز وتوظيف الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى خاصة، اتباع أسلوب جر المتلقى إلى حلقة نقاشية حول الشائعة، بسؤاله عن رأيه وتعليقه، بهدف أن يصل بالمتلقى إلى أن يكون محللا سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، وبالتالي يُحاصر بما عُرض عليه من تفاصيل، فيدور في الاتجاه الذى يحدده له مروج الشائعة خاصة أنه قد أدخله في إطار نفسى فرضته عليه الشائعة بمكوناتها وأنماطها المختلفة فيدور في فلكها.
وأعتقد أيضا، أن أخطر ما في الشائعات، هي أن مروجها أو صاحبها يتتسبب في تأسيس بيئة حاضنة للأفكار السلبية والمتطرفة، وبالتالي تكريس الشائعات يؤدى في النهاية إلى توافق فكرى لمجموعة معينة، أو ارتباط وتجمع افتراضى ما يُسهل في أن يكون في هذا المجتمع كيانات وتجمعات متطرفة أو تشترك في أفكار وقناعات يسهل استقطابها أو توظيفها في التقويض والهدم وصناعة اليأس والإحباط.
لذا، فإن صناعة الوعى حول خطورة ظاهرة الشائعات، وتأثيراتها السلبية على المجتمع، ليست رفاهية، بل مسئولية حتمية يشترك فيها المواطن والحكومة، لأن الحفاظ على كيان الوطن ومؤسساته واجب على الجميع، ومواجهة حملات هز الثقة وإثارة البلبلة فرض عين، خاصة عندما يتعلق الأمر بمستقبل الوطن وأبنائه في ظل عالم يموج بالمتغيرات.. حفظ الله مصرنا الغالية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة