لم يتخيل أهل الصعيد أنهم سيصلون "مصر" يومًا دون أن يستقبلهم خليط العابرين، وضجيج البائعين، ولافتات الفنادق المتواضعة مع أول خطوة لمحطة رمسيس، فعندما يتم تشغيل المحطة الجديدة فى بشتيل عند الطرف الآخر من الجيزة، سيكون على هؤلاء تكوين ذاكرة جديدة عن العاصمة التى كانت تستقبلهم بقسوة تتحول لارتياح بعد صلاة فى مسجد "الفتح" ووجبة شهية من مطاعم أم الدنيا، لأن الجميع يحمل نفس القدر من خوف الغريب من إغواء المحروسة، كما شاهدها فى التلفزيون أو سمعها من ثرثرة العائدين. وظل "ميدان رمسيس" لسنوات طوال يمثل لسكان الأرياف نقطة فاصلة بين عالمين، ويبدو معها القطار كفجوة زمنية تشتعل فيها قصص الحب وتنتهى عند المحطة الأخيرة، وتبدأ بعدها مشاوير النجاح وعذابات الخذلان، عمومًا هذه ضريبة التطور، فالحياة عندما تمضى لا تهتم بما قد يفقده البشر من ذكريات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة