امل الحناوى

حكايتى مع الشُرطة

السبت، 20 يناير 2024 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للشرطة المصرية مكانة خاصة فى قلبي، أحترمها، أُقَدرها، أدعو لقيادتها وضباطها وجنودها بالتوفيق والسداد، أُشاركهم أعيادهم وأنا فى غاية السعادة، مثلما شاركتهم مِحنتهم وكُنت _ وقتها _ فى غاية الحُزن والأسي، فأنا مِثلى مثل جموع المصريين أخاف على شرطتنا من "الهوا الطاير"، أُريد سماع كل خير عنها، أتأثر بأى حدث أمنى عابر، شعرتُ بالضيق حينما سمعت أن نائب فى البرلمان تَعدى على ضباط وأفراد "كمين" ليلاً وأهانهم وقال لهم: إنتم ما تعرفوش أنا مين؟ أنا عندى حصانة برلمانية، شعرتُ بالقلق حينما عَلمت بأن مُمثلة _ درجة ثالثة _ تَعدت على كمين شرطة بالسب والقذف، وظلت تُلازمنى حالتى الضيق والقلق لوقتٍ طويلٍ، وطالبت بضرورة اعتذار النائب لضباط وأفراد الكمين بالكامل، مع رفع الحصانة عنه وتقديمه للمحاكمة، وأيضاً بضرورة اعتذار المُمثلة ومُحاكمتها.. فأنا أُدرِك أن قيمة الشرطة كبيرة، واحترامها واجب، والإساءة لها مرفوضة تماماً، لأن قيمة الشرطة لابد أن تكون كبيرة وعظيمة، ولا نسمح لأحد أن ينال منها.
 
لدى ثلاثة مواقف مع الشرطة بدأت منذ سنوات طويلة، مواقف عشتها وشاهدتها وسمعتها وعاصرتها.. ثلاثة مواقف مُختلفة تبدأ من مرحلة محاولة هدمها، مروراً بصمودها حتى شاهدتها مُتطورة ومُختلفة كل الاختلاف عن ذى قبل، اختلاف بَناء جداً ومُشرِف جداً.. وهذه المواقف تُمثل (حكايتى مع الشرطة) وهى: 
 
الموقف الأول: خلال أحداث 25 يناير 2011، كُنت أُدَقق النظر فيما يحدُث لأقسام الشرطة ومُديريات الأمن، فقد حَرَقها المُتطرفون، وأشعلوا فيها النيران، واقتحموا مقرات جهاز أمن الدولة فى كل المحافظات فى توقيت واحد، وقتها وَصفت ما حدث بأنه "خراب مِستَعجِل" ليس على شرطتنا فقط بل على مصر وأمنها وأهلها، ويا للحسرة، فقد تم هدم الشُرطة _ بِقَصد _ على يد المُتطرفين الفوضويين الكارهين لأمن واستقرار مصر، والذين أرادوا ضرب الشرطة فى مَقتَل حتى يُشَكلوا تنظيمات مُسلحة تابعة لهم وخاضعة لهم وتؤمر بأمر "المُرشِد"، كُنت أقول قول الله _ عز وجَل _ فى مُحكَم آياته فى سورة هود _ الآية 85 _ (وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ)، وأتساءل: كيف سيعيش المصريون وقد تم تدمير الشرطة (بنجاح)؟ آسفة، آسفة بجد على هذه الجُملة؛ فَمِن الأَولى لنا أن نقول: كيف سيعيش المصريون وقد تم تدمير الشرطة (بِحماقة)؟ 
 
الموقف الثانى: ويُمثل مرحلة الصمود بعد ثورة 30 يونيو 2013، طار عقلي فى إحدى الليالي التى لا أنساها حينما شاهدت تفجير مديرية أمن القاهرة والمبنى مُنهار، وقتها أدركت أن رجال الشرطة أمامهم مُهمة وطنية سيُجزون عليها أحسن الجزاء، لأنها أشرف المهام وأعظمها وهى حماية مصر من إرهاب غاشم أعمى يريد الهدم فقط.. أصابنى الحُزن حينما تم تفجير مديرية أمن الدقهلية، وشاهدت نصف مبنى المديرية سَقط، واستُشهد عدد كبير من أبنائنا الضباط والجنود، وأعترِف بأننى عِشتُ أياماً عصيبة وليالي كئيبة، وكُنت أعلَم أن رجال الشرطة مُناضلون وفدائيون وعلى قدر المسئولية وعلى استعداد للتضحية من أجل أن تَنعَم مصر وأهلها بالأمن والأمان، كُنت أثق في رجال الشرطة وأشدُ على أيديهم وأشجعهُم وأدعو لهم لكى يُواصلوا عمليات النضال والفداء، لكننى _ بصراحة _ كُنت مذهولة من صمود شرطتنا وبسالتها، فقد تَصَدوا للإرهاب وفَتتوا التنظيمات الإرهابية، وقضوا عليها وحققوا نجاحات أمنية تُسطر فى كُتب التاريخ وتُشرِف جهاز الأمن المصرى، وتجعلهم يرفعون رؤوسهم ويتفاخرون بما حققوه لأنفسهم ولوطنهم.
 
الموقف الثالث: حينما ذهبت لقسم شرطة المعادى الشهر الماضى، ما شاء الله، المُعاملة تغيرت تماماً، المواطنون مُتعاونون مع قسم الشرطة، ضباط الشرطة الشباب _ زى الورد _ يتعاملون بهدوء وتواضُع وذكاء واحترافية شديدة وشعرُت بتغيُر غير طبيعى فى تعاملاتهم مع القضايا الجنائية، ونشاطهم ومجهودهم واضح جداً.. وشاهدت تحولا رقميا فى كل قطاعات وزارة الداخلية، فى "الجوازات" سهولة إجراءات مُلفِتة، "الأحوال المدنية" تُقدِم خدمات مُميكنة رائعة، ذات يوم اتصلت بـ"شرطة النجدة" فكانت دهشتنى حينما وجدت ضباط وأفراد شرطة النجدة تحت بيتى بعد مرور 3 دقائق فقط، فى إحدى المَرات كُنت أسير بسيارتى فى شارع التسعين فى منطقة التجمُع واضطررت للاستعانة بكمين شرطة يقف فى أول الشارع، ومشكورين كانوا مُتعاونين جداً، وأتت سيارة الشرطة معى حتى وصلت لمكانى، وقدمت لهم الشكر على مُروءتهم ولباقتهم ولياقتهم.
 
ونحن الآن بِصَدد الاحتفال بـ"عيد الشرطة" المجيد، لا يَسعنى إلا أن أُقَدِم التهنئة لضباط مصر البواسل الذين صانوا العهد، وأبلوا بلاء حسناً، وحَملوا المسئولية، وكانوا خير سَند للدولة المصرية وشاركوا فى حمايتها من التطرف.. ولا يَسعنى _ أيضاً _ إلا أن أقرأ الفاتحة لكل شهيد ضحى بحياته من أجل مصر، ولا يَسعنى إلا أن أُقدِم وردة بيضاء لكل ضابط يقف فى كمين ليلاً ويعمل من أجل أمن واستقرار أُم الدنيا بلدى الحبيبة "مصر" .. كل عام وشرطة مصر بخير ، كل عام ونحن نقول لزائرى مصر (ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَٰمٍ ءَامِنِينَ).
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة