نجحت مصر في تأسيس بنية تحتية قوية تتضمن شبكات طرق، نقل، محطات طاقة، موانئ، مطارات ومدن جديدة، بالإضافة إلى تحسين نسبي في مناخ الاستثمار والتشريعات الضريبية. ورغم هذه الإنجازات، فإن العالم بحاجة الآن إلى التحرك والاستثمار في هذا المستقبل الواعد، خاصة مع التوجه الجديد نحو التعددية القطبية.
في قمة بريكس، ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلمة مفصلية، معلنًا عن نهاية عالم القطب الواحد وقيام نظام عالمي متعدد الأقطاب. وكانت خطوة إنشاء منطقة صناعية وتجارية متكاملة في محور قناة السويس، بالتعاون مع دول بريكس، أولى ثمار هذا التحول. هذه المنطقة ستكون رأس حربة في مشروع "طريق الحرير" الصيني الجديد، وتضاهي في قوتها وتأثيرها مدينة هونج كونج.
حيث يعتبر بوتين هذه الفكرة جزءًا من استراتيجيته الممتدة منذ عام 2013، حينما عاد إلى منصب الرئاسة الروسية، وتدخل في سوريا لإنقاذها، كما وضع قدم ثابتة في منطقة الشرق الأوسط لدعم هدم مخطط تقسيم الشرق الأوسط، وكذلك أعلن الرئيس الصيني شي جين بينج عن مشروع طريق الحرير في العام نفسه.
كانت هنا، بداية عملية التغيير نحو عالم متعدد الأقطاب، وهو ما رأيناه في تحرك الجيش المصري تلبية لإرادة المصريين خلال ثورة 30 يونيو 2013، التي مثلت أول كسر للسردية الغربية وحجر عثر تحطمت عليه آمال الغرب، وهو شيء ليس بغريب عن المصريين سبق وحدثت مع ثورة 23 يوليو 1952، و نصر 6 أكتوبر 1973.
ورغم تلك التحولات الإيجابية، فإن العالم لا يزال يواجه تحديات كبيرة، من بينها الحروب الرأسمالية المتسلسلة التي افتعلها الغرب، مثل حرب أوكرانيا 2022، والصراع الإقليمي في السودان 2023، واستعراض "طوفان الأقصى" 2023، وما قد يتبعها من توترات في تايوان وكوريا، محتملة، فضلاً عن اقتراب انفجار الأوضاع في بحر الصين الجنوبي.
وفي هذا السياق، تؤكد التحليلات أن مصر وروسيا والصين قادرات على اجتياز هذه الأزمات، لكن التحدي الحقيقي يكمن في حجم فاتورة النجاة، وليس في إمكانية النجاة بحد ذاتها. إن مصر الآن في موقع استراتيجي ضمن العالم الجديد، حيث تجمع بين علاقات قوية مع القوى التقليدية والغربية، وفي الوقت نفسه تعزز مكانتها مع القوى الصاعدة في بريكس.
الأمر لا يتعلق بمن سيبقى في الساحة العالمية، بل بمن سيكون المسيطر، وفي هذا الإطار، تبقى مصر لاعبًا رئيسيًا بفضل سياساتها الوطنية التي عززت مكانتها الدولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة