كان من أعظم ما يهتم به الفنان المصرى القديم بعد الانتهاء من عمل تمثاله أن يلونه بالألوان التى كان مصطلحًا عليها فى عهد الدولة القديمة.
وكان هناك سمات معينة يستخدمها الفنان المصرى القديم خلال صنع تماثيله، فكانت البشرة عند النساء تلون باللون الأصفر، أما الرجال فكانت بشرتهم تلون باللون الأحمر القاتم، والشعر المستعار كان لونه أسود فاحمًا، والملابس لونت فى معظم الأحيان باللون الأبيض، أما المجوهرات التى كان يتحلى بها الرجال والنساء على السواء كالقلائد، والأساور، والحجول، فكانت تلون بألوان مختلفة أهمها الأزرق المائل للخضرة لتحاكي لون الفيروز، واللون الأحمر الباهت ليمثل لون الكرنلين، والحزام الذي كان يلبسه التمثال كانت ألوانه مختلفة تدل على حسن ذوق وانسجام في تركيب الألوان، كما قال الدكتور سليم حسن بموسوعته مصر القديمة.
وأحسن أمثلة لدينا في تلوين التماثيل يحتمل أن يكون تمثال "رع حتب" وزوجته "نفرت" المحفوظان بمتحف القاهرة، وقد كان من الصعب جدًا تمييز نوع الحجر الذي عمل منه التمثال عندما يكون التلوين متقنًا، على أن الدقة في نحت التمثال المصنوع من الحجر الجيري الأبيض كان يغطي عليها أحيانًا بالتلوين.
ويقول الدكتور سليم حسن: يرى فنانو عصرنا في تلوين التماثيل القديمة أن المصري كان لا يتذوق فنه، ولا يقدره، ولا نزاع في أن المثال المصري في ذلك العصر لم يكن يحسب حساب التقدير الفني لتمثاله، وذلك لأنه رجل حقائق، جل همه أن يبرز قطعته الفنية حسب أفكار ذاك العصر، أي أن كل غرضه أن يحصل للرجل الذي يمثله على صورة حياة مستقبلة هنيئة، فكان لزامًا عليه أن يجعل صورته طبقًا للشخص لتحل فيه روحه المادية بعد الموت، ومن أجل ذلك كان تلوين التمثال ضروريا، فإذا وضع اللون في ذلك الوقت بذوق يخالف ذوق عصرنا في استعمال الألوان فإنه كان على أية حال يقوم بأداء ما تطلبه عين الرجل المصري وعقله حتى يصير تمثال الرجل أو المرأة صورة كاملة. على أنه رغم ذلك لم يكن يوضع إلا النزر اليسير من هذه التماثيل في حجر المقبرة أو المعبد المكشوفة، بل بالعكس معظم هذه التماثيل في الدولة القديمة كانت توضع في السراديب فلا يراها أحد بعد ذلك.
ومن المدهش أن بعض التماثيل التي كانت تصنع من الجرانيت، والشيست، والإردواز، قد لوحظ فيها بعض الألوان، وبخاصة حول العينين وفي تخطيط الشارب أي أن التلوين وصل إلى هذه التماثيل أيضًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة