عصام محمد عبد القادر

مستويات التربية الرقمية

السبت، 30 نوفمبر 2024 06:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تتباين الرؤى حول مستويات التربية الرقمية؛ فثم توجه يشير إلى أنها تبدأ بالمستوى الخبراتي الذي يتضمن في طياته المعارف، والمهارات، والوجدانيات المرتبطة بهما، يلي ذلك مستوى التطبيق المبدئي حتى الوصول للتمكن، أو الإتقان فيما يؤديه الفرد من مهام، والمستوى الأخير، والمنشود يكمن في بلوغ حد الإنتاجية الابتكارية، وهذا يشير إلى صورة  التامة للتحول الرقمي، التي نراها اليوم في العديد من مجالات الحياة؛ حيث باتت أدوات الذكاء الاصطناعي، وتطبيقاته خير شاهد على ذلك.


وتعالوا بنا نتفق على أن التربية الرقمية تستهدف عبر مراحلها العمل الممنهج بشأن إعداد الفرد للحياة، ومن ثم فهي أسلوب وظيفي حديث، تساهم في تشكيل الهوية، وتؤكد على التوظيف، والاستخدام الأمثل للتقنية في ضوء مجموعة من الضوابط، والمبادئ المتبعة، وهنا نضمن تكوين أفراد، وجماعات، ومجتمعات سوية تشارك في بناء الأوطان، وتحافظ على مقدراتها، ولا تتخلى عن أدوارها، ومسؤلياتها، وتعضد من مبادئها، وتتمسك بقيمها، وأخلاقها الحميدة، وتحمي ثقافتها، وتصون حضارتها.


وندرك سويًا أن البداية في التمكن الرقمي، وهذا يشير إلى الأدوار المنوطة بمن يقع عليهم التنشئة الرقمية، وغايات التربية سواءً أكانت الأسرة، أو المؤسسة بعينها، أو الدولة بكامل كيانها؛ حيث يتوجب أن نذلل العقبات التي قد تعيق الفرد من الانخراط في المجتمع الرقمي، وذلك من خلال العمل الجاد بشأن توفير مصادر التكنولوجيا في المنزل، أو داخل المؤسسة التربوية، أو المؤسسة التي يعمل بها، أو ينتسب إليها تحت أي مسمى، وهنا ينبغي أن نحدث شمولًا بمعنى التغطية الجغرافية لكافة فئات المجتمع، وأطيافه.


وقد أضحى غرس المعارف الرقمية من الأمور الأساسية للتربية الرقمية؛ فمن خلالها يتدرب، ويعرف الفرد وظيفية التقنيات الرقمية، واستخدامها بمختلف أغراضها، ناهيك عن مهارات نوعية متقدمة تصقل الخبرات، وتمكن الفرد من ممارسة سلوك رقمي، وهنا تؤكد التربية الرقمية على القواعد، ومعايير السلوك الرقمي الصحيح، أو المقبول في مجتمعنا الرقمي؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك  بعض الألفاظ المقبولة في استخدامها، و في وقت يتاح فيه توظيف التكنولوجيا، وفي حدود تجنب الفرد أن يتعدى على حقوق الآخرين، ومسئولية واضحة تجاه الاستخدام.


وبالطبع تحقق التربية أولى غاياتها التي تكمن في إحداث نوع من التواصل الالكتروني، أو الرقمي الصحيح من الناحية التقنية، والاجتماعية، والأخلاقية؛ حيث تؤكد على ضرورة التمسك بالأعراف المجتمعية، والتقاليد الأصيلة، والتي نرصد مؤشراتها عبر استخدام التقنيات الرقمية بمختلف تنوعاتها.


وبما لا يدع مجالًا للشك فإن التربية الرقمية تؤكد على ماهية الحقوق، والمسؤليات الإلكترونية من خلال توعية مقصودة، ومخططة؛ ليدرك الفرد، أو الجماعة الحقوق الإلكترونية سواء الحقوق الفكرية، مثل: نشر كتاب، أو صور، أو مقالة، أو أية مادة إلكترونية، أو الحقوق المدنية مثل: حق التعبير عن الرأي بصورة مسؤلة، وغير ذلك مما ورد في معايير الاستخدام، كما يشمل تعريف الفرد، أو الجماعة بالمسؤليات في تجنب تجاوز القانون، ومنها تجاهل سياسة بعض الشركات الإلكترونية، أو الاستخدام غير السليم لبعض الخدمات الإلكترونية.


وفي هذا الإطار تعزز التربية الرقمية ماهية الوعي سواءً فيما يتعلق بالقضايا الثقافية ، أوالاجتماعية ، أوالإنسانية ذات الصلة بالتكنولوجيا، أو ارتبط هذا الوعي بممارسة السلوكيات الأخلاقية التي يقرها المجتمع أثناء التعامل مع التكنولوجيا، وفي هذا الخضم تؤكد التربية الرقمية على ماهية الأمن الإلكتروني، والذي من خلاله يحمي الفرد معلوماته الشخصية بواسطة استخدام برامج الحماية من الفيروسات، وأنواعها، وطرق استخدامها، والاختراق الالكتروني، وكيفية عمل نسخ احتياطية للمعلومات.


ونعني بذلك أن التربية الرقمية تساعد الفرد، وتعده للحياة بصورة وظيفية؛ حيث توفر له ثقافة اكتساب الخبرات المتعلقة بتنمية مقدرته على التسوق الإلكتروني الآمن، وذلك من خلال تعريفه بصور عمليات البيع، والشراء الإلكترونية الآمنة، وتجنب الوقوع في براثن الاحتيال، أو السرقة، وغيرها من الاحتياطات التي أصبحت ضرورة معاصرة للمواطن الرقمي الواعي، ومن ثم تسهم التربية الرقمية في تكوين فكر صحيح للمستهلك الرقمي، المطلع على مزايا، وسلبيات، ومشكلات التسوق الرقمي عبر الإنترنت، وهذا في مجمله يقع تحت فلسفة التجارة الإلكترونية.


ورغم العمل الممنهج تجاه تنمية مقدرة الفرد على المشاركة في المجتمع الرقمي، وتعزيز الالتزام بمعايير السلوك المقبول لديه عند استخدام التكنولوجيا في أي مكان؛ إلا أن التربية الرقمية لا تترك الفرد دون أن تعرفه بما له من حقوق، وما عليه من واجبات؛ حيث إن التوعية بالقانون الرقمي يشمل المسؤليات القانونية إلكترونيا؛ فلا مجال للأفعال التي قد تجلب العقوبات مثل: انتهاك قانون حقوق الملكية الفكرية عند تحميل، أو تنزيل هذه التطبيقات، أو الكتب، أوالمراجع، أو الأفلام، أوالأغاني، أو بعض البرامج بطريقة غير قانونية؛ وكذلك القيام بتبادل المحتوى المخالف للقيم الأخلاقية المجتمعية، ويؤدي ذلك  إلى اكتساب  بعض السلوكيات الغير صحيحة التي  تسهم في التدني الأخلاقي، أو قد تحرض على العنف، أو العنصرية، أو غير ذلك.


إن أحد مستويات التربية الرقمية يكمن في تحقيق الصحة، والسلامة الرقميّة؛ حيث إن توعية المتعلمين بأهمية استخدام مصادر التكنولوجيا بطريقة مسؤلة، وذلك من خلال توعيتهم بالأذى البدني، أو النفسي الذي قد يتعرضون له؛ نتيجة استخدامهم التكنولوجيا بشكل غير صحيح، مثل: إصابات الظهر، أو الرقبة نتيجة الجلوس لفترات طويلة، أوإدمان الإنترنت، أوضرر العين نتيجة مشاهدة الشاشات لفترات طويلة، وضعف، وتشتت الانتباه، الذي قد ينتج من استخدام بعض الألعاب الإلكترونية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة