الجريد فى إيده تحف فنية.. محمود بيومى 53 سنة فى صناعة الأثاث من الجريد.. مهارة تعلمها طفلا فى قرية أم خنان ومنها صدر منتجاته لأوروبا والخليج.. قائمة منتجاته تشمل غرف نوم كاملة.. ويؤكد: علّمت المهنة لكثيرين

السبت، 20 يناير 2024 09:30 م
الجريد فى إيده تحف فنية.. محمود بيومى 53 سنة فى صناعة الأثاث من الجريد.. مهارة تعلمها طفلا فى قرية أم خنان ومنها صدر منتجاته لأوروبا والخليج.. قائمة منتجاته تشمل غرف نوم كاملة.. ويؤكد: علّمت المهنة لكثيرين محمود بيومى صانع الأثاث من جريد النخيل
كتبت - مرام محمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

ما أن تزور قرية أم خنان بمدينة الحوامدية، وتجول في أزقتها وحواريها حتى تلفت مسامعك أصوات طرق قوية ذات إيقاع ثابت تتداخل نغماتها بصوت ديك شجي يكسر صمت الصباح.. واجهة يحلو استكشافها سيرًا على الأقدام، مهما مشيت لا تكف أصوات الطرق وكأنها في عزف مستمر، بالاقتراب خطوة تلو الأخرى ينكشف مصدر الصوت المنبعث، إذ بها ورشة عريقة تسرد تاريخًا يعود جذوره لعشرات "السنين"، يزاحمها أعواد جريد النخيل ومطارق ومسامير حديدية وسكين ومن بينها يجلس رجلًا ستينيًا بأناقة يمسك بين أصابع قدميه على قرمة من الخشب مثبتة بالأرض عود صغير من الجريد، يدقه و"يخرمه" بمقاسات ثابتة ومحسوبة، وبطرقات واثقة يواصل ما بدأه.. عودًا تلو الآخر، وما هي إلا لحظات ويشكل منهم أعمالًا فنية تسلب عقلك بدقتها وجمالها.
 
تصنيع كرسي من جريد النخيل
تصنيع كرسي من جريد النخيل

صانع منتجات الجريد محمود بيومي
صانع منتجات الجريد محمود بيومي
 
كفاح خطاه محمود بيومي صاحب الـ63 عامًا منذ أكثر من خمسين عامًا وظل متمسكًا به حتى وقتنا هذا دون كلل أو ملل؛ ليحافظ على مهنة عريقة شارفت على الاندثار، حيث تعلمت يداه فنون جريد النخيل منذ أن كان طفلًا وأتقن صنعتها وطوّر منها حتى تنوعت منتجاته من الجريد وتوسع في الإنتاج وتميز بمنتجات فنية شكلها من الجريد قلما تجدها، ذاع صيته في مصر وخارجها وأصبحت ورشته قبلة للعرب والأجانب، محافظًا على إرث قريته التي اشتهرت على مدار سنوات طويلة بحرفة القفّاصة والصناعات المرتبطة بجريد النخيل.
 
تصنيع منتجات الجريد
تصنيع منتجات الجريد

صانع منتجات الجريد
صانع منتجات الجريد
 
وبينما كان منسجمًا في تشكيل أعواد الجريد، تارة ينسجها في اتجاه عمودي وتارة يختار لها شكلا أفقيًا، قال "محمود" إنه تعلم المهنة في العاشرة من عمره، وذلك في الوقت الذي كان يتخذ فيها الكبير والصغير من أبناء القرية "القفّاصة" مهنة له، ومع مرور الوقت امتهنها وأتقنها، بدأ رحلته بتصنيع أقفاص الفاكهة والخضر والخبز والطيور، استمرَّ في تصنيعهم لمدة عشر سنوات، ومن بعدها وحتى الآن اتجه لتصنيع الكراسي والطاولات والأسرة أي لما يقرب من 40 عامًا: "ما كنش عندي مجال تاني.. الكل كان شغال في المهنة دي، كان كل بيت فيه خمسة ستة بيشتغلوا في الجريد، اتعلمتها مع زمايلي في ورش، وكنت بتضرب عشان أتعلم بس كنت بتحمل عشان غاويها وبحبها، كبرت فيها واتعلمتها والحمدلله أتقنتها وطورّت من فنونها".
 
محمود بيومي يصنع منتجات الجريد في ورشته
محمود بيومي يصنع منتجات الجريد في ورشته

ورشة محمود بيومي
ورشة محمود بيومي
 
تشتهر قرى محافظة الجيزة، ومنها القرى التابعة لمراكز ومدن الحوامدية والبدرشين والواحات البحرية بزراعة النخيل وما يرتبط بها من صناعات خاصة الجريد: "منطقتنا فيها نخل كتير وصنايعية.. أم خنان والقرى الخمسة اللي حواليها ومنها المرازيق وسقارة كلها نخيل بناخد كفايتنا منهم من الجريد وفي الصيف لما الجريد يشح بنشتريه من الواحات وقبلي"، مضيفًا: "النخلة بأنواعها -ومنها السيوي والحياني والزغلول- رزق وخير، تعطينا التمور والجريد بمختلف أنواعهم، بالإضافة إلى الخوص والليف، وكل حاجة منهم بنستخدمه في صناعات يدوية مختلفة"، وفي الآخر الكل بيُرزق وياكل عيش من زراعة النخيل، والحمدلله".
 
ثقب أعواد الجريد
ثقب أعواد الجريد

محمود بيومي صانع منتجات جريد النخيل
محمود بيومي صانع منتجات جريد النخيل
 
خطوات متتالية لتصنيع الأثاث من جريد النخيل، تبدأ باعتلاء النخلة وتقطيع الجريد وتهذيبه من السعف ثم تجفيفه وتقطيعه لأطوال مختلفة ومن بعدها تثقيبه وتركيبه: "صاحب المزرعة بيبيع الجريد لعمال تقطيع الجريد، وبعدها ياخدوه يقطعوه ويقشروه ويحملوه للمناشر وأنا أروح أشتريه منهم، وبعدها أسيبه يذبل ويستوي 15 يوم في الصيف وشهر في الشتاء، وبعدها تتوالى المراحل ما بين تقطيع الجريد لأطوال مختلفة وتقشيره وتنظيفه وتخريمه وتجميع الأعواد مع بعضها وتشكيلها لإنتاج العمل الفني المطلوب سواءً كرسي عادي وكرسي سفرة أو أنتريه أو كنبة أو ترابيزة أو سرير أو غرف نوم كاملة أو أباجورات وغيرها على حسب الطلب، والنوع الواحد بصنعه بأحجام وأشكال مختلفة مع إضافة لمسات فنية وإبداعية عليها"، مشيرًا إلى أن زبائنه من المصريين والعرب والأجانب دومًا ما يطلبون منه قطعًا ذات تصميمات مختلفة وجديدة ومميزة يُمكن استعمالها كديكور أو بشكل شخصي في الجلوس والنوم.
 
أدوات تصنيع منتجات الجريد
أدوات تصنيع منتجات الجريد

محمود بيومي
محمود بيومي
 
أدوات بسيطة تتنوع ما بين سكين وأدوات تخريم يعتمد عليها "القفّاص" ليخرج من بين أنامله منتجات وتحف فنية مصنوعة من الجريد: "شغلنا بيعتمد على "السلاح" وهو نوع معين من السكاكين، باستخدمه فى تقطيع الجريد، و"مسمار علام" أحدد به أبعاد ومسافات الثقوب، وخشبة للدق، ولقط بأحجام مختلفة للتخريم".
 
عرض منتجات محمود بيومي في القرية العالمية بدبي
عرض منتجات محمود بيومي في القرية العالمية بدبي

محمود بيومي وزبائنه من الأجانب
محمود بيومي وزبائنه من الأجانب
 
ذاع صيت "محمود" داخل مصر وخارجها، فزبائنه من مختلف المحافظات ومنتجاته تصدر إلى دول الخليج وأوروبا، ففي بداياته سافر للعديد من الدول العربية، عمل ونجح فيها وأنتج منتجاته من الجريد وعلمَّ الكثيرين هناك أصول المهنة: "شغلي بيروح معظم المحافظات وبيطِّلب في دول الخليج وأوروبا.. سافرت الإمارات والسعودية والعراق والأردن، اشتغلت فيهم وعلِّمت المهنة لناس كتير وشاركت في معارض، ومازالت حتى الآن بتعلِّم كل ما يمكن إضافته للمهنة لتطويرها ومواكبة الحداثة والتجديد، ولسة بعلِّم فنون المهنة لناس كتير منهم طلبة فنون تطبيقية".
 
صناعة منتجات جريد النخيل في قرية أم خنان
صناعة منتجات جريد النخيل في قرية أم خنان

محمود بيومي يصنع الأثاث من الجريد
محمود بيومي يصنع الأثاث من الجريد
 
لا يكترث محمود بيومي بالتطورات الحديثة التي طرأت على المجال والتي أثرت بالسلب على الصناعة، أو لما يبذله من جهد وعمل وشقاء في مراحل التصنيع، فلا يزال يحافظ على أصول مهنته العتيقة من الزوال، والتي خاض غمار رحلتها منذ الصغر وفنى أعوامه محافظا عليها ومجددا فيها: "المهنة حياتي، عشت عمري فيها باشتغل واكافح وابدع، وفخور بشغلي وباللي حققته.. الأجانب لما بيشوفوا الشغل بيفرحوا وينبهروا ويطلبوه ليهم ولغيرهم، متابعًا: "الحمدلله علمت وكبرت عيالي منها وبجدد نشاطي وبطوَّر دايمًا من شغلي سواءً بأنواع المنتجات أو التصميمات نفسها، وبدأت أدمج خامات تانية مع الجريد في التصنيع زي الخشب عشان أحافظ على المهنة وأواكب السوق واحتياجات الزبائن، ولازم القفاص يقدر شغله ويعرف قيمة نفسه".
 
أثاث مصنوع من الجريد
أثاث مصنوع من الجريد

أثاث من جريد النخيل
أثاث من جريد النخيل

أرجوحة من جريد النخيل
أرجوحة من جريد النخيل

منتجات محمود بيومي
كرسي من جريد النخيل

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة