في إحدى قرى بلقاس بمحافظة الدقهلية وفي عام 1931 ولد إبراهيم الرفاعي وفي مرحلة فارقة من تاريخ مصر التحق بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1954، حيث كانت أولى المعارك التي يشارك بها معركة بورسعيد حين شارك أهلها في الدفاع عنها في العدوان الثلاثي، وهي المعركة التي كان لها أثر كبير على تكوينه، فقد كان واحدا من مدرسي مدرسة الصاعقة، لكن هذه المعارك جعلته يعي تماما أن مكانه الدائم هو خلف خطوط العدو.
بعد يونيو 1976 كان الرفاعي قد صقل خبراته في ذلك النوع من المعارك، وكان وجوده في قيادة عمليات الصاعقة يسمح له بانطلاق خياله لتنفيذ عمليات كان الكثيرون يرونها ضربا من الجنون، لكنه كان يتعامل معها بوصفها عمله الروتيني الذي لا يهدأ إلا بعد إتمامه على الوجه الأكمل، ففي يوم 5 أغسطس 1968 بدأت قيادة القوات المسلحة في تشكيل مجموعة صغيرة من الفدائيين للقيام ببعض العمليات الخاصة في سيناء، باسم فرع العمليات الخاصة التابعة للمخابرات الحربية والاستطلاع، كمحاولة من القيادة لاستعادة القوات المسلحة ثقتها بنفسها، والقضاء على إحساس العدو الإسرائيلي بالأمن، وقد وقع الاختيار على إبراهيم الرفاعي لقيادة هذه المجموعة، فبدأ على الفور في اختيار العناصر الصالحة.
بدأ الرفاعي عمل هذه المجموعة فورا بنسف مخازن الذخيرة التي خلفتها القوات المصرية وراءها في سيناء، وقطار للعدو في الشيخ زويد، وكانت هاتان العمليتان باكورة بطولات المجموعة 39 قتال التي جعلت رأس النمر شعارا لها، وهي المجموعة التي بثت على مدار السنوات التالية الرعب في قلوب العدو وجنوده، حتى أنهم صاروا يعرفون الرفاعي بأنه المرعب، كما تناقلت أخباره ومجموعته الرهيبة وحدات القوات المسلحة، حيث لم يكن عبوره هو الخبر، إنما كانت عودته دائما هي المفاجأة، فقد كانت عملياته تحقيقا لخيال مقاتل مبدع.
في مطلع عام 1968 نشرت إسرائيل مجموعة من الصواريخ لإجهاض عملية البناء التي تقوم بها القوات المصرية وكان تخفيها بكل الوسائل الممكنة، وكان الطلب المباشر الذي طلبه الشهيد عبد المنعم رياض من إبراهيم الرفاعي شخصيا هو إحضار صاروخ من هذه الصواريخ لدراسته، مع اعتبار هذا الطلب ضربا من المستحيل أصلا.
وفي خلال أيام قلائل عبر الرفاعي ورجاله قناة السويس وبأسلوبه السريع الصاعق استطاع أن يعود بثلاثة صواريخ وليس واحدا، وأحدثت هذه العملية دويا هائلا في الأوساط المصرية والإسرائيلية على حد سواء، حتى أنه تم على إثرها عزل القائد الإسرائيلي المسئول عن قواعد الصواريخ.
وكان مجموعة الرفاعي هي التي قامت بعملية الثأر لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض، في عملية تم التخطيط لها على مهل لتتم في اليوم الأربعين لاستشهاده، ومن النقطة نفسها التي أطلقت مدفعيتها عليه، حيث عبر الرفاعي القناة واحتل برجاله موقع المعدية 6 الذي أطلقت منه القذائف التي كانت سببا في استشهاد الفريق رياض وأباد كل من كان في الموقع من الضباط والجنود البالغ عددهم 44 عنصرا إسرائيليا.
وقد هال إسرائيل ما فقدته إثر هذه العملية، لدرجة أنها تقدمت باحتجاج إلى مجلس الأمن في 9 مارس 1969 يفيد بأن جنودهم قُتلوا بوحشية، ولم يكتف الرفاعي بذلك بل رفع العلم المصري على حطام المعدية 6 بعد تدميرها، وكان هذا العلم يرفرف لأول مرة على القطاع المحتل منذ 67 ليبقى مرفوعا قرابة الثلاثة أشهر.
كان أسد سيناء الذي بث الرعب في قلوبهم، عبر أكثر من 40 عملية قام بها بنفسه وسط جنوده، حتى نال شهادته في 19 أكتوبر 1973 ليلاقي ما كان يتمناه طوال حياته.
أتساءل إذن بعد كل هذا، هل يعرف أولادنا عن هذا البطل شيئا، ألا يستحق مثل هذا البطل أن يصير قدوة لأبنائنا وأن نعلمهم كيف يكون الإخلاص لهذا الوطن.
وللحديث بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة