تشكلت المنظمات الدولية بعد انتهاء الحرب وتشكل النظام الدولي وتم وضع القواعد والقوانين الدولية الحالية من قبل الدول المنتصرة في الحرب، وكان للدول الكبرى منها الكثير من المميزات بحكم القانون.
وتم تشكل النظام الدولي في شكل ثنائي القطبية تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها معسكرها الغربي "حلف الناتو" ويقوده على الجانب الآخر الاتحاد السوفيتي، ومعه معسكرها الشرقي "حلف وارسو"، وبين المعسكرين وجدت منظمة دول عدم الانحياز وضمت باقي دول العالم.
ومع التنافس بين المعسكرين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي على قيادة العالم، كان يتم التعاطي مع القضايا المحلية والإقليمية والدولية في المنظمات الأممية وفق رغبة القوتين العظميين لتمتعهما بالنفوذ الدولي وحق النقض الفيتو.
وعانت ولازلت دولنا العربية من الانحياز الغربي في الصراع العربي الإسرائيلي، فقد صدرت العديد من القرارات الدولية لصالح فلسطين في صراعها مع إسرائيل، وأوقفتها الولايات المتحدة الأمريكية بما تمتلكه من نفوذ دولي، وامتلاكها حق النقض الفيتو وكانت الدول العربية تعتمد على المعسكر الشرقي في دعم القضايا العربية وفي كافة المجالات ومنها التسليح والتكنولوجيا.
وبعد انهيار المعسكر الشرقي وتفكك الاتحاد السوفيتي إلى عدة دول تفردت الولايات المتحدة الأمريكية ومعسكرها الغربي بقيادة العالم، وفق مصالحها المنفردة، وخاضت عدة حروب في أفغانستان والعراق، ودعمت الثورات المسلحة في منطقتنا العربية بدعوى الديمقراطية وحقوق الإنسان في إطار ما أطلقت علية الشرق الأوسط الجديد لبسط نفوذها كقطب وحيد قائد للنظام الدولي.
ومع تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئاسة روسيا وسعيه مع الصين لإنشاء نظام دولي متعدد الأقطاب، دعمت الولايات المتحدة الأمريكية أوكرانيا، ووافقت على انضمامها لحلف الناتو، وفي ذلك تهديد مباشر للأمن القومي الروسي، مما أشعل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وقامت الولايات المتحدة الإمريكية ومعسكرها الغربي بدعم أوكرانيا اقتصاديا وعسكريا بغرض استنزاف الاقتصاد الروسي وإطالة أمد الحرب، وتم تطويع المنظمات الأممية لإدانة روسيا، وتم تصوير الأمر على أنه دفاع شرعي لصالح أوكرانيا ضد الاحتلال الروسي، وتمت إدانة روسيا وإصدار قرارات من المحكمة الجنائية الدولية ضد القادة الروس ومنهم الرئيس الروسي نفسه.
وعلى الجانب الآخر في الصراع العربي الإسرائيلي، بالرغم أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعسكرها الغربي من الدول الفاعلة التي وضعت قواعد وقوانيين النظام الدولي وفي ازدواجية للمعايير الدولية لاتطبق هذه القوانين على كل ماهو عربي في حال كان المعتدي هو إسرائيل.
فوفق القوانين الدولية إسرائيل دولة احتلال والشعب الفلسطيني من حقه مقاومة الاحتلال بكافة الوسائل من أجل الاستقلال وإقامة دولته على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية، في إطار حل الدولتين وفق القرارات الدولية والاتفاقيات الدولية بين السلطة الفلسطنية وإسرائيل برعاية الرباعية الدولية، وأبرزهم الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن المدهش والعجيب أن إسرائيل تم إعلانها كدولة وفق قرار دولي وفي نفس التوقيت ترفض هي وداعموها وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذ القرارات الدولية الصادرة لصالح فلسطين المحتلة، ويطلقون على أعمال المقاومة الفلسطينية إرهاب، ويدعمون إسرائيل في حرب الإبادة الجماعية والهلوكست الإسرائيلي ضد الفلسطينيين الموثقة بالصوت والصورة.
ورب ضارة نافعة فقد سقطت ورقت التوت أمام المواطن العربي في نظرته للقوى الكبرى حول العالم التي ترفع شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأدرك الجميع أن تلك الشعارات لا تطبق على الدول العربية، وأصبح في يقين الجميع أن كل ما يطلق من شعارات هدفها تفتيت الدول العربية تحت شعار أخلاقي يحفظ ماء الوجه للقوى الكبرى.
واليوم في عصرنا الحالي جميع القيم الغربية من حرية و ديمقراطية وحقوق الإنسان فقدت معناها بين شعوب العالم الحر، وحدث انفصال بين الحكومات الغربية وشعوبها، وأصبح الانحياز الأمريكي والغربي بالسلاح والمال وباستخدام حق النقض الفيتو ضد وقف المجازر الإسرائيلية ضد الأطفال والنساء والمدنيين حديث الساعة بين البسطاء من الناس، وأصبحت جميع شعوب العالم تترقب وتنتظر محاكمة قادة إسرائيل على تلك الجرائم العنصرية والتي تمثل إبادة جماعية وفق القانون الدولي الإنساني.
وهناك دعوى مقامة ضد قادة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، ولازالت إسرائيل دولة الأكاذيب والأوهام تتدعي كذبا أن الجانب المصري هو من يمنع دخول المعونات إلى غزة عبر معبر رفح، رغم أن الواقع والحقيقة تؤكد أن المعبر مفتوح من الجانب المصري على مدار 24 ساعة، وأن من يعيق دخول المساعدات هو الجانب الإسرائيلي، وكافة المنظمات الأممية حاولت الضغط على إسرائيل من أجل تمرير المساعدات وبالرغم من امتلاك إسرائيل للعديد من المعابر مع غزة إلا أنها تعتمد في أكاذيبها على الانحياز الأمريكي والغربي.
فهل تفعلها المحكمة الجانئية الدولية وتدين قادة إسرائيل في جرائم الحرب التي ارتكبتها في غزة ومؤثقة بالصوت والصورة انه اختبار حقيقي للقيم الغربية.
وفي الختام أقولها للشعب الفلسطيني توحدوا يرحمكم الله تعالى، واجعلوا فلسطين أولا واعلموا أن الشهادة دفاعا عن الوطن أعلى مراتب الإيمان، واعلموا أنه لن يضيع حق وراءه مطالب، وأنكم على الحق المبين، وأن التاريخ علمنا أن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.. دمتم في حفظ الله تعالى دمتم يد واحدة وشعب واحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة