بداية نعلم جميعا أن الأمىّ هو من لا يعرف القراءة والكتابة، وهذا التعريف استقر في أذهاننا وثقافتنا كثيرا، لكن فى ظل عصر الحداثة أصبحت كلمة أُميّ تطلق على من لا يجيد مثلا التعامل مع الحاسب الآلى أو الهاتف المحمول أومن يجهل استخدام التقنيات الحديثة، لكن دعونا نسلط الضوء أكثر عن استخدام الهاتف المحمول كنموذج لأنه هناك كارثة تتعلق بهذا الأمر في ظل التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعى بعد أن أصبح الجميع يستخدمها دون فرق - الفلاح في حقله والبائع في متجره والطالب في مدرسته وحتى الطفل في حضانته – فلا فرق بين غنى ولا فقير ولا صغير وكبير ولا رجل وامرأة، الكل يمتلك الهاتف وله صفحة أو حساب على موقع من مواقع التواصل الاجتماعى، لكن السؤال كيف يكون الاستخدام؟
لذا، فاعتقادى، أن الأمىّ الحقيقى هو من يستخدم هذه التكنولوجيا ويتعامل على مواقع التواصل الاجتماعى وهو جاهل بحجم أضرارها وسلبياتها فيقع في المحظور وكأنه أعمى لا يرى أو جاهل لا يعرف القراءة والكتابة..
نعم هذا هو الأمى الحقيقى، فكم من البيوت هُدمت، وكم من البيوت باتت آيلة للسقوط وكم من الأسر أصبحت في مهب الريح وكم من الأطفال شردت بسبب عدم تقدير المخاطر والجهل باستخدام الهاتف المحمول – مثلا - الذى أصبح في يد الفقير والغنى، في يد المتعلم وغير المتعلم.
ظنى، أنه من الجهل أن نزرع شجرة في أرض ليست مؤهلة لنموها، لذلك يجب أن يتأهل المجتمع توعويا ويؤهل أفراده تعليميا وثقافيا ثم تأتى التكنولوجيا، لأنه لو أتينا بالتكتولوجيا ونحن نعانى من قلة الوعى فالتكنولوجيا ستصبح عبئا كبيرا، وتكون سببا في التدمير فتفسد الأخلاق وتدمر العقول وتُساهم في إشاعة الفساد.
لذا، فإن الأمى في زمن التكنولوجيا هو الفاقد إلى الوعى والثقافة والمسئولية الأخلاقية والعلم بخطورة وسائل الحداثة، فما نراه على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى من خراب البيوت ومن كوارث أخلاقية ومن مشاركة شائعات وتصديقها ومن عرض مشكلات زوجية وعائلية جهارا ومن تسابق الجميع على امتلاك التكنولوجيا رغم العجز المادى والمعرفى والتأهيل..
أخيرا.. ندعو كل من هو معنى بالأمية في المجتمع- مؤسسات ومجتمع مدنى وإعلام وأفراد – يجب وسريعا إعادة النظر في تعريف المصطلح والمفهوم وتحديد آليات التعامل بشكل يتواكب مع الظاهرة لنتمكن من معالجة المشكلة من جذورها، فالأمية – يا سادة - في السابق غير ما هي عليه الآن في زمن الحداثة والتكنولوجيا.. فعلينا أن نتخطى مفهوم وتعريف الأمية بأنها عدم القدرة على الكتابة والقراءة أو الأمية الأبجدية، إلى تعريف ومواكبة جديدة، لأنه بات من المهم أن تتوافق التكنولوجيا مع عادات وتقاليد المجتمع وتفهم احتياجاته بهدف تحديث المجتمع وتطوير أدائه دون الطعن في ثوابته وقيمه.. وإلا سنكون أمام طامة كبرى مستقبلا..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة