فى أواخر سبعينيات القرن الماضى كانت مدينة نيويورك الأمريكية تحاول التعافى من كبواتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ووسط هذا الوضع المضطرب بدأت رؤية رجل أعمال شاب يدعى دونالد ترامب تتشكل.
تمر عقود من الزمن ويبرز اسم ترامب السياسى أكثر من رجل الأعمال يفوز في الانتخابات بطريقة مثيرة ويُهزم بطريقة أكثر إثارة ثم يعود مرة أخرى للبيت الأبيض مجددًا ليجد أن الشرق الأوسط يتصدر أولويات أجندته رغم أنه صاحب شعار "أمريكا أولاً".
الآن ينتظر الشرق الأوسط المتفجر رجل الأعمال الأشهر وصفقاته المعتادة فمن سيبيع ومن سيشترى؟.
قطاع غزة والقضية الفلسطينية
البداية مع البقعة الأتعس على وجه الأرض قطاع غزة وباقى الأراضى الفلسطينية المحتلة والمحير أن تاريخ الرجل مع القضية الفلسطينية ليس بالأمر المبشر بسبب دعمه غير المشروط لإسرائيل ففى 6 ديسمبر 2017 أقدم على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس فى خطوة مثيرة للجدل حتى فى أمريكا نفسها.
وفى يناير من عام 2020 طرح خطته للسلام لكنها لم تلق ترحيبا عربيا أو فلسطينيا كافيا بسبب التحيز لإسرائيل، وخلال حملته الانتخابية الأخيرة تضاربت أحاديثه عن غزة بين إعلان تأييد واضح لإسرائيل ووعود بوقف الحرب وإنهاء معاناة المدنيين لمغازلة أصوات العرب والمسلميين.
اللافت أن بعد نجاحه أطلق تهديدًا قويا بأن الجحيم ينتظر الشرق الأوسط إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل موعد تنصيبه فى 20 يناير 2025! ليتساءل الملايين حول العالم أى جحيم أسوأ مما تعيشه غزة!
وبخلاف مسألة صفقة تبادل الرهائن والهدنة فى غزة تبقى الأسئلة دائرة عن ترتيبات اليوم التالى للحرب فى القطاع وكذلك باقي الأراضى الفلسطينية المحتلة فهل سيسير ترامب على النهج المتوقع بالدعم الإسرائيلى غير المشروط أم أنه سيكون له حسابات أخرى؟
لبنان.. واختيار صانع الصفقات
ومن غزة والأراضى المحتلة إلى لبنان الذى عاني من ويلات الاعتداءات الإسرائيلية قبل أن يتم توقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بمباركة من ترامب نفسه وفقًا للتسريبات الإعلامية.
أيضًا اختيار مسعد بولس والد زوج ابنته تيفانى وهو رجل أعمال أمريكى من أصل لبنانى كمستشار له لشئون الشرق الأوسط والعالم له دلالة على إمكانية وضع الملف اللبنانى المعقد ضمن أولوياته خلال السنوات المقبلة.
سوريا.. سقوط الأسد ومخاوف من داعش
ومن لبنان إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد تدور التساؤلات عن موقف ترامب تجاه نقاط رئيسية أبرزها مراجعة موقف تنصيف هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولانى أو أحمد الشرع كـ"جماعة إرهابية" خاصة أن إداراته كانت صاحبة القرار فى عام 2018، إضافة إلى ذلك تحديد مصير القوات الأمريكية فى شمال سوريا فى ظل الأحاديث عن مخاوف أمريكية من عودة تنظيم "داعش".
اليمن وسياسة العصا والجزرة
ومن سوريا إلى اليمن ومواجهة جماعة الحوثيين وتأثيرهم الكبير على حركة الملاحة فى البحر الأحمر يتوقع مطلعون على الملف اليمنى بأن ترامب سيستخدم سياسة "العصا والجزرة" بمواصلة ضربات الدرونز العسكرية لصد هجمات الحوثيين وتقويض بنيتهم التحتية، وفي الوقت نفسه السير فى الطرق الدبلوماسية على أمل الوصول إلى صيغة ترضى إدارته خاصة أن الأيام الأخيرة لفترته الرئاسية الأولى شهدت تصنيف الحوثيين كـ"تنظيم إرهابى" قبل أن تتراجع إدارة بايدن عن الخطوة فى وقت لاحق لـ"أسباب إنسانية".
بشكل عام لن تنتظر طويلاً قبل أن نرى صفقات ترامب ونقرأ بنودها وإلى مدى ستكون مؤثرة على خريطة الشرق الأوسط المشتعلة بالأزمات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة