الوطن هو المكان الذى تنتمى إليه القلوب قبل الأجساد، هو الأرض التى توفر الأمن والاستقرار والسلام والمأوى، وهو ما يحمل بين طياته تاريخًا غنيًا يعكس تجارب الأجداد، مما يسهم في تشكيل مستقبل وطموحات الأفراد والأجيال القادمة والمجتمعات، فهو ليس مجرد مساحة جغرافية، هو مفهوم عميق يتجاوز الجغرافيا ليشمل الهوية والانتماء، ويعكس المشاعر فهو يمثل انتماءً عاطفيًا وثقافيًا يجمع الأفراد بروح واحدة وبروابط قوية بينهم وبين الأرض، والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، والعمل المشترك نحو مستقبل أفضل، والملاذ الآمن الذي يمنح الأفراد الفرصة أن يعيشوا حياة كريمة بعزة وإيباء ويسعوا لتحقيق أحلامهم، وهو الحاضنة الثقافية والحضارية التي تقوي الروابط الاجتماعية والوجدانية، وتجعل من الأفراد جزءًا من مجتمع متماسك.
وتُعد قضية المواطنة من القضايا المحورية التى تؤثر بشكل مباشر على استقرار الدول وتطورها، ويعكس تهميشها الأولويات الضيقة التي تضع الولاءات الخاصة، فوق الولاء الوطني، مما يُفضى إلى انقسامات اجتماعية وثقافية عميقة، وهذا التوجه يؤثر سلبًا على النسيج المجتمعى، ويزيد من مشكلات المجتمع، ومع الانفتاح العالمى ووسائل الاتصال الحديثة، تتزايد الضغوط على مفهوم المواطنة، مما يسبب صراعات بين القيم المحلية والتأثيرات الخارجية، وبالتالى تتطلب هذه التحديات إعادة تأصيل مفهوم المواطنة كقيمة أساسية، تعمل على تأكيد الوحدة الوطنية والاستقرار الاجتماعي والسياسي، ولتحقيق ذلك، يجب أن يكون هناك وعي عام وممارسات ملموسة تعكس الالتزام بالعدالة والمساواة.
وتُعبر المواطنة عن العلاقة الديناميكية التي تربط وتُؤكد العلاقة بين الفرد ووطنه، حيث تُمثل أكثر من مجرد جنسية مكتوبة في وثيقة رسمية، فهي شعور عميق بالمسؤولية والانتماء، يتجلى من خلال التزام المواطن بواجباته والاستفادة من حقوقه، وتتجاوز الوثائق لتصبح ممارسة فعلية؛ لبناء مجتمع قوي ومتماسك قادر على مواجهة التحديات، من خلال المشاركة النشطة في الحياة السياسية والاجتماعية، ومن ثم يسعي المواطنين لتأكيد قيم الديمقراطية والعدالة، والعمل من أجل رفعة الوطن والصالح العام.
ونُوكد أن الوطن رمزًا للهوية والانتماء، ومرجعية رئيسة للهوية الثقافية والتاريخية، حيث يجمع أبنائه حول قيم وأهداف مشتركة، ويمنح الأفراد شعورًا بالانتماء والوحدة والتلاحم، وتتطلب المواطنة الحقيقية توازنًا بين الحقوق والواجبات، وتحقيق الاستقرار، فالوطن المستقر يعتمد على مواطنين ملتزمين يحترمون القوانين ويسعون للمحافظة على مكتسباته، مما يسهم في تقليل النزاعات والصراعات، والتوجه لبناء اقتصاد مستدام ودولة قوية قادرة على تحقيق التنمية الشاملة.
وفي خِضَم هذه اللحظة الحرجة والمرحلة العصيبة من تاريخ أمتنا والتي يمر بها الشرق الأوسط، تتجلى أهمية مواجهة التحديات بوضوح وشفافية، وضرورة تسمية الأمور بمسمياتها ومواجهة شعوبنا بحقيقة الأخطار، وأن نُبرز المخاطر المحدقة بأمننا القومي، فالواقع يفرض علينا الاستعداد لمواجهة هذه التحديات بعزم وإرادة قوية، والفترة القادمة تحمل في طياتها تحديات جسيمة، ومن رحمة الخالق بنا أن أعداءنا لم يخفوا عداءهم، بل أعلنوا عن نواياهم ضدنا، مما يستدعي منا الاستعداد لمتطلبات المرحلة المقبلة، والبحث عن عوامل القوة والوحدة والتماسك بين أبناء الشعب العظيم الآبي لنتصدى للأخطار، فالوحدة الوطنية القائمة على الانصهار والتوحد تتطلب جهودًا جماعية، والعمل على استنفار روح الانتماء والمواطنة والهوية لدى كل فرد، ويستدعي ذلك استحضار تاريخنا ومقاوماتنا، لنبني مجتمعًا متماسكًا يتشارك القيم والأهداف.
وتحقيق الوحدة الوطنية ليس مجرد تجميع عشوائي، بل هو تفاعل إيجابي يتطلب أساسًا قويًا من مفهوم المواطنة الذي يضمن المساواة بين الأفراد وينمي كفاءاتهم وقدراتهم، بعيدًا عن أي اعتبارات أو مصالح ضيقة، وفي هذا السياق، تلعب الدولة المصرية ذات التاريخ الثقافي والحضارة العريقة، دورًا مهمًا في تنمية الولاء والانتماء لدى شعبها، وتضع أولوياتها نحو حماية مقدراتها على الصعيدين الداخلي والخارجي، وتبني سياسات دبلوماسية مرنة تُقوي من علاقاتها مع دول العالم؛ لذا تُعتبر وحدة المصريين واصطفافهم خلف دولتهم عنصرًا رئيسًا في ضمان الأمن القومي، وهذا الاصطفاف يُوكد قدرة مصر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، ويعكس تاريخًا طويلًا من التلاحم في أوقات الأزمات، بوجود الجبهة العسكرية القوية من الجيش المصري العظيم، والشعب الأصيل كجبهة اجتماعية حامية.
والشعب المصري معروف بحبه وولائه لدولته، وهو مدفوع بوعي سياسي وثقافي واجتماعي وتاريخي، ويبرز ذلك خلال استعداده الدائم للتضحية بالنفس في سبيل الدفاع عن الوطن والتمسك بمناخ الاستقرار، وتاريخ مصر زاخر بنماذج مضيئة للتضحية ويشهد على هذا الولاء والانتماء، كما تُظهر الوحدة بين المصريين قوة مبدأ الشراكة وتحمل المسؤولية في تحقيق الإنجازات الوطنية، ويقوم هذا التوجه على فلسفة الوحدة الوطنية، حيث يُعتبر الاصطفاف خلف الدولة ليس مجرد شعار، بل هو تجسيد للأفعال والممارسات التي شهدتها مصر في العديد من المواقف ومواجهة الصعوبات والانتصارات، حيث نجحت القيادة المصرية في استثمار الإمكانيات الجماعية للشعب، متغلبة على التحديات متطلعًة لمستقبل مزدهر محافظة علي ثقافة المجتمع، وقيمه الرفيعة ووجدانياته العميقة.
ولقد أثبت الشعب المصري أنه يمتلك من الوعي والإرادة ما يجعله قادراً على التصدي لكافة التحديات التي تهدد استقرار الوطن وأمنه القومي، وأعطي دائمًا مثالاً حياً على قدرته في التلاحم مع قياداته السياسية ومؤسساته، ورفضه محاولات تغييب العقول والتلاعب بمصير البلاد، وأظهر إصراراً على الحفاظ على اللحمة الوطنية والوحدة المجتمعية التي تمثل أساس قوة الدولة المصرية؛ لذلك يُعد ما حققه الشعب من وعي وإنجازات ليس مجرد انتصار ظرفي، بل هو تأكيد على قوة الدولة المصرية ومتانة نسيجها الاجتماعي، والاستعداد الدائم للحفاظ على أمن الوطن وسيادته، ليظل حراً أبياً لا تهزه الأزمات ولا تنال منه المؤامرات، حفظ الله دولتنا وقيادتنا السياسية وشعبنا الأبي وجيشنا العظيم بعزة وفخر أبد الدهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة