عادل السنهورى

واحد اتنين.. الجيش السوري فين..؟!

الأربعاء، 11 ديسمبر 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يعش الشعب السوري "السكرة" بانهيار نظام بشار الأسد والأسرة العلوية فجر الأحد. باغتته " الفكرة" في الوقت نفسه. " السكرة" امتزجت وذابت  بـ"الفكرة" سريعا ولم يكتب أن يعيش السوريون حلاوة ما ظنوه مذاق سكرة الحرية والخلاص من الديكتاتور والاستبداد حتى رأوا " بأم العين" إعادة انتاج مخطط الفوضى الخلاقة الذي دشنته الولايات المتحدة الأميركية وحليفتها إسرائيل في المنطقة منذ عام 2000 وحتى خمسين عاما بعدها.

فالهدف ، كما اعترفت المبشرة بالنظرية كونداليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة ومستشارة الأمن القومي الاميركي مؤخرا في إحدى محاضراتها بمعهد بروكينج الأمريكي، لم يكن الذهاب الى أفغانستان في 2001 أو العراق في 2003 من أجل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وانما من أجل تفكيك الجيوش ونشر الفوضى تمهيدا للتقسيم


الفوضى الخلاقة كان – ومازال- أولوياتها الاستراتيجية هو تفكيك الجيوش العربية الوطنية الكبرى في العراق وليبيا واليمن وسوريا ونأت مصر بنفسها عن تلك المؤامرة  


محاولات التدمير والتفكيك بدأت بالجيش العراقي، القوة العربية في الجبهة الشرقية لما كان يسمى بالوطن العربي، بدراسة قدمها نائب وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، بول ولفووتز، أثناء رئاسته لجامعة جون هوبكنز بواشنطن، والتي تقضى بأن القدرات العسكرية للجيش العراقي لم يتم إضعافها تماما بعد حرب السنوات الـ8 بين العراق وإيران، وأنه يجب تفكيك وتدمير الجيش العراقي بقدراته العسكرية لطمأنه إسرائيل على أمنها من ناحية الشرق، وتحقق ذلك عند احتلال الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، حينما اتخذ بول بريمر رئيس سلطة الائتلاف المؤقتة- الحاكم العسكري الأميركي للعراق- بعد حرب العراق التي أعلنها الرئيس الأميركي جورج بوش يوم19 مارس 2003، قراره بحل وتسريح الجيش العراقي، وهو القرار الذى أدى إلى انتشار الفوضى وتحولت معه العراق من دولة موحدة الى دولة فيدرالية بين ثلاث قوى متصارعة هي، الأكراد والسنة والشيعة.


اذن كانت بداية نظرية" الفوضى الخلاقة"  بتفكيك أول جيش لإحدى دول المواجهة مع إسرائيل. الجيش العراقي كان يصنف قبل الغزو العراقي للكويت، برابع أكبر جيش في العالم، حيث بلغ عدد أفراده مليون جندي، واعتبر العراق أكبر سوق للسلاح في العالم، فقد استورد وفقاً لتقييم أعدته الهيئة الأميركية لمراقبة ونزع الأسلحة، ما قيمته 24 مليار دولار من المعدات العسكرية بين عامي 1981 و1985. القوات الجوية، بلغ مجموع أفردها نحو عشرين ألفاً، ووصل عدد المقاتلات 316 مقاتلة وبلغ عدد دبابات القتال الرئيسي 2600 دبابة، 400 عربة استطلاع، 1200 عربة قتال مشاة مدرعة، 1800 ناقلات جنود مدرعة، 1900 مدفعة مقطورة، 200 مدفعية ذاتية الدفع و200 قاذفات صواريخ متعددة، بالإضافة الى القوات البحرية وباقي الأسلحة
بجرة قلم أمريكية تم حل أقوى جيش عربي حتى ذلك الوقت وتخلصت إسرائيل من كابوس الجبهة الشرقية القوية التي وصلت اليها صواريخها " الاسكود" خلال حرب الخليج الثانية 1991


الدور في خطة الفوضى والتفكيك كان على الجيش العربي السوري منذ العام 2011 مع ما يسمى بـ" ثورات الربيع العربي" لكن الأحداث في سوريا انتقلت من الثورة  الى تدمير الدولة المدنية وتفكيك الجيش السوري الذي بدأ يعاني طوال 13 عاما من نقص الامدادات والتدريب وضربات الميلشيات المسلحة في الجنوب والشمال والشرق والغرب ودخل في حرب استنزاف على اتساع الأرض السورية. و الجيش القوي كان القوة السادسة عربيا والستين دوليا من حيث القوة العسكرية وفقا لمؤشر (جلوبال فاير باور) العام الجاري 2024 ويمتلك أكثر من 1500 دبابة و3 آلاف عربة مدرعة ومنظومات دفاع جوي بأكثر من 2,000 مدفع مضاد للطائرات وأكثر من 4,100 بطارية سام ،ونظما مدفعية وصاروخية ومزيجا من المقاتلات والمروحيات وطائرات التدريب ضمن القوات الجوية الموزعة على 25 سرباً مقاتلاً موزعة على 26 مطارا عسكريا مجهزا و80 مطارا آخرا بعدد قوات تقدر بحوالي 550 ألف مقاتل ومجند. تحول هذا الجيش الى جيش منهك ومتهالك، خسر نسبة كبيرة من قوته البشرية التي كانت تقدر بنحو 300 ألف جندي في سنوات الحرب الأولى تبلغ النصف وفق بعض التقديرات، سواء بسبب القتال أو بسبب فرار بعض الجنود أو انضمامهم لجماعات معارضة. كما تكبدت القوات الجوية خسائر فادحة بسبب الحرب الأهلية والضربات الجوية الأمريكية.


فجر الأحد ...ومع التهليل وسكرة انهيار نظام بشار وفرحة الأشقاء بإزاحة نظام عائلي وطائفي مستبد جثم علي صدورهم أكثر من 50عاما  ، كانت الفرصة الذهبية للطرف الأصيل في نظرية الفوضى الخلاقة، وتدمير الجيوش الوطنية العربية، وتحقيق السيادة الكاملة علي سماء سوريا بتدمير سلاح الجو. الفكرة والكابوس بدأ مع ساعات الفجر الأولى ليوم الأحد.  شن الطيران الحربي الإسرائيلي عشرات الغارات الجوية على مواقع مختلفة في سوريا استهدفت نحو 100 موقع عسكري داخل سوريا. هاجم الطيران الإسرائيلي أنظمة الدفاع الجوي السوري ومقرات أجهزة الأمن في العاصمة ومطار دمشق وعدد كبير من المطارات العسكرية ومخازن ومستودعات السلاح والذخائر في الجولان ودير الزور، وتدمير العشرات من طائرات الميج 29، وتدمير الأسلحة الاستراتيجية الثقيلة في كل أنحاء سوريا، وقواعد عسكرية سورية وقصف مخازن أسلحة كيماوية واستراتيجية قال الجيش الاسرائيلي إنه دمرها كلياً منعاً لنقلها إلى التنظيمات المسلحة ومنع وقوع الأسلحة المتطورة في أيدي الميليشيات. وإنشاء منطقة آمنة في الجانب السوري تكون خالية من السلاح والبنى التحتية العسكرية
وهناك ومن داخل الأراضي السورية في الجولان- وليس الجولان المحتل- وقف بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي مزهوا ومنتشيا بما يجري أسفله في سوريا ويعلن دخول القوات الإسرائيلية الى داخل العمق السوري لمسافة 14 كيلومتر مربع والسيطرة الكاملة على جبل الشيخ الاستراتيجي الذي يتحكم في عواصم وأراضي ثلاث دول عربية معلنا انتهاء العمل بالاتفاق الموقع بين إسرائيل وسوريا والموقعة في 31 مايو عام 1974 وفق اتفقا فصل القوات عقب حرب أكتوبر أو حرب تشرين 1973.


إسرائيل أعلنت من جانب واحد انهيار الاتفاق بعدما تخلي الجنود السوريين عن مواقعهم، واستولت على المنطقة العازلة ومواقع السيطرة المجاورة لها . تل أبيب استغلت الفوضى العارمة في المشهد السياسي والأمني السوري.
دارت دائرة الفوضى الخلاقة من جديد لتلتهم الجيش العربي السوري في ظل  "سكرة " السوريين وفي الغد تهدأ النفوس ويستيقظ الجميع على كابوس باختفاء الجيش حصن الأمة وحامي الدولة وهنا تبدأ الفكرة والواقع القاسي والمؤلم عن سؤال المستقبل للدولة السورية أو ..الدويلات السورية.. وبالسؤال أيضا :" واحد اتنين الجيش السوري راح فين..؟!"










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة