ظلت الملكة حتشبسوت بعيدة عن تولى عرش البلاد بصفة حقيقية طوال مدة حكم زوجها "تحتمس الثانى"، وسبعة أعوام من حكم ابن زوجها "تحتمس الثالث"، وعندئذ كانت قد أحكمت قبضتها واعتلت عرشَ البلاد مدة ثلاثة عشر عامًا انزوى خلالها "تحتمس" الثالث، فلم يسمع عنه التاريخ إلا فى مناسبات قليلة.
وللملكة قطعة أثرية وهى عبارة عن رأس كانت جزءا من تمثال فى هيئة المعبود أوزير من الحجر الجيري الملون، حيث تم تصوير الملكة بهيئة ذكورية بعرض 55 سم، وارتفاع 61 سنتيمتر، عثر عليها فى الدير البحرى.
ومن الجائز أن "حتشبسوت" من جهتها قد أقنعت الشعب بأنها بنت الإله "آمون" نفسه من جهة، وأن والدها قد نصبها على عرش البلاد من جهة أخرى، وجعلها وارثته الشرعية، وقد حاكَ خيالُ الكهنة قصةً طريفةً لذلك قد يكون في ثناياها شيء من الحقيقة، ومن المحتمل أن "حتشبسوت" قد أذاعتها قبل اغتصابها العرش مباشرة، لتكون بمثابة دعاية، وقد نقشتها على جدران معبدها "بالدير البحري" الذي يعد بناءً فريدًا في بابه، نقشت عليه "حتشبسوت" كل تاريخ حياتها.
وقد أرادت الملكة بعد ذلك أن ترضى أهواء شعبها ولعلها أرادت أيضا أن تشبع رغبة كامنة فى صدرها، فعملت على أن ترسم على الآثار فى صورة محارب ملتح ومع أن النقوش الباقية من عهدها تتحدث عنها بضمير المؤنث، فإنها تسميها "ابن الشمس" و "سيد القطرين"، وكانت حين تظهر أمام شعبها تلبس ملابس الرجال، وتلتحى لحية مستعارة.
ولعلها كان من حقها أن تقرر بنفسها أن تكون رجلاً أم امرأة، وذلك لأنها أضحت من خير الحكام الذين جلسوا على عرش مصر- وهم كثيرون - ومن أعظمهم نجاحاً، فقد وطدت دعائم الأمن والنظام فى داخل البلاد من غير أن تسرف فى الاستبداد، وحافظت على السلم فى خارج مصر، من غير خسارة وأرسلت بعثة عظيمة إلى بونت "، وافتتحت سوقا جديدة لتجارة مصر، وجاءت بكثير من الطيبات لشعبها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة