آن الآوان لتغيير مفهوم ومصطلح كلمة "الإرهاب"، كوسيلة للإكراه باستخدام العنف، إلى أن كل من يعارض سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، حتى وأن كانت ضد الإنسانية والمساواة وحقوق الشعوب المكفولة بالقوانين والمواثيق الدولية، فهو "إرهابي" في نظر أمريكا والغرب التابع لها، وذراعها الطولي في المنطقة العربية "إسرائيل".
لا شك أن حرب السابع من أكتوبر فضحت ازدواجية المعايير لدى أمريكا وأوروبا ففي الوقت الذى تزعم فيه هذه الدول أنها تتبنى الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة بين شعوب الأرض نجد أفعالهم على الأرض تناقض ذلك تماماً حيث بات نهبهم لثروات الشعوب وقتلهم الممنهج لكل من يقاومهم وتشوية صورة أي أصوات تعارض الهيمنة الغربية مبدأ يسير عليه الساسة الغربيون وإعلامهم الذى طالما صدعنا بحقوق الإنسان وحرية الرأي وتبنى الرأي الآخر.
عملية التطهير العرقي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ عقود على يد المحتل الصهيوني، والمحرقة والمقتلة التي تنفذها قوات الاحتلال في قطاع غزة منذ 92 يوماً لم تحرك مشاعر القادة الغربيين ولا إعلامهم الذى ينعت نفسه بالإعلام الموضوعي المحايد والمهني، وشاهد الجميع كيف يلفق هذا الإعلام ويزور الحقائق، فلم يشغله استشهاد أكثر من 22 ألف فلسطيني ، وعشرات الآلاف من الجرحي، في غضون 3 شهور، جلهم من الأطفال والنساء، بل راح لأبعد من ذلك في عملية فجة ووقحة في الانحياز السافر لقوات الاحتلال ولم يذكر كيف راحت هذه الدماء الذكية تحت القصف الهمجى البربري بالأسلحة المحرمة دولياً، وبات يبحث مع الاحتلال عن مبررات للمجازر التي يتعرض لها القطاع على مدار الساعة.
عشرات الآلاف من الأطفال الذين يصرخون يومياً أما بسبب حرق أجزاء من جسدهم أو بتر تعرضوا له، والأمهات اللاتي ينعينا أبنائهن أو فقدنهن، بعدما تهدمت منازلهم فوق رؤوسهم، لا تجد حظاً لدى الإعلام الغربي ولا قصور الحكم، مناشدات القادة العرب والمسلمين الذين اجتمعوا في القاهرة والرياض ومطالبهم بوقف هذه المجازر لم تحظى باستجابة لدى الغرب، مظاهرات الشعوب في مختلف دول العالم ضد مواقف حكوماتهم المتخاذلة مما يحدث، لم تعبر إلى دوائر صنع القرار وتؤثر فيها، كل هذا وأكثر جعل المواطن العربي وكل مدافع عن الإنسانية، يقف كثيراً أمام مزاعم الغرب الداعية للتحضر والتدمن والرقى وهلم جر من المصطلحات البراقة والخداعة.
عن أي تحضر يتحدث هؤلاء هل يتمثل ذلك في مص ثروات الشعوب واستباحة دمائهم وقتل أطفالهم ونسائهم وقصف المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس، والأطقم الطبية الميدانية وسيارات الإسعاف، ومنع الغذاء والدواء عنهم ، لدرجة وصل إليها قطاع غزة أن يقوم الأطباء بإجراء عمليات جراحية لأطفال ونساء دون تخديرهم لتكون آلامهم مضاعفة
السؤال الملح يتمثل في "هل لا تعلم الحكومات الغربية بكل هذه الجرائم البشعة وعمليات التطهير العرقى التي ينفذها الاحلال الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني؟"، والإجابة قطعاً لا، فكل وسائل الإعلام تعرض وتبث المجازر على الهواء المباشر، مئات الفيديوهات التي تظهر، جزء من جثث الأطفال والنساء والشباب والرجال التي تظهر تحت الركام وقد غطاها الغبار والدم المتجلط، عويل النساء الناجيات وبكاء الأطفال من شدة الإصابات التي تعرضوا لها من القنابل التي تسقط على منازلهم بشكل دائم ومستمر دون إنقاط، الجثث المنتشرة في كل مكان بشمال القطاع، كل هذا وأكثر من ذلك يشاهده العالم كافة ، ولكن ولأن أمريكا ترى أن ذلك أمر طبيعى لكل من يحاول القول أنهم عصابات دولية وليس مجتمع دولى، فستحق الشعب الفلسطيني هذا العذاب الآليم.
العرب وكما لم يتم الاعتراف بهم كبشر أو أن يكون لهم حق الفيتو في مجلس الأمن، لم يعترف ميثاق الأمم المتحدة أيضاً، بلغتهم العربية كما لو كان النصف مليار نسمة ممن يتحدثون هذه اللغة لا وزن لهم لدى الأمم التي زعمت أنها ترفع شعار السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة ، ونصت المادة 111 من ميثاقها على :" وضع هذا الميثاق بلغات خمس هي الصينية والفرنسية والروسية والإنجليزية والأسبانية، وهي لغاته الرسمية على وجه السواء ، ويظل الميثاق مودعاً، في محفوظات حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وتبلغ هذه الحكومة حكومات الدول الأخرى الموقعة عليه صوراً معتمدة منه".
أذا لماذا لا تعلن أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكل الدول التي تمول الاحتلال بالأسلحة والذخائر من أجل أسقاطها على رؤوس الأبرياء الذين يدافعون عن وطنهم، أن مفهم ومصطلح "إرهاب"، يكون لكل من تسول له نفسه أن يعارض سياسات الغرب المحتل لدول العالم الثالث كما يحلوا لهم تسميتنا، وأن مبدأ "حقوق الإنسان"، لا يسرى في المنطقة أو معطل لحين أو لا تتوافر في النصف مليار نسمة ممن يقطنون المنطقة العربية مواصفات الإنسانية وهم "حيوانات بشرية"، كما يردد يوآف جالانت، وزير دفاع الاحتلال الصهيوني وكافة القادة الإسرائيليين.
لا شك أن أمريكا والغرب يتفقون في الرؤية الصهيونية والدليل دعهم الواضح لها سياساً وعسكرياً واقتصادياً، بحجة حماية مصالحهم، أذاً أين المبادئ السامية التي تستخدموها في بلدانكم ألا نستحق نحن العرب أن نعيش بسلام ونحافظ على أوطاننا وننميها وندافع عنها في وجه كل محتل؟، أما أن هذه الشعارات الخداعة تستخدم كستار من أجل تدمير وقتل الشعوب وسحقهم واستخدام رفاة أجسادهم كزيت في إنارة الطريق للشعوب الغربية كي تستطيع العيش في رفاهة ورغد، وعليه لا تتعجب عندما يطلق الغرب ساسة وقادة وإعلاميون مصطلح الإرهاب على كل من يدعم ويساند المقاوم الذى يدافع عن وطنه وشرفه وأمته، ويمدح ويشيد بالقاتل المجرم بل ويمده بالسلاح والذخيرة لكى يواصل جرائمه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة