محمود عبدالراضى

"نصر الدين طوبار".. صوت يعزف على أوتار القلوب

الجمعة، 27 ديسمبر 2024 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حينما يصدح الشيخ نصر الدين طوبار بصوته الشجي، يخترق أذان الفجر ليغسل الأرواح بنغمات سماوية وكأن الشجر والحجر والبشر جميعًا ينصتون بخشوع، صوته لم يكن مجرد حنجرة ذهبية، بل كان رسالة سلام وطمأنينة، جعلته جسرًا بين الأرض والسماء، ومنشدًا يحتل مكانة خاصة فى وجدان المصريين.

وُلد الشيخ نصر الدين طوبار فى 7 يونيو 1920 بمحافظة الدقهلية، وبدأ رحلته مع القرآن الكريم منذ نعومة أظافره، حيث حفظه عن ظهر قلب، لكنه لم يكن مجرد قارئ للقرآن، بل مبدعًا فى فن الإنشاد الديني، ليُصبح أيقونة فى عالم الابتهالات، ورغم تعثره فى اختبارات الإذاعة خمس مرات متتالية، لم ييأس، وأثبت أن الإصرار مفتاح النجاح، إذ نجح فى محاولات لاحقة، ليبدأ رحلته الذهبية مع الإذاعة.

لم يكن الشيخ طوبار مجرد صوت عابر، بل قامة دينية وفنية فريدة، فى عام 1978، سجّل المصحف المجوّد المشترك لإذاعة وتلفزيون المملكة العربية السعودية، ليترك بصمته الخالدة فى ذاكرة القراء، وفى عام 1980، تولى قيادة فرقة الإنشاد الدينى التابعة لأكاديمية الفنون بمصر، ليُضيف بعدًا أكاديميًا لفن الابتهال.

حلق الشيخ طوبار بصوته إلى آفاق بعيدة، من قاعة ألبرت هول فى لندن إلى القلوب البسيطة فى قرى مصر، كتبت عنه الصحافة الألمانية قائلة: "صوت الشيخ نصر الدين طوبار يضرب على أوتار القلوب"، ليصبح صوته رسالة حب وسلام تصل إلى العالم.

قدّم الشيخ نصر الدين ما يقرب من مائتى ابتهال، حملت كلماتها معانى الروحانية العميقة، من "يا مالك الملك" و"يا سالكين إليه الدرب" إلى "كل القلوب إلى الحبيب تميل" و"يا من يرانى فى علاه ولا أراه"، كانت أعماله بمثابة دعوات مفتوحة إلى التأمل والإيمان.

ارتبط اسمه بمسجد الخازنداره بشبرا، حيث عُيّن قارئًا للقرآن ومنشدًا للتواشيح، ليُصبح المكان منارةً للروحانية والفن الراقي.

فى 16 نوفمبر 1986، غاب الشيخ نصر الدين طوبار عن الدنيا، لكن صوته بقى خالدًا فى ذاكرة المواطنين والعالم الإسلامي، كلما أنصت الناس إلى ابتهالاته، تلمسوا فيها روحًا خاشعة ترتفع إلى السماء، تاركةً وراءها قلوبًا مفعمة بالسلام.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة