تواجه مصر العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حيث تأثرت مصر سلباً بسلسلة من الأحداث العالمية، بدءًا من جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية الصعبة، مرورًا باندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، وتداعياتها الاقتصادية الصعبة على العالم مما أثر سلبًا على سلاسل التوريد والإمداد بالسلع الضرورية مثل الطاقة والغذاء، ووصولاً إلى الحرب غزة في أكتوبر 2023 والعدوان الإسرائيلي على القطاع المستمر حتى اليوم، والتطورات الخطيرة في المنطقة واتساع دائرة الصراعات واضطراب الأوضاع لتصل إلى لبنان وسوريا، فضلاً عن الأزمة السودانية والأوضاع في ليبيا واليمن وغيرها.
الأوضاع الخطيرة في المنطقة ساهمت في مضاعفة حجم التحديات الجسيمة التي تواجه الدولة المصرية، فعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها مصر لدعم الاقتصاد الوطني وإزالة المعوقات لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية وتوطين الصناعة، إلا أن التحديات الاقتصادية والسياسية صعبة جدا، ورأينا كيف تأثرت قناة السويس أهم مصادر الدخل والنقد الأجنبي لمصر، حيث انخفضت إيراداتها بشكل كبير جداً، والجميع يعلم أن مصر مستهدفة وهناك مؤامرات ومخططات تحاك لها للنيل منها وهدم استقرارها ومحاولات لحصارها اقتصاديا، مما يحتاج إلى التكاتف وتضافر جهود الجميع لمواجهة هذه التحديات.
والمجتمع المدني والقطاع الخاص دورهما مهم جداً ومؤثر في مساندة الدولة ودعمها في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية، ولا شك أنه على المستوى السياسي والاجتماعي، يمكن أن يؤدي المجتمع المدني دوراً كبيراً سواء الجمعيات والمؤسسات الأهلية والمنظمات أو الأحزاب السياسية والنقابات وغيرها من مكونات المجتمع المدني في مصر، وذلك في التوعية بالتحديات التي تواجهها الدولة وخطورتها وأهمية التكاتف والتماسك للتصدي للشائعات والأكاذيب التي تبثها الجماعة الإرهابية وأبواق الشر للنيل من أمن واستقرار الدولة المصرية، وأهمية الوقوف خلف القيادة السياسية ومؤسسات الدولة لدعم جهودها للنهوض بالاقتصاد والحفاظ على الاستقرار واستمرار معركة التنمية والبناء، والحفاظ على الأمن القومي المصري.
ودور المجتمع المدني في تعزيز الوعي لدى أفراد المجتمع مهم جداً بالتواصل والتفاعل مع المواطنين وتوضيح وشرح الأمور والأوضاع في المنطقة وما يحدق بنا من مخاطر وتحديات صعبة، فالوعي هو حائط الصد المنيع أمام مخططات أهل الشر وأعداء الوطن والذي تتحطم عليه آمالهم ومحاولاتهم للنيل من الدولة المصرية، ولن يحدث ذلك لأن الشعب المصري بجميع مكوناته وأطيافه واعي ويدرك حجم التحديات جيداً، ودور المجتمع المدني والأحزاب والجامعات والنقابات وغيرها أن تعمل على تعزيز الوعي لدى المواطنين.
كما أن المجتمع المدني والقطاع الخاص يمكنه أن يلعب دوراً مهماً في دعم جهود الدولة لمواجهة التحديات الاقتصادية خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار مما أدى إلى مضاعفة الأعباء على المواطنين، الأمر الذي يتطلب تعزيز وتوسيع الجهود التي يقوم بها المجتمع المدني مع الدولة في دعم الفئات الأكثر احتياجا والأولى بالرعاية لتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، فضلاً عن توفير السلع والمنتجات بأسعار مخفضة ومناسبة في جميع المحافظات لتخفيف الأعباء عن المواطنين ومعاونتهم على مواجهة التحديات الاقتصادية وأعباء المعيشة.
والدولة المصرية حريصة على تعزيز مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني في المجتمع، وفتحت المجال لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية والمشروعات التنموية، وتسعى لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري، وتوسيع وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي سيعطي دفعة للاقتصاد الوطني ودفع عجلة الإنتاج والنمو، وبالتالي ننتظر الفترة المقبلة تواجد أكبر للقطاع الخاص في مختلف المجالات، وتعزيز دوره في النمو الاقتصادي.
ويلعب القطاع الخاص دورًا حيويًا في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ظل الجهود الحكومية نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مشاركة جميع الأطراف في دفع عجلة الاقتصاد، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص مع الدولة سيساهم بشكل كبير في زيادة الناتج المحلي الإجمالي من خلال الاستثمار في المشروعات الإنتاجية والخدمية، وتوفير فرص عمل للشباب تسهم في تقليل معدلات البطالة وتحسين مستوى المعيشة، فضلاً عن أهمية المشاركة في مشروعات البنية التحتية وتنفيذ مشروعات تنموية تساعد على تحسين بيئة الأعمال.
كما يمكن أن يساهم القطاع الخاص في دعم الاقتصاد الوطني وقت الأزمات من خلال تمويل مشروعات حيوية وتقديم حلول ابتكارية، مثل المساهمة في تمويل الرعاية الصحية والمشروعات التعليمية، وتفعيل المسؤولية المجتمعية والتنمية المستدامة، حيث يقوم القطاع الخاص والمجتمع المدني بدور اجتماعي مهم عبر برامج المسؤولية الاجتماعية، مثل توفير الخدمات الصحية والتعليمية ودعم الفئات الأولى بالرعاية، كما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال دعم مشروعات الطاقة النظيفة والتحول الرقمي وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال.
وأتمنى أن أرى الفترة المقبلة تعاوناً بشكل أوسع من جانب المجتمع المدني والقطاع الخاص مع الدولة وتوسيع المشاركة في دعم القطاعات الإنتاجية وخاصة الصناعة والزراعة، وإقامة مشروعات تنموية تعزز الإنتاج الصناعي والزراعي وتساهم في تنمية الصادرات والحد من الاستيراد، وضرورة التعاون في توطين الصناعات الواعدة وتوفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج للمصانع.
ختاما.. فإن تعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص يمثل مفتاحًا رئيسيًا لمواجهة التحديات، بما يضمن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وكذلك المجتمع المدني يقدم دوراً مؤثراً في مساندة الدولة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة